يعاني سكان العديد من القرى المصرية من مشاكل البنية التحتية المتدهورة، وتأخر المشاريع الحيوية التي تهدد حياتهم وصحتهم اليومية.
ورغم الوعود الحكومية المتكررة بحل هذه الأزمات، إلا أن الإهمال الواضح والتقاعس المزمن عن أداء الواجبات المطلوبة أصبح سمة أساسية في تعامل الحكومة مع مواطنيها.
المشكلات تتراكم عاماً بعد عام، والمشاريع المتوقفة تُضاف إلى قائمة طويلة من الفساد وسوء الإدارة التي تحاصر المواطن المصري في مختلف المناطق. وفيما يلي سرد لبعض الأمثلة الكارثية التي تبرز تدهور الأوضاع بشكل صارخ.
في نجوع تابعة لمجلس قرية الحبيل بمحافظة الأقصر، يعاني السكان من توقف مشروع الصرف الصحي الذي بدأ في عام 2008. تم تنفيذ 70% فقط من المشروع، ولكن العمل توقف بسبب مشاكل تمويلية وأخطاء فنية كارثية.
وعلى الرغم من استئناف العمل في عام 2015 بنظام الدفع النفقي المكلف، إلا أن المشروع لا يزال متوقفاً حتى الآن. السكان مضطرون لاستخدام “بيارات الصرف” التقليدية التي تؤدي إلى تسرب المياه وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية للمباني.
هذا النظام البدائي لا يكلفهم فقط أموالاً طائلة، بل يعرض منازلهم للتصدع والانهيار. لم تتمكن السلطات من توفير سيارات كسح لتفريغ البيارات بشكل منتظم، مما يزيد الأعباء المالية على المواطنين، حيث تصل تكلفة نقلة واحدة أكثر من 100 جنيه،
وسط وعود جوفاء من المسؤولين باستكمال المشروع. للأسف، فإن هذا الوضع ينذر بتحول هذه القرى إلى مستنقعات قذرة، ما قد يؤدي إلى كوارث بيئية وصحية.
من ناحية أخرى، تعاني قرية الرزقة التابعة لمركز أبوتشت بمحافظة قنا من مشكلات متعددة بعد توقف مشاريع حيوية ضمن مبادرة “حياة كريمة”.
القرية تشكو من نقص الكوادر الطبية في المجمع الطبي الجديد الذي أنشئ دون التفكير في كيفية تشغيله. ما يزيد الطين بلة هو التلوث الذي يحيط بالقرية بسبب ترعة أبواحمار التي تحولت إلى مستودع للنفايات. وعلى الرغم من تغطية جزء منها قبل سنوات، إلا أن العمل توقف تماماً، مما حول الترعة إلى مصدر للحشرات والأمراض التي تؤثر سلباً على السكان.
بالإضافة إلى ذلك، لا تزال القرية تنتظر تنفيذ مشروعات هامة مثل إنشاء مدرسة ابتدائية ومجمع معاهد أزهرية لتخفيف العبء عن المدارس المجاورة التي تعاني من كثافة طلابية مرتفعة. ورغم تخصيص الأراضي المطلوبة، فإن التنفيذ لم يبدأ بعد، ما يزيد من معاناة الأهالي.
في دمياط، تعاني قرية الرحامنة من نقص الخدمات الأساسية رغم إنفاق 200 مليون جنيه على مشاريع لتطوير المنطقة. القرية تعيش في حالة مأساوية بسبب تدهور البنية التحتية، خاصة الطرق المتهالكة التي لم يتم رصفها منذ 40 عاماً.
الطريق الذي يربط بين عزبة الجندي والرحامنة بطول 12 كيلومتراً يعد مثالاً صارخاً على فشل الحكومة في توفير الحد الأدنى من الخدمات.
الحفر والمطبات تملأ الطرق، مما أدى إلى توقف حركة السيارات، وأصبحت وسيلة النقل الوحيدة هي التوك توك، الذي يضيف أعباءً إضافية على المواطنين. ورغم الوعود المستمرة من المسؤولين، لا يزال الأهالي ينتظرون تحركاً حقيقياً لحل هذه الأزمات.
وفي الفيوم، تعاني عزب مركز إطسا من عدم وجود طريق ممهد يربطها بالمناطق المحيطة. ورغم وجود الطرق المرصوفة في المناطق المجاورة، إلا أن المنطقة التي يسكنها آلاف المواطنين تظل محرومة من هذه الخدمة الضرورية.
الأهالي يعانون من انعدام خدمة الإنترنت التي تعتبر حاجة ملحة للطلاب في ظل اعتماد التعليم على التكنولوجيا الحديثة. وبرغم المطالبات المستمرة للجهات المعنية، لم يتم الاستجابة لمطالبهم حتى الآن، مما يعوق بشكل مباشر تقدم العملية التعليمية ويزيد من معاناة الأهالي.
في محافظة القليوبية، مدينة شبرا الخيمة، التي تعتبر واحدة من أكبر مدن المحافظة، ما زالت تعاني من طرق متهالكة وأوضاع بيئية سيئة. طريق 15 مايو، الذي يخدم 3 ملايين نسمة، لم يتم رصفه منذ أكثر من 10 سنوات، وتحول إلى طريق مليء بالحفر والمطبات الخطيرة التي تسببت في العديد من الحوادث.
بالإضافة إلى ذلك، تعاني المدينة من مشكلات مستمرة في جمع النفايات، مما يجعل المشهد العام لمدينة شبرا الخيمة كارثياً وغير لائق بأكبر مدينة صناعية في مصر.
وفي محافظة الدقهلية، تعاني مدينة السنبلاوين من كارثة بيئية أخرى تتمثل في ترعة البوهية التي أصبحت مصباً لمياه الصرف الصحي وتجمعاً للحيوانات النافقة. هذه الترعة التي كانت تروي آلاف الأفدنة من الأراضي الزراعية الخصبة أصبحت اليوم مصدر خطر يهدد حياة المواطنين.
انتشار الحشرات الضارة والروائح الكريهة جعل الحياة في هذه المناطق لا تطاق، ورغم المطالبات المستمرة من الأهالي، إلا أن الحكومة تقف عاجزة عن حل المشكلة. عدم الالتزام بجمع القمامة بشكل منتظم وتأخر تنفيذ شبكات الصرف الصحي في بعض القرى يزيد من تدهور الوضع، فيما تبقى الترعة شاهدة على إهمال حكومي صارخ.
تظهر هذه الحالات بوضوح الفشل الحكومي في تنفيذ مشروعات البنية التحتية الحيوية، والتقاعس المستمر عن الاستجابة لمطالب المواطنين. وهذا الفشل لا يتجلى فقط في توقف المشروعات، بل يمتد إلى الفساد وسوء الإدارة الذي يحرم المواطنين من أبسط حقوقهم في حياة كريمة وخدمات أساسية.