لنبدأ بإحدى أكثر المواقف التي تثير الضحك وتبعث على الحيرة في ذات الوقت: مقطع الفيديو الذي نشره أفخاي أدرعي، المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي.
الرجل، وبكل وقاحة، يخرج علينا في محاولة يائسة لتجميل صورة الكيان الذي يمثله، ليحدثنا عن “شعب إسرائيل” وكأنه يقدم عرضاً من مسرح العرائس، لكن من نوعية ردئية جداً.
يقول لنا بوجه لا يعرف للخجل طريقًا “نحن شعب إسرائيل، ثوبنا العظمة، سلاحنا الكرامة، ديننا الحرية”. والحقيقة أن تلك العبارات تصيبك بنوبة ضحك هستيري؛ أي عظمة يتحدث عنها هذا المتحدث؟ عظمة في اغتصاب الأراضي؟ أم في تهجير الشعوب؟ أم ربما يتحدث عن الكرامة، تلك الكرامة التي أضاعوها في مذابحهم اليومية ضد المدنيين الأبرياء؟
أدرعي هنا لا يكتفي بمجرد ترديد شعارات جوفاء، بل يحاول في لحظة انتحارية، أن يقنع نفسه قبل أن يقنعنا، بأن إسرائيل هي “النموذج” الذي تطمح إليه الشعوب!
تخيلوا المشهد! الكيان الذي بنى نفسه على القتل والدمار، والذي لا زال يسعى بكل وسيلة لسحق الآخرين، يريد من الشعوب أن تسير على خطاه! هذه العبثية تجعلنا نتساءل: هل وصل الغرور بأدرعي إلى حدٍّ يجعله يعتقد حقًا أن جرائم إسرائيل هي مرادف “للحرية”؟
وهل نسي أن الشعب المصري، على سبيل المثال، قد لقنهم درسًا لا ينسى في حرب أكتوبر وما بعدها؟ أم أن الذاكرة الإسرائيلية قصيرة الأمد عندما يتعلق الأمر بالخزي والهزائم؟
أدرعي، في تهكم سافر، يتحدث عن “شعب ليس ككل الشعوب”. نعم، صحيح أنهم ليسوا ككل الشعوب، فالشعوب الطبيعية لا تعتدي على حقوق الآخرين، لا تبني مستوطنات على أراضٍ ليست لها، ولا تستخدم أسلحة فتاكة ضد مدنيين عزّل.
لكن لنترك هذه الفقرة المثيرة للشفقة جانباً ونتحدث عن الشعب المصري، ذلك الشعب الذي، على الرغم من كل محاولات الاستفزاز والتحريض، لم ينسَ يومًا كيف وضع إسرائيل في مكانها الحقيقي. مصر، بقواتها المسلحة وشعبها الأبي، هي المثال الحي للكرامة الحقيقية.
فبينما يحاول أدرعي عبثًا أن ينسب “الكرامة” لكيانه المحتل، نجد أن الكرامة الحقيقية تجسدت في المصريين الذين لم يتوانوا لحظة عن مواجهة العدو، سواء في الميدان العسكري أو السياسي.
إن القوات المسلحة المصرية، التي أذاقت إسرائيل طعم الذل في أكتوبر 1973، لا تزال تقف شامخة، تحمل تاريخًا من النصر والشرف. وفي كل مرة يحاول فيها أمثال أدرعي تزييف الحقائق، يذكرنا التاريخ بمن كان يدافع عن أرضه ومن كان يغتصب أرض الآخرين.
في المقابل، نجد أن إسرائيل ما زالت، وعلى الرغم من كل محاولاتها اليائسة، عاجزة عن تحقيق انتصار أخلاقي أو إنساني. في الواقع، كل ما حققته هو أن أصبحت رمزًا للظلم والاستبداد في أعين العالم.
أفخاي أدرعي ومثله من أبواق الاحتلال يعيشون في عالمهم الوهمي، يحاولون بشتى الطرق إقناع أنفسهم بأنهم “مميزون”، بأنهم “استثنائيون”. لكن الحقيقة الواضحة للجميع هي أن إسرائيل دولة مبنية على القهر والاستيطان والاحتلال.
وفي حين يتحدث أدرعي عن “المجد” و”الفخر”، يتساءل المرء عن أي مجد يتحدث؟ هل هو مجد قتل الأطفال؟ أم مجد تدمير المنازل وتشريد العائلات؟
الحقيقة التي يحاول أدرعي بكل قوته الهروب منها هي أن إسرائيل لم تنجح يومًا في كسب احترام العالم. نعم، ربما لديها بعض الأنظمة التي تدعمها، لكن الشعوب الحرة لا تنظر إلى إسرائيل إلا ككيان محتل لا يستحق الاحترام.
في المقابل، نجد أن الشعب المصري، الذي يعرف جيدا معنى الكرامة، لا يزال يذكّر الجميع بأن الكرامة الحقيقية لا تُباع ولا تُشترى، وأن الأبطال الحقيقيين هم من يدافعون عن أوطانهم وليس من يسرقون أوطان الآخرين.
أفخاي أدرعي، ببساطة، ليس سوى “بوق” يحاول أن يغطي على الحقائق المرة التي تلاحق إسرائيل في كل مكان. كل محاولاته للحديث عن “العظمة” و”الكرامة” و”الحرية” لن تغير من الواقع شيئًا.
إسرائيل كيان محتل، ودولة بلا أخلاق، تحاول بكل ما أوتيت من قوة تزييف التاريخ وإخفاء الحقائق. ولكن الحقيقة دائمًا ما تظهر، والشعوب الحقيقية دائمًا ما تعرف الحق من الباطل.