وفاة إيهاب مسعود: كارثة صحية تنكشف وتكشف فساد السلطات المصرية
في حادثة جديدة تكشف عن تقاعس الحكومة المصرية وفسادها المستشري في التعامل مع السجناء السياسيين، توفي القيادي بحزب الاستقلال إيهاب مسعود إبراهيم جحا في سجن برج العرب بالإسكندرية بعد تدهور حالته الصحية بشكل كارثي، في ظل تجاهل تام من السلطات لمناشدات أسرته بتقديم العلاج اللازم له.
في سابقة خطيرة تعكس حجم الفساد والإهمال في النظام الأمني، استمر مسلسل معاناة جحا داخل السجون المصرية التي تحولت إلى أقبية للموت البطيء.
السجن يقتل والإهمال مستمر
إيهاب مسعود، العضو البارز في حزب الاستقلال، والذي كان يشغل منصب أمين تنظيم مساعد في محافظة الغربية، لم يكن فقط ضحية للممارسات القمعية للنظام، بل كان ضحية للإهمال الطبي المتعمد.
الرجل الذي كان يعاني من مرض السكري الحاد، عانى أيضًا من تدهور مفاجئ في حالته الصحية داخل السجن. وقد أشارت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان إلى أن السلطات المصرية رفضت تقديم العلاج أو الدواء المناسب لجحا، الذي كان في حالة صحية حرجة للغاية.
في البداية، أجريت له عملية جراحية لاستئصال كيس مائي على الرئة، ثم عملية أخرى في الظهر، لكن تلك العمليات لم تكن كافية، خاصة وأنه أصيب بحروق شديدة في قدميه أثناء فترة حبسه، وهو ما أثر سلبًا على قدرته على الحركة، لدرجة أنه أصبح لا يستطيع التحرك دون مساعدة.
لكن المفاجأة الأكبر كانت في أن السلطات المصرية لم تكترث لمناشدات أسرته التي تطالب بإيصال العلاج إليه، بل استمرت في احتجازه داخل ظروف قاسية، رغم تدهور حالته الصحية.
ظل جحا محتجزًا في الحبس الاحتياطي لفترة تجاوزت السقف القانوني، مما يعد خرقًا فاضحًا للحقوق الإنسانية والقانون الدولي.
إيهاب مسعود: الأب والزوج والأمل المفقود
عُرف إيهاب مسعود كأب وأم لشباب في مراحل تعليمية مختلفة، وزوج محب، وعامل جاد يعمل كمندوب مبيعات قبل أن يتم اعتقاله.
هو ليس مجرد رقم من أرقام السجناء السياسيين في مصر؛ بل هو صورة من معاناة آلاف من الأبرياء الذين أصبحوا ضحايا للنظام الاستبدادي الذي يعامل المعارضين بشكل لا إنساني.
قتل جحا في السجن لم يكن مجرد حادث عرضي؛ بل كان نتيجة مباشرة لإهمال متعمد وتجاهل لحقوقه الإنسانية الأساسية.
سجون الموت: قصة تتكرر
لم يكن موت إيهاب مسعود هو الأول في السجون المصرية هذا العام. في أكتوبر الماضي، توفي أربعة سجناء في ظروف مشابهة، وفي سبتمبر توفي خمسة آخرون، وفقًا لرصد مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب.
تلك الوفيات، التي تتم في صمت، لا تجد من يصرخ لها، بينما السلطات المصرية تلتزم الصمت وتبرر أفعالها بالإهمال الطبي، الذي لم يعد خافيًا على أحد.
السلطات: إجرام قانوني وفساد مستشري
منذ أن تم اعتقال إيهاب مسعود في 23 سبتمبر 2019، تعرض لمعاملة سيئة وغير قانونية، حيث تم التحقيق معه وحبسه على ذمة القضية المعروفة إعلاميًا بـ”قضية حزب الاستقلال”.
ووجهت له السلطات اتهامات ملفقة بالانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف القانون، والدعوة إلى التظاهر، وتعطيل مرافق الدولة، ونشر أخبار كاذبة.
تلك التهم التي لا أساس لها من الصحة ليست سوى فبركات تهدف إلى إخضاع المعارضين وقمع الأصوات المنتقدة للسلطة.
حقيقة النظام: القتل الممنهج في سجون مصر
إن ما حدث مع إيهاب مسعود ليس حادثة معزولة، بل هو جزء من سياسة منهجية تهدف إلى إخفاء معالم فساد الحكومة المصرية، التي ترفض تقديم العلاج للسجناء وتعاملهم وكأنهم أرقام هامشية في معادلة السلطة.
فهذا النظام لا يقتصر على ممارسات قمعية ضد المعارضين، بل يتعامل مع المعتقلين السياسيين بوحشية لا تقتصر على التعذيب الجسدي فقط، بل تمتد إلى القتل البطيء عبر الإهمال الطبي.
الحكومة المصرية لم تكتفِ بانتهاك القوانين المحلية والدولية، بل قامت بتشويه صورة السجناء المعارضين بطرقٍ بشعة وأقسى مما يتخيله العقل البشري.
النظام يواصل انتهاك حقوق الإنسان في صمت
الخطورة الكبرى تكمن في أن النظام المصري يواصل انتهاك حقوق الإنسان في صمت مطبق، بينما يظل الرأي العام العالمي غافلاً أو متواطئًا في كثير من الأحيان.
فالسجون المصرية، التي أصبحت أشبه بمراكز تعذيب وتجويع، تفتقر إلى أدنى معايير حقوق الإنسان. وفاة إيهاب مسعود لن تكون الأخيرة طالما استمر الفساد في الأروقة الحكومية، واستمر استهداف الأبرياء لأسباب سياسية.
هل ستكون هناك محاسبة؟
يبقى السؤال الأهم: هل سيحاسب المسؤولون عن هذه الجرائم بحق الإنسان؟ وهل ستستمر الحكومة المصرية في سياسة التغطية على فسادها، أم أن هناك من سيقف في وجه هذا الفساد ويسلط الضوء على قضايا السجناء السياسيين، الذين أصبحوا مجرد أرقام في سجلات الموت البطيء؟