تقاريرمصر

أزمة الزراعة في مصر تهدد الفلاحين وتدمر مستقبل القطاع الزراعي

تعد الزراعة في مصر من أقدم وأهم القطاعات التي ساهمت في بناء حضارة هذا البلد العريق. ومنذ العصور القديمة، اعتمدت مصر على الأرض الزراعية التي كانت المصدر الرئيسي للثروة وسبب الاستقرار الاقتصادي، حيث تم استغلال موارد الأرض ونهر النيل بشكل مثالي.

لكن اليوم، وبعد مرور آلاف السنين على هذه الحضارة، أصبح قطاع الزراعة في مصر يواجه تحديات خطيرة تهدد مستقبله ومصير الفلاحين الذين كانوا وما زالوا يزرعون الأرض ويجنون ثمارها بعرق جبينهم.

ورغم التطور الذي شهدته العديد من المجالات في مصر، فإن القطاع الزراعي ما زال يعاني من مشكلات كبيرة، يتزايد حجمها مع مرور الوقت.

إن الفلاح الذي كان في الماضي يحقق لقمة عيشه من عمله في الأرض أصبح الآن يواجه العديد من الأزمات نتيجة لغياب الدعم الحكومي وارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل غير مسبوق.

في إحدى المناطق الزراعية، يخرج الفلاحون للعمل تحت أشعة الشمس الحارقة في ظروف صعبة. يواجهون تحديات يومية تتعلق بنقص الأسمدة والمبيدات الزراعية، التي يتم شراؤها بأسعار مرتفعة من السوق السوداء، بالإضافة إلى ضعف توافر المياه لري الأراضي.

الأمر الذي يزيد من معاناتهم. وبالرغم من محاولاتهم الدائمة لتقديم شكوى وتحقيق مطالبهم، فإن الأوضاع لا تتحسن، بل تزداد سوءًا عامًا بعد عام.

هناك أزمات صحية أخرى بدأت تنتشر في الأوساط الزراعية، حيث ارتفعت معدلات الإصابة بأمراض مزمنة مثل الفشل الكلوي والتهاب الكبد الوبائي، نتيجة لتلوث المياه واستخدام مواد كيميائية مغشوشة. وقد تسببت هذه الأوضاع في تدهور صحة العديد من العاملين في القطاع الزراعي بشكل كبير.

والسبب في ذلك هو غياب الرقابة وتراجع مستوى الخدمات الصحية، وهو ما يؤدي إلى تفاقم الوضع الصحي للفلاحين.

بالإضافة إلى ذلك، يواجه الفلاحون في مصر مشكلة خطيرة تتمثل في انخفاض دخلهم بشكل كبير. فعلى الرغم من الجهد الكبير الذي يبذلونه، فإن نسبة الربح من المحاصيل الزراعية لا تتجاوز 10%.

هذه الأرقام تكشف عن حجم الأزمة التي يواجهها الفلاح، حيث لا تكفي عائدات الزراعة لتغطية احتياجاته الأساسية، مما يدفعه للبحث عن وسائل بديلة للعيش.

المشاكل التي يعاني منها الفلاحون تشمل أيضًا قلة توافر المعدات الزراعية الجيدة، بالإضافة إلى نقص الدعم الحكومي اللازم لتوفير الأسمدة والمبيدات.

حتى في الجمعيات الزراعية، لا تصل الاحتياجات الفعلية من التقاوي إلى الفلاحين سوى بنسبة ضئيلة، ما يضاعف من معاناتهم في الحصول على المواد اللازمة لزراعة الأرض.

في ظل هذه الأزمات، يطالب الفلاحون بتدخل فعّال من الدولة لتقديم الدعم الحقيقي لهم. هناك حاجة ماسة لتوفير الأسمدة والمبيدات الزراعية بأسعار معقولة وبدون فساد، وكذلك لتوفير المياه لري الأراضي بشكل منتظم.

إضافة إلى ضرورة تفعيل مشروعات مثل “حياة كريمة” التي قد تحسن بشكل كبير من أوضاع الفلاحين. كما أن هناك حاجة ماسة لتطوير السياسات الزراعية، بما في ذلك التوسع في الزراعة التعاقدية، التي تضمن للفلاحين دخلًا ثابتًا من المحاصيل الزراعية.

ولا تقتصر المطالب على هذا فقط، بل يطالب الفلاحون أيضًا بعودة الدورة الزراعية التي كانت سائدة في الماضي لضمان استدامة الإنتاج الزراعي.

كما أن هناك دعوات لتوسيع مشاريع الري والصرف في الأراضي الزراعية لضمان وصول المياه إليها بشكل منتظم.

إن الفلاح المصري، الذي لطالما كان العنصر الأساسي في الاقتصاد الزراعي المصري، يواجه اليوم تحديات غير مسبوقة تهدد مستقبله. فالأوضاع التي يعيش فيها تجعله في حالة من الإحباط العميق، بسبب عجزه عن تأمين حياة كريمة له ولأسرته.

في وقت كان يُنظر فيه إلى الفلاح كداعم رئيسي للاقتصاد الوطني، أصبح الآن يعيش في معاناة مستمرة، في انتظار تحرك حقيقي من قبل الجهات المعنية لضمان استدامة القطاع الزراعي وتحسين ظروف حياته.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button