اقتصادتقارير

ارتفاع غير مبرر في أسعار الذهب في مصر يتسبب في أزمة اقتصادية خانقة

شهدت أسعار الذهب في مصر ارتفاعاً غير مسبوق، حيث سجلت أسعار عيارات الذهب في محلات الصاغة أرقاماً قياسية لم تشهدها البلاد منذ فترة طويلة، ويبدو أن هذا الارتفاع المفاجئ لم يكن سوى نتاج تلاعبات وقرارات فاشلة من الحكومة المصرية التي ظلت عاجزة عن اتخاذ تدابير فاعلة لمواجهة هذا التضخم المستمر.

هذا الارتفاع جاء نتيجة للزيادة الأخيرة في أسعار الذهب العالمية والتي كانت أحد الأسباب في ارتفاع الأسعار في الأسواق المحلية. ومع أن هذا السبب العالمي يبدو منطقياً، إلا أن التقاعس الحكومي في التعامل مع هذه الزيادة كان هو العامل الرئيسي في تحميل المواطن المصري المزيد من الأعباء الاقتصادية.

من خلال المتابعة اليومية لأسعار الذهب في محلات الصاغة، تبين أن سعر جرام الذهب عيار 24 قد وصل إلى 4297 جنيهاً، وهو رقم يثير الكثير من التساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على ضبط أسعار الذهب أو اتخاذ إجراءات لمنع هذه الزيادة المستمرة.

وإذا تم إضافة المصنعية على هذا الرقم، يصبح السعر الإجمالي 4380 جنيهاً للجرام الواحد، ما يعكس أزمة حقيقية في قدرة المواطنين على الشراء في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة. أما عن الذهب عيار 21، الذي يعد الأكثر رواجاً في السوق المحلي، فقد وصل سعره إلى 3760 جنيهاً للجرام، ليصل سعره مع إضافة المصنعية إلى 3950 جنيهاً، وهو ما يجعل الذهب أبعد عن متناول غالبية المواطنين الذين باتوا يعانون من زيادة غير مبررة في الأسعار.

إن هذه الزيادة المستمرة في أسعار الذهب لا تعكس فقط تقلبات الأسواق العالمية، بل هي نتيجة لسياسات اقتصادية فاشلة لم تقم الحكومة المصرية باتخاذ أي خطوات حقيقية لمعالجتها.

فبدلاً من وضع حلول جذرية أو فرض رقابة على الأسعار، نجد أن الحكومة تركت السوق مفتوحاً للمضاربات، مما أدى إلى زيادة الأعباء على الشعب المصري. كان من المتوقع أن تتخذ الحكومة تدابير جادة لمراقبة أسعار الذهب ومحاربة هذا الارتفاع غير المبرر، ولكننا لم نرَ أي تدخلات حقيقية، بل أن هناك تواطؤاً واضحاً في ترك الأسعار تواصل ارتفاعها دون أي تحرك فعّال.

الأسعار المرتفعة للذهب في مصر تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين، حيث أن الذهب ليس مجرد سلعة للتفاخر أو الزينة، بل يعتبر أداة ادخار للكثير من المصريين في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.

وارتفاع أسعاره بهذه الطريقة يجعل من الصعب على الكثير من الأسر شراء الذهب سواء كان بغرض الزينة أو الادخار، ما يعكس حالة من الغبن والظلم بحق الطبقات الفقيرة والمتوسطة التي تضررت بشكل كبير من هذه الزيادة.

لا يخفى على أحد أن الحكومة كانت ولا تزال ترفض اتخاذ أي خطوات فعالة لضبط أسعار الذهب في السوق المحلي. في حين أن الأسعار العالمية تؤثر بشكل مباشر على السوق المصري، فإن هناك دوراً كبيراً تتحمله الحكومة في منع التجار من التلاعب بأسعار الذهب أو فرض زيادات غير مبررة في المصنعية.

وعلى الرغم من هذا الواقع المؤلم، نجد أن الحكومة لا تبدي أي استعداد لمواجهة هذه المشكلة بشكل جدي، بل تستمر في تقديم حلول وهمية لا تسهم في حل الأزمة المتفاقمة.

والغريب أن هناك تفاوتاً كبيراً في أسعار المصنعية من محل إلى آخر ومن محافظة إلى أخرى، وهو ما يوضح بشكل أكبر غياب الرقابة الحكومية الفعالة على هذا القطاع. فالمصنعية، التي تُضاف على السعر الأساسي للذهب، تختلف بشكل كبير حسب نوع المشغولات والمناطق التي تباع فيها،

حيث تتراوح نسبة الزيادة في المصنعية ما بين 7% إلى 10% من سعر الجرام، ما يجعل التفاوت في الأسعار يصعب على المواطن البسيط فهمه أو تقبله. كما أن المصنعية قد تصل إلى نسب أكبر في القطع الفاخرة أو التصميمات المميزة، الأمر الذي يزيد من تعقيد الأزمة.

والأخطر من ذلك أن الزيادة في الأسعار لا تقتصر فقط على الذهب، بل إن الارتفاعات تزامنت مع زيادات أخرى في السلع الأساسية، مما يضاعف من معاناة المواطنين. فعندما ترتفع أسعار الذهب بهذه الطريقة، فإن تأثيرها يمتد إلى بقية الأسواق بشكل غير مباشر، حيث يتأثر المواطن بتكاليف الحياة اليومية التي تزداد يوماً بعد يوم. وهذا يعكس الفشل الذريع للحكومة في مواجهة التضخم والارتفاعات المتواصلة في الأسعار بشكل عام، ما يزيد من الاستياء الشعبي ويفقد المواطن ثقته في قدرة الحكومة على إيجاد حلول ناجعة لهذه الأزمة.

ويُعد ما يحدث في سوق الذهب مثالاً صارخاً على تقاعس الحكومة المصرية وفساد سياساتها الاقتصادية، التي تسببت في زيادة الأسعار بشكل غير مبرر، مما أثقل كاهل المواطن الذي أصبح يعاني من ضغوط مالية هائلة. إن غياب الرقابة الفعالة من قبل الجهات المختصة وعدم اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة التلاعب في الأسعار يعد مسؤولية تتحملها الحكومة بشكل كامل. والمواطن المصري أصبح اليوم ضحية لهذه السياسات الفاشلة، مما يتطلب تدخلًا عاجلاً للحد من تفاقم هذه الأزمة التي أصبحت تهدد استقرار الاقتصاد المصري وأمنه الاجتماعي.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى