في خطوة فاجأت الجميع ووضعت العديد من علامات الاستفهام حول مصير الاقتصاد المصري ومستقبل الأجيال القادمة، وافقت الحكومة المصرية على بيع حصص استراتيجية في شركات بترولية لصالح شركة أبوظبي التنموية القابضة “إيه.دي.كيو” ADQ في إطار استجابة لمطالب صندوق النقد الدولي. بيع هذه الحصص التي تمثل جزءًا من أصول الدولة المصرية يأتي في وقت حساس،
حيث يواجه الشعب المصري أزمة اقتصادية خانقة تزداد يومًا بعد يوم، في ظل ارتفاع الدين العام وتدني مستوى المعيشة. خطوة بيع الأصول لم تقتصر على مجرد التخلص من شركات أو أصول، بل تمثل قرارًا كارثيًا يُظهر حجم الفساد والتقصير الحكومي في التعامل مع موارد الدولة.
وكأن هذا كله لم يكن كافيًا، فإن المعلومات الواردة تكشف عن بيع حصص في ثلاث شركات بترولية حيوية كانت تساهم في اقتصاد مصر بشكل كبير، لتضاف إلى سلسلة من القرارات الفاشلة التي تضع مستقبل الاقتصاد في مهب الريح.
بيع حصص شركات بترولية لصالح أبوظبي
جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري، في خطوة مثيرة للدهشة، وافق على بيع حصص ضخمة لصالح شركة أبوظبي التنموية القابضة “إيه.دي.كيو”. هذه الحصص تشمل 25% من أسهم شركة الحفر المصرية، و30% من أسهم شركة المصرية لإنتاج الإيثيلين ومشتقاته “إيثيدكو”، و35% من أسهم الشركة المصرية لإنتاج الالكيل بنزين الخطى “إيلاب”.
قد يبدو الأمر في الظاهر بمثابة صفقة تجارية طبيعية، لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا من ذلك بكثير، حيث أن هذه الموافقات جاءت بعد سلسلة من الضغوطات التي فرضها صندوق النقد الدولي على الحكومة المصرية في إطار تنفيذ شروط القروض الدولية.
ورغم أن الحكومة المصرية كانت قد تعهدت بحماية أصول الدولة وتعزيز قدرتها الاقتصادية، فإن الحقيقة أن هذه الصفقة ليست إلا بداية لمزيد من التفريط في الأصول الحيوية التي كانت تشكل جزءًا من القوة الاقتصادية لمصر.
الفشل الحكومي في إدارة هذا الملف يكشف عن حالة من التقاعس والفساد المستشري في مفاصل الدولة، حيث يتم بيع الأصول من أجل سد العجز المالي الناجم عن إدارة سياسات اقتصادية فاشلة.
معلومات خطيرة تكشف عن تأثير الصفقة
على الرغم من أن صفقة بيع حصص الشركات تم الإعلان عنها على أنها خطوة تعكس تطورًا اقتصاديًا وتوسيعًا للتعاون مع دولة الإمارات، فإن الحقيقة تكمن في الأبعاد الخفية لهذه الصفقة التي تضر بالمصلحة الوطنية.
وفقًا لجهاز حماية المنافسة، فإن هذه الصفقة تُمكن “إيه.دي.كيو” من السيطرة المادية على الشركات الثلاث، وهذا يعني أن المستثمرين الأجانب سيكون لهم دور رئيسي في إدارة هذه الشركات التي كانت في السابق جزءًا من قطاع الطاقة الاستراتيجي في مصر.
هذه الموافقات تثير تساؤلات كبيرة حول سيادة الدولة على مواردها الاستراتيجية، خاصة في ظل تصاعد الأزمات الاقتصادية.
الشركات التي تم بيع حصص فيها تمثل ركيزة أساسية في قطاع البترول والغاز المصري، وفي حالة حدوث تغييرات كبيرة في الإدارة، قد ينعكس ذلك سلبًا على قدرة مصر في التحكم في صناعتها البترولية وتوجيهها بما يتماشى مع مصالح الشعب المصري.
تساؤلات حول اتفاقات مصر مع الإمارات
الشركة المالكة لمشروع رأس الحكمة في الساحل الشمالي، “إيه.دي.كيو”، هي أيضًا الشركة التابعة لحكومة أبوظبي التي وقعت مع الحكومة المصرية اتفاقًا في فبراير الماضي لتطوير مشروع مدينة رأس الحكمة على الساحل الشمالي بمساحة 170.8 مليون متر مربع. هذا المشروع الذي يقدر حجم استثماراته بـ 150 مليار دولار يثير العديد من المخاوف حول التأثيرات المستقبلية على الاقتصاد المصري.
فهل ستكون مصر في النهاية مجرد دولة تابعة للمصالح الإماراتية، بينما تعيش أزمات اقتصادية خانقة؟ وما هي العواقب التي ستترتب على هذا المشروع بالنسبة للأجيال القادمة من المصريين الذين يعانون من ارتفاع الأسعار وتدهور الخدمات الأساسية؟
فساد الحكومة المصرية: تفريط في الأصول الوطنية
هذه الصفقة تأتي في وقت يتساءل فيه الجميع عن مصير الأجيال القادمة من المصريين. كيف يمكن أن تُفرط الحكومة في أصول استراتيجية لصالح مستثمرين أجانب
بينما تتجاهل مطالب المواطنين في تحسين مستويات حياتهم؟ وبينما يزداد الدين العام وتواجه البلاد أزمة مالية خانقة، تتنصل الحكومة من مسؤولياتها وتبحث عن حلول مؤقتة على حساب موارد الدولة.
التقاعس الحكومي والفساد المستشري في أروقة النظام يكشف عن عقلية إدارة فاشلة لا تسعى إلا لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة الوطنية.
كل هذه الصفقات، رغم ما يبدو عليها من “شراكات استراتيجية”، ما هي إلا أدوات جديدة لتأمين استمرار الفساد وضمان مصالح النخبة على حساب الشعب المصري.
استجابة لصندوق النقد الدولي أم تفريط في السيادة؟
ليس من الصعب ربط هذه الخطوة بالشروط التي فرضها صندوق النقد الدولي على الحكومة المصرية في إطار قرضه الأخير. فالتخلص من الأصول كان دائمًا أحد الشروط الرئيسية التي يفرضها هذا الصندوق، ولكن السؤال يبقى: هل كان لابد من بيع هذه الأصول الحيوية في وقت يعاني فيه الشعب المصري من تدهور مستمر في مستوى المعيشة؟ أم أن الحكومة قد اختارت الطريق الأسهل في تنفيذ تعليمات الخارج على حساب مصالح الشعب المصري؟
هذه الخطوة تأتي ضمن سلسلة من القرارات الاقتصادية التي تظهر أن الحكومة المصرية قد اختارت الحلول السهلة على حساب بناء اقتصاد قوي ومستدام.
القرار، مهما كانت مبرراته، قد يؤدي في النهاية إلى خسارة مصر لجزء كبير من قدرتها الاقتصادية في وقت بالغ الأهمية.
إن ما يحدث اليوم ليس مجرد بيع حصص في شركات، بل هو تفريط في سيادة الدولة ومواردها لصالح جهات خارجية، مما يضع مستقبل البلاد في خطر داهم.