مصر أمام مشهد كارثي جديد، حيث تكشف محاولات الحكومة المصرية لإخفاء حقيقة تدهور الوضع الاقتصادي وغياب الحلول الجادة، وذلك في مسعى مكشوف لزيادة الشريحة الرابعة من قرض صندوق النقد الدولي إلى ملياري دولار بدلاً من 1.3 مليار دولار، والتي كان من المفترض أن تصرف فور الانتهاء من المراجعة التي يجريها فريق الصندوق في القاهرة هذه الأيام.
كل ذلك يأتي في إطار مسلسل مستمر من التلاعب بحياة المواطنين وتراكم الديون التي تضع البلاد في دائرة الفقر المدقع.
المراجعة الرابعة لصندوق النقد: هل هي مجرد ورقة لتغطية فشل الحكومة؟
منذ بداية الشهر الجاري، بدأ فريق صندوق النقد الدولي في مراجعة برنامج مصر للإصلاح الاقتصادي، الذي يعد واحدًا من أكبر التحديات التي تواجه الحكومة المصرية.
المراجعة التي كانت تهدف في البداية لصرف الشريحة الرابعة من القرض البالغة 1.3 مليار دولار، أثبتت أن الحكومة المصرية ليس لديها أي استراتيجية فعلية للنهوض بالاقتصاد سوى الاستمرار في الاقتراض، على حساب قدرة الشعب على التحمل.
فالحكومة تطلب الآن زيادة الشريحة إلى ملياري دولار، في خطوة تؤكد عجزها عن إحداث أي تغيير حقيقي في الأوضاع الاقتصادية المزرية التي يعيشها المواطنون.
8 مليارات دولار: ضربة جديدة للاقتصاد المصري على يد الحكومة
في مارس الماضي، وقع النظام المصري على اتفاق مع صندوق النقد الدولي لزيادة قيمة القرض إلى 8 مليارات دولار، في محاولة غير نزيهة لإنقاذ الاقتصاد المنهار.
هذا القرار كان بمثابة الضوء الأخضر لحكومة السيسي لفرض المزيد من الإصلاحات القاسية على المواطنين الذين يعانون أصلاً من تدهور كبير في مستويات المعيشة.
ومنذ بداية عام 2022، كانت مصر تواجه أزمة حادة في النقد الأجنبي، وكانت السلطات المصرية تواصل رفع الدعم عن السلع الأساسية مثل الوقود والخبز والكهرباء، مما فاقم معاناة المواطن البسيط الذي أصبح يواجه مصيراً مجهولاً نتيجة هذه الإجراءات المدمرة.
المديرة العامة لصندوق النقد: إشادات فارغة في وقت قاتل
لم تكتفِ الحكومة المصرية بالضغط على المواطنين عبر سلسلة من الإصلاحات المؤلمة، بل سعت إلى تجميل صورتها من خلال إشادة كريستالينا جورجييفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، بالإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الحكومة المصرية في ظل الأزمات الإقليمية والدولية.
جورجييفا أكدت خلال زيارتها الأخيرة لمصر أن الحكومة المصرية أظهرت “متانة واضحة” وسط التحديات، في محاولة لإضفاء طابع إيجابي على إجراءات تسببت في هلاك الطبقات الشعبية.
ولكن الحقيقة التي تخفيها هذه الكلمات هي أن الاقتصاد المصري قد أصبح مجرد أداة في يد صندوق النقد الدولي لتدير الحكومة دوامة الديون، دون أفق حقيقي للخروج منها.
تحركات صندوق النقد: استمرار للضغط على الشعب المصري
على الرغم من التأكيدات التي قدمها صندوق النقد الدولي بخصوص الإصلاحات الاقتصادية التي يجب أن تنفذها الحكومة، إلا أن النتائج التي تحققت على أرض الواقع كانت كارثية بكل المقاييس.
فبعد أن تمت الموافقة على صرف الشريحة الثالثة من القرض في مايو الماضي، بقيمة 820 مليون دولار، لم يتحسن الوضع بشكل ملموس.
على العكس، ازدادت الضغوط على المواطنين مع الارتفاع المستمر في أسعار السلع الأساسية، وتدهور القدرة الشرائية، فضلاً عن زيادة معدلات الفقر والبطالة.
الفساد الحكومي وغياب المساءلة: هل ستظل الحكومة تتهرب من المسؤولية؟
في الوقت الذي يطالب فيه الشعب بحلول حقيقية لإنقاذ الوضع، يواصل النظام المصري ممارسات الفساد بكل أشكاله، ويتحمل المواطن وحده تبعات هذه السياسات الفاشلة.
الحكومة لا تعير أي اهتمام للأوضاع المعيشية للمواطنين، بل على العكس، فهي تبحث عن المزيد من الأموال عبر القروض، التي لا تضيف إلى خزينة الدولة سوى مزيد من الديون، التي سيحملها الأجيال القادمة.
وعوضًا عن العمل على إصلاحات حقيقية للاقتصاد، تستمر الحكومة في سياسة الترف على حساب الفقراء، فهل هناك أمل في تغيير حقيقي؟
الديون تتراكم والفساد يزداد
ما نشهده اليوم ليس سوى تراكم متسارع للديون الحكومية على حساب الشعب، وفي الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن تنفيذ إجراءات الإصلاح الاقتصادي، يستمر الفساد في المؤسسات الحكومية في التغلغل بشكل أكثر عمقًا.
الأموال التي يتم اقتراضها من صندوق النقد الدولي وغيرها من المؤسسات الدولية لا تذهب لخدمة المواطن، بل إلى جيوب قلة من الفاسدين الذين يستغلون المساعدات الاقتصادية لمصلحتهم الشخصية، في الوقت الذي يواجه فيه الشعب تدهورًا متسارعًا في مستويات المعيشة.
ماذا بعد؟ هل ستظل الحكومة تبيع الشعب مقابل القروض؟
إن الوضع الذي تعيشه مصر اليوم ليس إلا نتيجة حتمية لسياسات اقتصادية فاشلة تمثل التوجهات السائدة داخل الحكومة، حيث تواصل الاقتراض من المؤسسات الدولية والتضحية بحقوق الشعب في سبيل استمرارية النظام.
كل تلك الأرقام الكبيرة التي يتم الإعلان عنها في وسائل الإعلام ليست إلا صكوكاً جديدة من الديون التي سترهق الأجيال القادمة.
الحكومة المصرية تطلب الآن ملياري دولار كزيادة في الشريحة الرابعة للقرض، لكنها في الواقع لا تقدم أي خطة عملية حقيقية لتجاوز الأزمة، بل تواصل تقديم مسكنات لا تشفي الجروح العميقة للاقتصاد المصري.
ديون بلا حلول
القرارات التي تتخذها الحكومة اليوم لا تؤدي إلا إلى المزيد من التدهور. مصر التي كان يُفترض أن تكون قد خرجت من الأزمة منذ سنوات، ما زالت تغرق في مستنقع الديون والفساد، في ظل تجاهل كامل للمطالب الشعبية في تحقيق تحسينات اقتصادية حقيقية.
الحلقات المتواصلة من الاقتراض لا تقود إلا إلى مزيد من الاستدانة، في حين يزداد المواطن المصري فقراً ومعاناة.