كارفور تغلق فروعها في الأردن.. هزيمة لمصالح الاحتلال بعد المقاطعة الشعبية
في موقف يضع علامات استفهام كبيرة حول قدرة الشركات العالمية على التلاعب بمشاعر الشعوب، فوجئ الجميع بإعلان مجموعة “ماجد الفطيم” وكيل علامة “كارفور” التجارية في الأردن عن إغلاق جميع فروعها في المملكة، في خطوة لم تكن مفاجئة في سياق تصاعد المقاطعة الشعبية التي حظيت بدعم شعبي واسع.
حيث أشارت إدارة “كارفور” إلى أن هذا القرار سيُنفذ بدءاً من يوم الإثنين الماضي، معلنة عن توقف كافة العمليات في فروعها داخل المملكة.
وكان إعلان “كارفور” على صفحتها الرسمية في موقع “فيسبوك” أكثر من مجرد خبر عابر، فقد جاء في سياق اعتراف ضمني بقوة الحملة الشعبية المناهضة لها،
حيث أشارت إلى شكرها للعملاء على دعمهم واعتذارها عن أي إزعاج قد ينتج عن هذا القرار، ولكن هذا الاعتذار كان أقرب إلى محاولة لإطفاء شرارة كانت قد اشتعلت في قلب الشارع الأردني، الذي كان قد قرر مواجهة أي شركة تتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي.
علامات على الجدار… المقاطعة تطيح بكارفور
ومع تسارع الأحداث وتنامي الرفض الشعبي، بدأ تأثير المقاطعة يظهر بوضوح على أرض الواقع، حيث شهدت العديد من فروع “كارفور” في الأردن إغلاقاً تدريجياً، في وقت اختفت فيه جميع العلامات التجارية الخاصة بها من بعض المتاجر الكبرى.
الكارثة الكبرى بالنسبة للمجموعة لم تكن فقط في إغلاق الفروع، بل في حجم الغضب الشعبي الذي دفع بمطالبات ملحة بضرورة إلغاء كافة صلات “كارفور” بالأردن، ووقف بيع منتجاتها في السوق المحلي بشكل قاطع.
كان من الواضح أن هذا الإغلاق لم يكن مجرد خطوة تنفيذية من جانب “كارفور”، بل كان بمثابة انتصار كبير للشعب الأردني، الذي سعى بكل قوة للضغط على أي شركة تحاول الوقوف في صف العدوان الإسرائيلي، متحدين في حملة لم تترك مكاناً للحياد أو السكوت.
فمنذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر 2023، كان الشعب الأردني على قلب رجل واحد في مقاطعته لكل ما يخص الاحتلال، فكانت “كارفور” واحدة من الشركات المستهدفة، بسبب علاقتها المباشرة بدولة الاحتلال.
مقاطعة بلا هوادة… الشعب يفرض إرادته
الحملة لم تكن مجرد احتجاج عابر، بل كانت حركة جماهيرية هائلة تحمل في طياتها رسائل قوية عن إرادة شعبية لا تقبل المساومة على قضايا الوطن والأمة.
ففي استطلاع للرأي أجرته “مركز الدراسات الاستراتيجية” في الجامعة الأردنية، أظهرت النتائج أن أكثر من 90% من الأردنيين شاركوا في حملات المقاطعة المختلفة، وهو ما يعكس حجم التضامن الشعبي مع غزة والفلسطينيين في ظل المجازر الإسرائيلية التي كان آخرها الهجوم على القطاع.
ومع تصاعد الأحداث، خرجت الكثير من المقاطع المصورة على منصات التواصل الاجتماعي، تظهر الجنود الإسرائيليين وهم يحملون أكياساً تحتوي على مواد غذائية عليها شعار “كارفور”.
هذا المشهد لم يكن مجرد صورة عابرة، بل كان القشة التي قصمت ظهر العلاقة بين “كارفور” والشعب الأردني. فبمجرد رؤية ذلك، بدأت الدعوات تتصاعد على نطاق واسع للمقاطعة الجادة والشاملة، وهو ما تجسد بشكل سريع في إجبار “كارفور” على اتخاذ هذا القرار المذل.
إغلاق فروع كارفور في الأردن .. هزيمة للاحتلال وصورة من صور التضامن العربي
أما على الصعيد الدولي، فقد شكل قرار إغلاق “كارفور” ضربة قوية للوجود التجاري الفرنسي في الشرق الأوسط، لاسيما أن “كارفور” تعتبر واحدة من أكبر الشركات في قطاع بيع المواد الغذائية في أوروبا.
لكن الأمر هنا لا يتعلق فقط بمصالح اقتصادية، بل بحسابات سياسية كانت أكبر من أن تُغفل. ففي مايو 2023، افتتحت “كارفور” أول فروع لها في إسرائيل،
في خطوة وصفت بأنها محاولة لزيادة التنافسية داخل السوق الإسرائيلي، لتصبح بذلك واحدة من أولى الشركات الأجنبية التي تسعى إلى إقامة علاقة تجارية مع الاحتلال.
ورغم أن “كارفور” حاولت في البداية التخفيف من تأثير حملات المقاطعة، إلا أن المعركة كانت قد انتهت لصالح الشعب الأردني، الذي قرر بوضوح أن مصالحه الوطنية وموقفه القوي ضد الاحتلال لا يمكن أن يتزعزع مهما كانت المغريات الاقتصادية.
المقاطعة الأردنية كانت رسالة واضحة إلى الجميع: لا يمكن التعايش مع الاحتلال التجاري، ولا مجال للمساومة على القضية الفلسطينية تحت أي ظرف من الظروف.
رسالة غير قابلة للتفاوض
إن ما يحدث الآن هو تجسيد حقيقي للإرادة الشعبية الأردنية، التي لا يمكن أن تقبل بتجاوز الخطوط الحمراء. إن المقاطعة لم تكن مجرد فعل روتيني، بل كانت تعبيراً حياً عن التضامن العربي مع الشعب الفلسطيني، في معركة هي أكبر من مجرد دفاع عن مصالح وطنية.
فالشعب الأردني أرسل رسالة حاسمة إلى كل الشركات الأجنبية التي تراهن على التعامل مع الاحتلال وأن هذه المعركة ليست حرباً تجارية، بل هي حرب وجودية ومصيرية، لا مجال فيها للحياد أو التفاوض.