المرأة والمجتمعتقارير

112 ألف زواج عرفي في مصر: الحكومة تتجاهل الانهيار الأخلاقي

في تقرير صادم يكشف عن انتشار حالات الزواج العرفي والعلاقات غير الشرعية في مصر، كشف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن تسجيل أكثر من 112 ألف حالة زواج عرفي تم توثيقها في عام 2022 فقط.

هذه الأرقام الرسمية تتحدث عن واحدة من أكثر الأزمات الاجتماعية خطورة، حيث يضاف إليها آلاف الحالات غير الموثقة من العلاقات غير الشرعية التي تزداد بشكل مخيف، في ظل غياب أي إحصاء رسمي لها.

هذا الانفلات الاجتماعي يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك تقاعساً حكومياً غير مبرر يهدد النسيج الاجتماعي للمجتمع المصري، ويجعل المستقبل غامضاً للغاية.

وفي خضم هذا التدهور المجتمعي، برزت قضية طبية النساء والتوليد وسام شعيب التي أثارت جدلاً واسعاً في مصر بعدما قامت بنشر فيديو على منصات التواصل الاجتماعي تعرض فيه وقائع مروعة عن التفسخ الأخلاقي الذي يعاني منه المجتمع المصري، وتحدثت عن حالات متزايدة من الفتيات اللاتي يقمن بعلاقات غير شرعية، الأمر الذي أثار ضجة ضخمة في الساحة العامة.

الفيديو الذي نشرته الطبيبة تحول إلى موضوع الساعة، وتداولته وسائل الإعلام بشكل واسع، حيث قالت فيه: “لقد أصبح الوضع في مصر كارثياً، وهناك تفكك أخلاقي في كل مكان”، مؤكدة أن العديد من الحالات تعيش في فوضى لا يمكن أن تنكرها العين المجردة.

ومع تصاعد الهجوم عليها بسبب تصريحاتها، فوجئت وسام بتوجيه اتهامات شديدة من الإعلام الرسمي، الذي لا يفوت أي فرصة لتوجيه أصابع الاتهام إليها.

الإعلام المصري تعامل مع القضية على أنها قضية شخصية للطبيبة، بل وذهب بعيداً في محاكمة سريعة وغير قانونية لها، حيث طالبت بعض الأصوات في الإعلام بإلغاء عضويتها من نقابة الأطباء وفتح تحقيقات مشددة ضدها.

الغريب أن الجميع تجاهل المسألة الجوهرية التي طرحتها الطبيبة، وهي الانحلال الأخلاقي الذي بات منتشراً في المجتمع، حيث لا تجد غالبية الفتيات طريقاً للحياة سوى في علاقات غير شرعية أو زواج عرفي، بسبب غياب الرقابة والمراقبة الدينية والاجتماعية.

وعلى الرغم من أن الدكتورة وسام كانت تتحدث عن واقع مرير يعاني منه المجتمع بسبب العوامل الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن النقابة الأطباء لم تتأخر في إحالتها إلى التحقيق، وكذلك فعلت النيابة الإدارية التي بدأت في التحقيق معها بعد أن اعتبرت الفيديو الذي نشرته غير لائق.

ولكن هل نحن أمام ضحية أم أمام مجرمة؟ وهل من العدل أن تتحمل هذه الطبيبة وحدها مسؤولية ما يحدث في المجتمع من تدهور؟ أسئلة كبيرة تطرح نفسها في هذا السياق، خاصة وأن الجميع يعلم أن الأسباب الحقيقية تكمن في غياب المنظومة السياسية التي تكاد تكون عاجزة عن مواجهة قضايا المجتمع الأساسية.

لا شك أن الدكتورة وسام سلطت الضوء على أزمة خطيرة تعيشها مصر اليوم، أزمة تفكك الأسرة وفقدان القيم الأخلاقية، ولكنها أيضاً سلطت الضوء على المسؤول الأول عن هذا التدهور، ألا وهو الحكومة المصرية.

هذه الحكومة التي تقبع في صمت مريب أمام هذه المأساة الاجتماعية ولا تقدم حلولاً جذرية لمعالجة الأزمة. فبدلاً من أن تتعامل الحكومة مع الموضوع بجدية، نجد أنها مشغولة بالتركيز على قضايا أخرى لا تلامس حياة المواطن بشكل حقيقي، متغاضية عن المشكلات التي تؤرق الشعب المصري، وفي مقدمتها انهيار القيم الأخلاقية.

الحكومة المصرية في موقف لا تحسد عليه، فهي عاجزة عن معالجة أزمة اجتماعية خطيرة تؤثر بشكل مباشر على النشء والمجتمع ككل.

هذا التدهور في الأخلاق وانتشار العلاقات غير الشرعية والزواج العرفي ليس مجرد حالة فردية، بل هو مرض اجتماعي حقيقي يجب على الحكومة أن تتحمل مسؤوليته، وتعمل على وضع استراتيجيات فعالة للحد من هذا الانتشار المقلق.

لكن الواقع يثبت أن الحكومة تظل عاجزة عن مواجهة هذه الظاهرة، بل إنها تتبنى سياسة التغطية على الأخطاء بدلاً من مواجهتها بشجاعة.

الأرقام التي نشرتها الحكومة حول حالات الزواج العرفي توضح حجم المأساة بشكل غير قابل للإنكار. أكثر من 112 ألف حالة في عام واحد فقط! هل هذه أرقام عابرة أم أنها تمثل قمة جبل الجليد؟ هل كانت هذه الأرقام لتظهر لولا استمرار الصمت الحكومي تجاه هذه القضية؟

لا شك أن انتشار هذه الظاهرة يعكس حالة من الإهمال الحكومي الذي يعم البلاد، حيث لا تتخذ الحكومة أية خطوات حقيقية لمكافحة هذا الانفلات الأخلاقي، بل تفضل التصدي للحديث عنه بدلًا من معالجته.

وتظل القضية أكبر من مجرد فيديو نشرته طبيبة نساء، فالأزمة تكمن في تقاعس الحكومة عن مواجهة تحديات المجتمع الحقيقية.

وتظل تساؤلات واسعة: هل ستظل الحكومة المصرية في حالة إنكار لهذه المشاكل الاجتماعية الكبرى؟ وهل سيظل الإعلام يهاجم الضحية بدلاً من أن يواجه الفساد الحكومي الذي ينعكس على كل جوانب الحياة في مصر؟ الجواب،

كما يبدو من جميع المعطيات، هو أن الحكومة المصرية لا تملك الشجاعة لمواجهة الواقع، وتركت المجتمع يواجه هذه الكارثة بمفرده.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button