في ظل ما تشهده مصر من أزمة طاحنة على مختلف الأصعدة، يبرز فساد الحكومة المصرية بشكل صارخ في قطاع الكهرباء. حيث كشفت مصادر مطلعة داخل الشركة المصرية لنقل الكهرباء، عن تأجيل غير مبرر لمناقشة الميزانية الخاصة بالشركة من قبل الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، دون تحديد أي موعد جديد للجمعية العمومية للشركة.
هذا الإجراء ليس مجرد تأجيل إداري بل يمثل تهربًا متعمدًا من تحمل المسؤولية وإغلاق الباب أمام أي مساءلة بشأن مصير المال العام المهدور.
تأجيل المناقشة في الوقت الذي يحتاج فيه الشعب للمحاسبة
القرار الصادم والمثير للدهشة جاء في وقت حساس للغاية، حيث كان من المفترض أن يتم مناقشة ميزانية الشركة القابضة لكهرباء مصر في الجمعية العمومية.
لكن ما حدث هو أن الوزير تجاهل المسؤولية ولم يحدد موعدًا جديدًا لعقد المناقشة، رغم أن الموضوع يعد من أولويات الحكومة في ظل الظروف المالية الدقيقة التي تعيشها البلاد.
وبينما كان المواطنون في انتظار معرفة تفاصيل هذه الميزانية وكيفية تخصيص الأموال في ظل التضخم وارتفاع الأسعار، إلا أن حكومة مصر قررت أن تُبقيهم في الظلام. هذا الغموض يثير تساؤلات عديدة حول نوايا الحكومة ومدى نزاهتها في إدارة الموارد العامة.
الفساد يضرب الشركة القابضة لكهرباء مصر
ما يزيد الوضع تعقيدًا هو صمت الوزارة عن تقديم أي شرح أو تفسير حول هذا التأجيل المريب، مما يعزز الشكوك حول وجود فساد داخلي قد يطال استخدام الموارد المالية في قطاع الكهرباء.
ففي الوقت الذي كان من المفترض أن تتعامل الحكومة مع أزمة الكهرباء وتقوم بتوفير طاقة مستدامة، تتكتم الوزارة على كافة التفاصيل المتعلقة بالميزانية، وهو ما يعكس بوضوح سوء الإدارة والإهمال المتعمد في التعامل مع الأموال العامة.
خدمات القابضة لكهرباء مصر: أرقام مشبوهة تتخفى وراء المبادرات الشكلية
وفي إطار سياسة التغطية على فشل الحكومة، أعلنت الشركة القابضة لكهرباء مصر عن تقديم خدمات متفرقة عبر سيارات متنقلة في إطار مبادرة “بداية جديدة لبناء الإنسان”.
وقد قامت الشركة بتقديم 40,719 خدمة خلال الفترة من 17 سبتمبر إلى 12 نوفمبر 2024. إلا أن هذه الأرقام لا تخفي حجم التدهور الحقيقي في الخدمات المقدمة للمواطنين، خاصة أن معظم هذه الخدمات كانت مرتبطة بالشكاوى والفواتير، في وقت يواجه فيه المواطنون مشاكل متفاقمة في انقطاع الكهرباء وتدهور البنية التحتية.
تجاوزات كبيرة في تقديم الخدمات لكبار السن
أعلنت الشركة أيضًا أنها أنجزت 26,508 خدمات موجهة لكبار السن الذين تجاوزوا الستين عامًا، وهي خطوة شكلية لا تحمل أي قيمة حقيقية، بل تأتي في إطار محاولات الوزارة لتسويق صورة زائفة عن جهودها.
بل إن هذه الخدمات، التي لا تتجاوز كونها مجرد أرقام في تقارير روتينية، تأتي في وقت يعاني فيه قطاع الكهرباء من تخبط وإهمال فظيع في تقديم خدمات حيوية للمواطنين، خاصة في القرى والأحياء الفقيرة التي تعاني من أسوأ الظروف في توفير الكهرباء.
تركيب العدادات الكودية: هل هو إنجاز أم تلاعب بالأرقام؟
من جانب آخر، ادعت الشركة القابضة أنها قامت بتركيب 177,566 عدادًا كوديًّا خلال نفس الفترة. وعلى الرغم من أن هذا الرقم قد يبدو كبيرًا، إلا أن الواقع يكشف عن كارثة كبرى.
العداد الكودي هو مجرد حيلة لتسجيل الكهرباء بشكل غير قانوني أو خارج الرقابة، مما يزيد من فرص الفساد في تحصيل الأموال من المواطنين دون مراقبة حقيقية.
بينما تتجاهل الوزارة وجود عشرات الآلاف من المواطنين الذين لا يحصلون على الخدمة بشكل مستمر بسبب انقطاع التيار الكهربائي وتراكم الفواتير.
الشركة القابضة لنقل الكهرباء: تزايد الفشل والتدهور
وفيما يتعلق بمستقبل الشركة المصرية لنقل الكهرباء، فإن الوضع لا يبدو أفضل من باقي الشركات التابعة للقابضة. فالمشاكل تتراكم يومًا بعد يوم، ويعيش العاملون في القطاع تحت وطأة إهمال المسؤولين وتجاهلهم للحد الأدنى من معايير الجودة.
تفتقر الشركات التابعة للقابضة إلى أبسط وسائل الصيانة اللازمة لشبكات الكهرباء، ولا يتم تجديد المعدات القديمة في وقتها. ما يزيد الوضع سوءًا هو سياسة الحكومة في عدم تطوير البنية التحتية الكهربائية في مختلف المناطق الحيوية.
غياب المساءلة والرقابة: نهاية أكيدة لمستقبل الكهرباء في مصر
ما يُؤكد فساد الحكومة في قطاع الكهرباء هو غياب أي نوع من المساءلة أو الرقابة الجادة على تصرفات المسؤولين في هذا القطاع.
بدلاً من فتح ملفات الفساد ووقف الهدر في المال العام، تختار الحكومة المصرية سياسة التعتيم الكامل، في الوقت الذي يعاني فيه الشعب من تدني مستوى الخدمات.
وقد تحولت الميزانية الخاصة بالشركة إلى سر مكنون، لا أحد يعلم كيف يتم تخصيص الأموال ولا إلى أين تذهب.
هل ستستمر الحكومة في تجاهل معاناة الشعب؟
وتظل حكومة الدكتور مصطفي مدبولي ترفع شعار الغموض وتتعامل مع المال العام وكأنها لا تعني المواطنين في شيء.
هذا الفشل المستمر لا يطال قطاع الكهرباء فقط بل يمتد ليشمل التدهور العام في جميع المرافق الحيوية، وهو ما يجعل الوضع في مصر أكثر كارثية يومًا بعد يوم.