الإعلام المصري في قبضة الفساد: تلاعب حكومي وتغييب للحقائق
في مشهد متكرر يظهر الإعلام المصري وكأنه في حالة من التخبط والاضطراب غير المسبوق، فبين تصريحات متضاربة وإدارات متقلبة لا يبدو أن هناك أي استقرار في أروقة الإعلام، بل تتجلى حالة من الفساد الواضح والتقاعس الحكومي المتواصل.
الإعلامي خالد أبو بكر كان من بين هؤلاء الذين تعرضوا لتلك التغيرات العنيفة، فبعد أن عاد إلى الشاشة في برنامج جديد واستمر لأشهر معدودة، اختفى فجأة دون أي تفسير واضح أو رسمي.
لا أسباب، لا تفسيرات، ولا حتى اعتذارات. لكنه سرعان ما عاد مرة أخرى، ولكن هذه المرة من بوابة المحاماة، ضيفًا على الإعلامي أحمد موسى، في مشهد يعكس عبثية ما يحدث داخل هذا القطاع.
التخبط في إدارة الإعلام
الأيام الأخيرة شهدت تناول ملف التغييرات في إدارة الإعلام بمصر عبر مواقع إخبارية عديدة، مما أظهر بوضوح حالة الارتباك التي تعيشها الدولة في التعامل مع هذا الملف الحساس.
هل هناك أي استراتيجية واضحة؟ لا يبدو ذلك، فما نراه هو تضارب في التصريحات، وتغيير في الوجوه الإعلامية، دون أي رؤية محددة لمستقبل هذا القطاع.
الإعلاميون يتوارون عن الأنظار الواحد تلو الآخر، وكأنهم يعرفون ما ينتظرهم، في ظل سياسات التعتيم وغياب الشفافية.
الإعلام المصري بات يشبه المسرح العبثي؛ فهناك من فضل الانسحاب والصمت، وهناك من اختار العودة إلى الظهور غاضبًا، لعل صوته يصل إلى من بيده القرار.
لكن الأكثر غرابة هو الصنف الثالث من الإعلاميين، وهم شريحة واسعة، ممن يقاتلون دفاعًا عن المؤسسة الإعلامية بكل ما أوتوا من قوة، رغم وضوح الفساد وسوء الإدارة.
هؤلاء الإعلاميون يبدو أنهم اختاروا البقاء في موقع الدفاع المستميت عن المؤسسة، سواء بدافع الخوف أو المصالح الشخصية.
الفساد في الإعلام: الكارثة المستترة
عندما ننظر إلى إدارة الإعلام في مصر، نجد أنها تدار وكأنها شركة خاصة وليست مؤسسة وطنية. التلاعب في الأدوار، المحسوبيات، وانتشار الفساد يجعل من الإعلام مجرد أداة في يد النظام للتلاعب بالرأي العام، بدلاً من أن يكون وسيلة لتقديم الحقيقة.
لا يمكن إنكار أن هناك فسادًا مستشريًا داخل هذه المؤسسة، فكيف يمكن تفسير خروج شخصيات إعلامية بارزة من المشهد دون أي توضيح؟
وما السر في صعود آخرين بشكل مفاجئ؟ هل المعيار هو الكفاءة أم الولاء للنظام؟ هناك تقارير تتحدث عن تدخلات مباشرة من أجهزة سيادية في تعيينات الإعلاميين وإقالاتهم، مما يؤكد أن الأمر أكبر من مجرد “أخطاء” إدارية.
هل هناك أمل للإعلام؟
من يتابع المشهد الإعلامي المصري يشعر بأن هناك قوى خفية تدير هذا القطاع وتتحكم فيه. الإعلاميون في موقف لا يحسدون عليه، فمنهم من يجبر على السكوت، ومنهم من يخضع للتغييرات دون اعتراض.
على منصات التواصل الاجتماعي، يراقب الجمهور ما يجري بترقب وقلق، ويطرح تساؤلات حول مستقبل الإعلام في مصر. هل سيستمر هذا الوضع؟ أم أن هناك تصحيحًا في الأفق؟
المشهد الحالي يطرح تساؤلات كبيرة: أين دور الحكومة؟ أين الشفافية؟ لماذا يختفي الإعلاميون فجأة دون توضيح؟ ولماذا يظهر آخرون في ظروف غامضة؟ الإجابات على هذه الأسئلة غائبة كغياب الحقيقة في الإعلام المصري.
الدور الحكومي: تقاعس متعمد أم فشل إداري؟
تتقاعس الحكومة المصرية بشكل واضح عن تقديم أي رؤية إصلاحية لقطاع الإعلام. بدلاً من ذلك، نرى المزيد من التدخلات والتلاعب في محتوى البرامج والتعيينات والفصل التعسفي لبعض الإعلاميين.
هذا التقاعس ليس وليد اللحظة، بل هو سياسة مستمرة تؤدي إلى تضييق مساحة الحرية، وإقصاء الأصوات المستقلة، وتمكين الفاسدين والمنافقين.
لماذا تتخلى الحكومة عن دورها في إصلاح الإعلام؟ هل لأنها تستفيد من هذا الفوضى؟ قد يكون ذلك صحيحًا، فالإعلام المشوش والضعيف يسهل التحكم فيه، ويمكن استخدامه كأداة لتضليل الجمهور وتوجيهه بعيدًا عن القضايا الحقيقية التي تواجه البلاد.
الإعلام في قبضة أجهزة الدولة
أجهزة الدولة تلعب دورًا محوريًا في إدارة الإعلام، وهذا الدور لم يعد سرًا. هناك تقارير عديدة تشير إلى تدخلات الأجهزة الأمنية في تعيين الإعلاميين وإبعاد آخرين.
هذا التدخل المباشر في شؤون الإعلام جعل منه قطاعًا فاقدًا للاستقلالية والموضوعية، وأدى إلى تحويله من وسيلة لنقل الحقائق إلى أداة بيد النظام لتمرير رسائل معينة.
هذا التدخل أدى إلى تراجع مصداقية الإعلام المصري بشكل كبير، وأصبح الجمهور أكثر توجهًا نحو وسائل الإعلام البديلة، سواء على الإنترنت أو عبر القنوات الخارجية. لم يعد الإعلام المصري يقدم شيئًا جديدًا أو موثوقًا، بل تحول إلى مجرد آلة دعائية تعمل لصالح النظام.
إلى أين يتجه الإعلام المصري؟
المستقبل يبدو مظلمًا، إلا إذا كان هناك تحرك حقيقي نحو الإصلاح، وهو ما لا يبدو مرجحًا في الوقت الحالي. حالة الفوضى التي يعيشها الإعلام، جنبًا إلى جنب مع الفساد والتدخلات الحكومية، جعلت من هذا القطاع عاجزًا عن القيام بدوره الرئيسي في نقل الحقائق وإيصال صوت الشعب.
الجميع يتساءل: هل هناك ضوء في نهاية النفق؟