اقتصادتقارير

الحكومة المصرية تواصل تقاعسها وفسادها وسط انهيار الجنيه وارتفاع الدولار القياسي

واصل الدولار الأمريكي ارتفاعه الحاد مقابل الجنيه المصري في التعاملات الرسمية بالبنوك المصرية، اليوم الأربعاء، حيث سجل 49.80 جنيهاً للبيع في عدة بنوك من بينها بنك أبوظبي الإسلامي، وذلك وسط غياب أي استجابة فعّالة من الحكومة المصرية التي تتجاهل معاناة المواطن المصري وتصاعد الأزمة الاقتصادية.

هذه الأزمة تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم بسبب فشل السياسات الاقتصادية التي تتبناها الحكومة الحالية، وعدم وجود أي رؤية حقيقية لإصلاح الاقتصاد أو تحسين مستوى معيشة المواطنين، بل بات الوضع يزداد سوءاً، وهو ما يضع الكثير من التساؤلات حول مدى التزام الحكومة بمصالح الشعب واستجابتها للتحديات الاقتصادية الحقيقية التي تواجه البلاد.

وفي محاولة غير مقنعة لتهدئة الرأي العام، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قبل أيام إن الحكومة ملتزمة بتطبيق ما وصفه بـ “سعر صرف مرن” للدولار،

حيث يتحرك الدولار في البنوك صعوداً وهبوطاً بحسب آليات العرض والطلب، من دون أن يتسبب ذلك في حدوث تعويم جديد للجنيه يؤدي إلى خفض قيمته مرة أخرى بنسبة كبيرة تصل إلى 40%، كما حدث في التعويم السابق الذي تم في 6 مارس من هذا العام.

ولكن هذه التصريحات تبدو الآن خالية من أي مصداقية حقيقية في ظل استمرار تدهور قيمة الجنيه أمام الدولار، مما يزيد من حدة الأزمة الاقتصادية ويكشف عن العجز الواضح للحكومة في التعامل مع الأزمة.

منذ الزيارة الأخيرة التي قامت بها مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا إلى القاهرة، يشهد الدولار ارتفاعاً مستمراً يومياً مقابل الجنيه.

وفي الأيام الأخيرة، ارتفعت قيمة الدولار بما يصل إلى عشرة قروش يومياً، وأحياناً عشرين قرشاً في يوم واحد، وهو ما يعكس حالة عدم الاستقرار في سعر صرف العملة المصرية ويؤكد غياب أي سيطرة فعلية من الحكومة على الأسواق المالية.

هذه الزيارة تأتي في إطار إجراءات المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تشرف عليه مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي، والذي يبدو أنه أصبح مجرد وسيلة للحكومة لتمرير سياسات التقشف التي تضغط على المواطن المصري وتزيد من معاناته.

ويأتي هذا الارتفاع الحاد في قيمة الدولار وسط تحضير صندوق النقد الدولي للإفراج عن شريحة جديدة من القرض الذي تبلغ قيمته الإجمالية ثمانية مليارات دولار، وهي شريحة بقيمة 1.3 مليار دولار.

ولكن في الوقت الذي تنتظر فيه الحكومة هذه الأموال، فإن المواطن المصري البسيط لا يرى في هذا القرض سوى زيادة في الديون وزيادة في معاناته اليومية.

فبدلاً من أن تؤدي هذه القروض إلى تحسين الاقتصاد أو تحقيق أي نوع من الاستقرار المالي، نجد أن كل قسط يتم استلامه من القرض يرافقه ارتفاع في الأسعار وانخفاض في مستوى معيشة المواطن.

من الواضح أن الحكومة المصرية تتبع سياسة التجاهل المتعمد للأزمات الحقيقية التي يمر بها الاقتصاد المصري، حيث يتم الاعتماد بشكل أساسي على القروض والمعونات الدولية دون وجود أي خطط واضحة لتطوير الصناعات المحلية أو دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي يمكن أن تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد.

بل بالعكس، نرى أن الحكومة تفضل السير في طريق سياسات تزيد من تفاقم الأزمة، حيث ترفع أسعار الوقود والكهرباء والمياه وتفرض المزيد من الضرائب على المواطنين دون أن تقدم أي خدمات حقيقية مقابل هذه الزيادات.

لا يمكن إنكار حقيقة أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر هي نتيجة مباشرة لسوء الإدارة الاقتصادية وغياب الشفافية في إدارة موارد الدولة.

الحكومة المصرية تعيش في عزلة تامة عن معاناة الشعب، وتكتفي بإلقاء اللوم على الأزمات العالمية دون أن تقدم حلولاً حقيقية.

لقد بات من الواضح أن السياسات الاقتصادية التي تعتمدها الحكومة تهدف فقط إلى الحفاظ على المصالح الشخصية لأعضاء السلطة دون أن تأخذ في الاعتبار مصلحة المواطن الذي يتحمل كل هذه الأعباء وحده.

إن ارتفاع الدولار إلى مستويات غير مسبوقة مثل 49.80 جنيهاً يعكس مدى عمق الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، ولا يمكن تفسير هذا الارتفاع سوى بأنه نتيجة مباشرة لفشل الحكومة في وضع سياسات اقتصادية ناجعة.

رغم كل التحذيرات التي أطلقتها المؤسسات المالية الدولية والمحللين الاقتصاديين، تستمر الحكومة في تجاهل هذه التحذيرات وتواصل السير في نفس الطريق الذي أوصل البلاد إلى هذا الوضع الكارثي.

وفي ظل استمرار ارتفاع الدولار وانخفاض قيمة الجنيه، سيجد المواطن المصري نفسه عاجزاً عن تلبية احتياجاته اليومية، حيث ترتفع أسعار السلع الأساسية يوماً بعد يوم، وتزداد الضغوط على الأسر التي تعاني بالفعل من تدهور أوضاعها المالية.

كل هذا يحدث في وقت تكتفي فيه الحكومة بتصريحات غير مجدية عن “التزامها” بإصلاح الاقتصاد، بينما الحقيقة هي أن الحكومة تتقاعس عن القيام بأي خطوات فعلية نحو الإصلاح الحقيقي، وتكتفي بمشاهدة الانهيار الاقتصادي من دون أن تحرك ساكناً.

الأوضاع في مصر لم تعد تحتمل المزيد من التجاهل أو الفساد، ولا يمكن للشعب أن يستمر في دفع ثمن سياسات فاشلة وحكومة عاجزة عن القيام بواجباتها.

الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر ليست أزمة عابرة بل هي نتيجة لسنوات من الفساد والإهمال والتقاعس عن اتخاذ الإجراءات الصحيحة. وإذا لم تقم الحكومة بتغيير جذري في سياستها الاقتصادية، فإن المستقبل القريب لن يحمل سوى المزيد من الأزمات والانهيار.

ويجب على الحكومة المصرية أن تتحمل مسؤوليتها تجاه الشعب وأن تخرج من دائرة الفساد والتقاعس التي أغرقتها فيها.

الشعب المصري لن يقبل بأن يستمر في دفع ثمن فساد الحكومة، ويجب أن يكون هناك محاسبة حقيقية لكل من ساهم في وصول البلاد إلى هذا الوضع الاقتصادي الكارثي. الوقت لم يعد يحتمل المزيد من التلاعب، ويجب اتخاذ إجراءات فورية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى