بعد ثلاثين عاما فوجئنا بإيقاف تمويل الأبحاث الميدانية لقسم الجيولوجيا ومستلزماتها (استئجار سيارات دفع رباعى لزوم العمل في الميدان/الصحراء، مواصلات ذهاب وإياب من الجامعة للعمل، إقامة وإعاشة)،
ومطالبتنا بعمل خطة بحثية يصرف على أساسها “سلف” تمويل العمل الميدانى/الحقلى!! مع العلم بأن الخطة البحثية هي خطة خمسية معدة ومعتمدة من القسم والكلية وبناء عليها تم صرف المتطلبات المالية لمدة ثلاثين سنة. لماذا بعد ثلاثين سنة من استقرار نظام الصرف يتوقف الصرف عن تمويل الأبحاث الميدانية، والمطالبة بخطة بحثية هي موجودة فعلا؟
الصرف استمر حتى العام الدراسى الماضى في وجود رئيس الجامعة الحالي.. ما الذى حدث ليوقف الصرف؟! وهل يمكن الصرف بلا خطة علمية لمدة 30 سنة انتجت أبحاثا علمية ومنحت رسائل علمية مميزة؟! من الذى اكتشف هذا الجهل فأراد أن يصححه؟! وكيف يوافق مجلس الجامعة لمدة 30 سنة على صرف أموال لأبحاث ميدانية بلا مسوغ يجيزه؟!
أليس هذا اتهام لأساتذة الجامعة والإدارة بالجهل العلمى والإدارى؟! بالقطع لم يكن أساتذة الجامعة جهلة بقوانين الإدارة ولا بقواعد البحث العلمى وما تم كان صحيحا يستند على خطة وقواعد،
وإن كان خطأ حاسبوا الإدارة التي صرفت 30 سنة ولاتوقفوا البحث العلمى. لماذا يسمح مجلس الجامعة بطلب خطة علمية هى موجودة بالأساس وأقروا الصرف عليها 30 سنة مضت؟!
أليس هذا يدينهم ويضعف موقفهم أم ما الذي اضطرهم للصمت والموافقة؟! ليس أمامنا سوى رئيس الجامعة فهو مديرها الأول والمسئول عن كل شيء، وعما يحدث من تعطيل وتأخير لصرف استقر ثلاثين عاما.. لماذا يحدث التعطيل الآن؟!
لا علاقة لنا بما يقال عن موقف السيد اللواء أمين جامعة حلوان من إيقاف الصرف بعد تعينه للتأكد من مطابقته للقانون.. هذا حقه الإداري لكن لماذا التأخر والتحجج بأعذار مختلفة طيلة 5 أشهر،
وبعض طلاب الماجستير والدكتوراه يتوقف منحهم الدرجة على زيارة ميدانية مؤجلة أو ملغية لمقارنة وتصحح النتائج النظرية مع الميدانية، أم نلفق النتائج ليحصل على الدرجة؟!! ناهيك عن أبحاث أعضاء هيئة التدريس الواجبة لصالح العملية التعليمية والبحثية.
الجيولوجيا ببساطة ولمن لا يعرف هى علوم الأرض المختصة باستكشاف الثروات المعدنية والمياه والبترول والغاز، واختيار أماكن بناء الأنفاق والسدود والأراضى الزراعية والمجتمعات العمرانية (مصدر اقتصادى مهم).
الاستكشافات الجيولوجية تتم في مواقع العمل الميدانى (الجبل والصحراء والبحار) وليس في المكاتب. هل استكشف حقل بترول أو معادن بدون مسج جيولوجى وحفر في الصحراء أو البحر؟!
هل يمكن أن تتدرب الجيوش نظريا في المكاتب وعلى شاشات الكمبيوتر أم عمليا في الميادين؟!
