تقاريرعربي ودولى

ترامب يستعد للعودة والبيت الأبيض يواجه مرحلة اضطراب خطيرة

تحت سماء مشحونة بالتوتر والصراع الحزبي، تستعد الولايات المتحدة لدخول مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي عندما يتسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب مقاليد السلطة في 20 يناير، في الوقت الذي تظل فيه البلاد تحت حكم الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن حتى ذلك الحين.

لا يمكن تجاهل الكارثة الوشيكة التي تلوح في الأفق مع تزايد حالة الشلل السياسي التي تعيشها واشنطن خلال ما يعرف بفترة “البطة العرجاء”.

في هذه الفترة الحساسة التي تمتد من إعلان نتائج الانتخابات حتى تنصيب الرئيس الجديد، يتقلص نفوذ الرئيس الحالي، ليصبح عاجزًا عن اتخاذ أي قرارات حاسمة،

حيث تقتصر صلاحياته على تصريف الأعمال وتسيير الأمور الروتينية. هذا التوصيف المستعار من عالم السياسة الأمريكية يعكس الواقع المرير الذي قد تواجهه البلاد في الأشهر المقبلة.

الرئيس الحالي على وشك المغادرة والمستقبل في يد ترامب

تعد فترة “البطة العرجاء” أكثر من مجرد مرحلة انتقالية، إنها تجسيد حي للأزمة التي قد تعصف بأقوى ديمقراطية في العالم.

فما بين 20 نوفمبر، موعد ظهور نتائج الانتخابات، و20 يناير، تاريخ تنصيب ترامب، تبقى البلاد معلقة في حالة من الجمود السياسي.

وبالرغم من ذلك، يبقى الرئيس جو بايدن ملزمًا بمواصلة أداء مهامه المحدودة وفقًا للدستور الأمريكي، فيما يترقب ترامب بصبر صعوده للسلطة وفرض رؤيته السياسية التي قد تعيد تشكيل مستقبل البلاد.

ووفقًا للتقاليد السياسية الأمريكية، من المفترض أن يقوم بايدن باستضافة ترامب داخل البيت الأبيض قريبًا، لتتم مناقشة القضايا الكبرى في المكتب البيضاوي وتبادل المعلومات الهامة، بما في ذلك ما يعرف بـ”الملخص السري”.

هذا الملخص يحتوي على أهم التهديدات الأمنية والمعلومات الاستخباراتية الحساسة، والتي يتعين على الرئيس المنتخب الاطلاع عليها لضمان سلاسة انتقال السلطة واستمرارية الأمان القومي.

القانون والتقاليد تجبر بايدن على التعاون رغم المرارة

بحسب قانون الانتقال الرئاسي الأمريكي لعام 1963، يتوجب على الرئيس المنتهية ولايته تقديم هذا الملخص السري الذي يضم التهديدات الأمنية والعمليات العسكرية السرية للرئيس الجديد.

هذا القانون الذي يعتبر من ركائز الديمقراطية الأمريكية، يفرض على بايدن التعاون الكامل مع فريق ترامب لضمان انتقال السلطة بشكل سلس.

ومن المثير أن جو بايدن سيظل يشارك ترامب في إحاطات استخباراتية شبه يومية طيلة هذه الفترة. الأمر الذي يمثل اختبارًا حقيقيًا لصبر الرئيس المنتهية ولايته، الذي يرى السلطة تتسرب من بين يديه لصالح منافس سياسي شديد الشراسة.

ولا يقتصر الأمر على تبادل المعلومات الاستخباراتية فقط، بل يتعين على الإدارات المتعاقبة إجراء تدريبات مشتركة بين الوكالات المعنية للتأهب لحالات الطوارئ وتبادل الخبرات.

ورغم أن هذه التدريبات قد تبدو روتينية، إلا أنها تحمل في طياتها تحديات لوجستية وسياسية كبيرة، خصوصًا مع وجود خلافات جوهرية بين الإدارة الحالية والإدارة المقبلة حول العديد من القضايا.

الكونغرس ومجلس الشيوخ تحت تأثير “البطة العرجاء”

لا تقتصر فترة “البطة العرجاء” على البيت الأبيض فقط، بل تمتد لتشمل الكونغرس الأمريكي أيضًا. فالنواب الذين تم انتخابهم في الانتخابات التشريعية التي جرت بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية في نوفمبر لا يتسلمون مقاعدهم فورًا، بل عليهم الانتظار حتى 3 يناير لأداء قسم اليمين.

وفي مجلس الشيوخ، سيؤدي الأعضاء الجدد القسم أمام نائب الرئيس الجديد دونالد ترامب، بصفته رئيسًا للمجلس، مما يضفي طابعًا رمزيًا على صعود ترامب للسلطة في تلك اللحظات الحرجة.

تأخير تسلم الأعضاء لمقاعدهم يضيف تعقيدًا إضافيًا للمشهد السياسي، حيث يظل الكونغرس الحالي قائمًا حتى نهاية العام. هذا يعني أن الإدارة الديمقراطية بقيادة بايدن قد تجد نفسها مضطرة للتعامل مع كونغرس لا يعكس الواقع السياسي الجديد، مما يزيد من تعقيد عملية انتقال السلطة ويساهم في إطالة فترة الشلل التشريعي.

بايدن والاستعداد المبكر للمعركة الشرسة

في مواجهة هذه التحديات، يبدو أن جو بايدن قد بدأ بالاستعداد مبكرًا لهذه المرحلة الحساسة. بعد فوز الجمهوريين بأغلبية في مجلس النواب في نوفمبر 2022، اتصل بايدن بزعيم الأغلبية الجمهورية كيفن مكارثي، مهنئًا إياه بالفوز وداعيًا إياه لمناقشات تهدف إلى تحديد آليات العمل في الفترة المقبلة.

هذا الاتصال يعكس إدراك بايدن المبكر لصعوبة المرحلة التي يواجهها حزبه، خاصة أن فوز الجمهوريين بأغلبية مجلس النواب يعني تحجيم سلطات الرئيس بشكل كبير، وهو ما يضع الديمقراطيين في موقف دفاعي منذ اللحظة الأولى.

لم يكن طموح بايدن في فترة رئاسية ثانية خافيًا على أحد، فقد كان يأمل في استمرار إدارته حتى 2028، ولكن إعلان ترامب عن ترشحه للرئاسة منذ فترة طويلة أشعل صراعًا مبكرًا على البيت الأبيض.

هذا الصراع لم يقتصر على الشخصيات بل امتد ليشمل الحزبين الأكبر في الولايات المتحدة. فالحزب الجمهوري، الذي يتزعم المعركة ضد بايدن،

بدأ بالفعل بوضع خطط لتقييد سلطات الرئيس خلال الفترة الانتقالية، بينما الحزب الديمقراطي يعيش حالة من الانقسام الداخلي حول استراتيجيات المواجهة.

البيت الأبيض ومواجهة المصير المجهول

ومع اقتراب 20 يناير، اليوم الذي سيتسلم فيه ترامب السلطة رسميًا، تبدو الولايات المتحدة على شفا مرحلة جديدة من التوتر السياسي والصدام بين الحزبين.

ففترة “البطة العرجاء” لم تكن أبدًا بهذا القدر من الحدة والصراع، حيث يجد بايدن نفسه مضطرًا لتسليم السلطة لغريمه السياسي دونالد ترامب وسط أجواء مشحونة بعدم الثقة والانقسام.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى