في تطور متسارع على جبهة المواجهة في قطاع غزة، أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، عن قيام مقاتليها بتنفيذ عملية نوعية استهدفت مركز قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي في منطقة جحر الديك وسط القطاع، وذلك بالتنسيق مع ألوية الناصر صلاح الدين، الجناح العسكري لحركة المقاومة الشعبية.
العملية جاءت لتؤكد من جديد قدرة المقاومة الفلسطينية على تنفيذ ضربات دقيقة وقوية في قلب مواقع العدو العسكرية، ما يمثل تحديا آخر لجيش الاحتلال الذي يواصل محاولاته لفرض هيمنته على المنطقة.
من جهة أخرى، أكدت مصادر إعلامية عبرية في بيان رسمي لها مقتل جندي إسرائيلي برتبة رقيب أول من كتيبة تسبار في معارك دارت مؤخرا شمال قطاع غزة، في تصعيد جديد على الأرض التي يشهد فيها القطاع معارك ضارية منذ بداية العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر الماضي.
جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي استمر في الإعلان عن أعداد القتلى في صفوفه، أفاد بارتفاع الحصيلة الإجمالية للجنود القتلى إلى 804، وهو رقم يشير إلى الخسائر الفادحة التي تكبدها جيش الاحتلال في معركة لم يكن يتوقعها بهذه الحدة.
الحسابات الإسرائيلية الخاصة بأعداد القتلى لم تتوقف عند هذا الحد، بل أفادت وسائل الإعلام العبرية بأن 29 جنديا قد قتلوا منذ بداية العمليات العسكرية في منطقة جباليا شمالي قطاع غزة، ما يرفع من وتيرة القتال بشكل غير مسبوق ويؤكد أن المقاومة في غزة لا تزال تلعب دورا رئيسيا في تغيير معادلة القوة على الأرض. الاحتلال الإسرائيلي، الذي يعتبر جيشَه أحد الأقوى في المنطقة، وجد نفسه مجبرا على التعاطي مع حقائق جديدة على الأرض فرضتها المقاومة، والتي أثبتت مرارا وتكرارا قدرتها على الرد المؤلم على اعتداءات الاحتلال.
منذ انطلاق العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، لم يتوقف الاحتلال عن محاولاته لدحر المقاومة في مختلف مناطق القطاع، ولكن رغم التفوق التكنولوجي الكبير الذي يمتلكه، ظلت الضربات التي تلقاها الجيش الإسرائيلي من المقاومة في تزايد، ما يعكس فشل الاستراتيجية العسكرية التي يعتمد عليها الاحتلال. وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول قدرة جيش الاحتلال على الحفاظ على تفوقه العسكري أمام مقاومة تزداد قوة وفعالية يوما بعد يوم.
العمليات المشتركة التي قامت بها سرايا القدس وألوية الناصر صلاح الدين تشير إلى تنسيق عالي المستوى بين مختلف الأذرع العسكرية للمقاومة الفلسطينية، وهو ما يجعلها أكثر قدرة على تنفيذ ضربات مؤلمة في العمق الإسرائيلي. قصف مركز قيادة جيش الاحتلال في جحر الديك يعد بمثابة رسالة واضحة إلى الاحتلال بأن المقاومة لن تتوقف عن استهداف كل نقطة استراتيجية في أرجاء القطاع. هذه العمليات لا تقتصر على مجرد الرد على الاعتداءات، بل هي بمثابة استعراض لقوة المقاومة وعزمها على التصدي لأي محاولة للعدوان على الشعب الفلسطيني.
الحصيلة اليومية للقتلى الإسرائيليين، والتي تتزايد بشكل ملحوظ، تثير حالة من الارتباك داخل الأوساط العسكرية والسياسية في إسرائيل. فكلما ازدادت أعداد القتلى، كلما زادت الضغوطات على حكومة الاحتلال لإيجاد حلول سريعة لتخفيف وطأة الهجوم. لكن على أرض الواقع، يبدو أن هذه الحلول بعيدة المنال، حيث تعجز العمليات العسكرية عن تحقيق أهدافها، في وقت تتسع فيه دائرة العمليات النوعية للمقاومة.
ومن الواضح أن العمليات العسكرية الإسرائيلية لم تحقق أهدافها الاستراتيجية، بل على العكس، أدت إلى تصعيد الوضع وزيادة المواجهات على مختلف الجبهات. القصف المتبادل الذي يعصف بمناطق قطاع غزة، يعكس عدم قدرة الاحتلال على فرض السيطرة الكاملة على القطاع، بينما تواصل المقاومة ضرباتها المستمرة في شتى المناطق. هذا الوضع يعكس واقع المواجهة الذي تحاول إسرائيل تجنبه، لكن المقاومة الفلسطينية تواصل التقدم في ساحة المعركة.
وبالنظر إلى هذا المشهد الدموي والمتصاعد، يتضح أن الاحتلال الإسرائيلي فقد القدرة على السيطرة على الموقف في قطاع غزة، خاصة مع ارتفاع أعداد قتلاه وتزايد الضغوط الدولية والمحلية عليه. إذ تظهر الأرقام أن حجم الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي بلغ حدا غير مسبوق، وهو ما يعكس الفشل الذريع في تحقيق أهداف العدوان العسكري الذي انطلق منذ أكثر من شهر ونصف. المقاومة الفلسطينية تواصل تمسكها بمبادئها، وتظهر قدرة لا مثيل لها على الرد على العدوان، مما يجعل تحقيق الانتصار على المقاومة أمرا بعيد المنال.
وفي هذا السياق، تتوالى المؤشرات التي تدل على أن الاحتلال الإسرائيلي سيظل في حالة دفاعية في مواجهة هجمات المقاومة. فكلما ازدادت عمليات الاستهداف الناجحة التي تنفذها المقاومة، كلما تزايدت التحديات أمام جيش الاحتلال الذي يبدو أنه يواجه صعوبة في إيجاد الحلول الناجعة للتعامل مع هذا التصعيد. وعلى الرغم من التفوق العسكري الذي يتمتع به الاحتلال، إلا أن معنويات قواته تواجه تحديا كبيرا بسبب الخسائر المتتالية التي تكبدها الجيش على مدار الشهرين الماضيين.
إن العمليات النوعية التي تنفذها المقاومة الفلسطينية، وارتفاع عدد قتلى جيش الاحتلال، تشير إلى أن الحرب لم تعد مجرد مواجهة عسكرية تقليدية بين طرفين، بل أصبحت صراعا يزداد تعقيدا وتكلفة بالنسبة للاحتلال. ومن الواضح أن استمرار المقاومة في تنفيذ ضربات دقيقة ستظل أحد العوامل الحاسمة في تحديد نتائج هذه المواجهة، التي قد تطول في ظل فشل الاحتلال في إنهاء المعركة لصالحه.