جودة البحث العلمى مقياس تصنيف الجامعات دوليا، وتقدم الدول وقوتها، إن كانت قوة الجيوش تحمى حدود الأوطان وتحافظ على استقلالهم، فالبحث العلمى يوفر للجيوش في الحروب أدوات القوة (مسيرات وصواريخ يتم التحكم فيها عن بعد وغيرها.. ألخ). الصراع الدولى الحالي هو صراع علمى، والمعارك تتم بتكنولوجيا البحث العلمى المتطورة.
انتهى عصر المعارك “بالشومة” والسلاح الأبيض والمسدسات إلا مع العصابات والمرتزقة للسرقة وتصفية الحسابات. كل شيء في حياتنا يتوقف على جودة التعليم وتطور البحث العلمى، لا يأتيا من فراغ ولا بمسميات براقة فارغة من مضمونها، ولكن بتخصيص تمويل قادر على النهوض بالتعليم والبحث العلمى.
أكتب إليكم ليس تطفلا -بعد عدم الرد على ما كتبت لكم سابقا- وإنما دفاع عن حق طلاب الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه) لإنجاز رسائلهم التي لا يستطيعون إنجازها بلا تمويل، ولا يقدرون على المطالبة بتمويل خشية التنكيل بهم،
ولإبراء ذمتى من الصمت، فأطلعتكم على الأمر.
أديت دورى في حدود إمكانياتى التي لا تتعدى البحث العلمى والإشراف على الرسائل، وتعجز عن التمويل، وأحملكم المسئولية. إذا كنتم أنتم أصحاب القرار لستم حريصين على تمويل البحث العلمى للمنافسة على تصنيف جيد بين الجامعات العالمية وتقدم الدولة، فكيف نهتم نحن ورواتبنا أصبحت لا تفى بحاجاتنا المعيشية الأساسية؟!
لن نتوقف عن منح الطلاب درجاتهم العلمية حرصا على مستقبلهم المعيشى (وليس العلمى لأنه غير متاح) بجودة لا تتعدى جودة “مدرس ثانوى”، يقوم بتدريس المنهج لطلاب المرحلة الجامعية، ولا يعرف كيفية إجراء بحث علمى جيد يستفيد منه الوطن.
إذا كانت مشكلة السيد اللواء أمين جامعة حلوان في عدم رضاه عن نظام استمر ثلاثين عاما، ويريد السيطرة عليه بالتحكم في الصرف المالى.. فلا بأس ولا مانع لدينا. مستلزمات العمل الميدانى هى سيارات دفع رباعى،
وسيارات تحمل العينات من الحقل للجامعة، ومواصلات السفرذهابا وإيابا، والإقامة والإعاشة. ونقترح حلا لمشكلة الإيقاف يتلخص في بديلين:
الأول: أن تتفق الجامعة ممثلة في السيد اللواء أمين الجامعة مع جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة على الآتى (مدفوع الأجر):
1- توفير المواصلات ذهابا وإيابا لموقع العمل في الصحراء مع التأمين
2- استئجار سيارات دفع رباعى
3- توفير مكان إقامة في خيام في الصحراء (ولا أقول فنادق كالتى يقيم فيها السادة)
4- توفير الإعاشة بأبسط الإمكانيات كجنود القوات المسلحة على الجبهة.
أو ثانيا: أن يقوم أمين الجامعة بالتعاقد مع شركات خاصة لتوفير ما سبق ذكره أعلاه (مدفوع الأجر) لعدم تعطيل العمل وسرعة الإنجاز كما هو سائد في عموم الدولة.
كما تحتاج الجيوش لتوفير وتأمين ميزانياتها في الحفاظ على كفاءتها وعدم انهيارها، التعليم والبحث العلمى يحتاجان لتوفير ميزانية تفى بأغراضهما من أجل التطور. إذا كان الجيش قوة جسم الدولة فالتعليم عقلها المفكر. يستطيع الجسم أن يسير ويدرك بلا ذراع أو بلا ساق أو بلا عين أو بلا كلى أوبهم جميعا لكن لا يستطيع أن يسير ويدرك بلا عقل.. العقل هو العلم المنظم لحياة وممات البشر.