في مشهد يثير القلق ويعكس فشل الحكومة المصرية في إدارة الاقتصاد وتفشي الفساد فيها تعيش البلاد أزمة اقتصادية طاحنة تتجلى في ارتفاع متزايد لسعر الدولار أمام الجنيه المصري لليوم الرابع على التوالي مسجلا ارتفاعا جديدا بنحو عشرين قرشا ليصل سعره في البنك التجاري الدولي إلى مستويات غير مسبوقة حيث بلغ 49.10 جنيه للشراء و49.20 جنيه للبيع لتتفاقم بذلك الأوضاع المعيشية للمواطنين الذين يعانون من ضغوطات اقتصادية متزايدة.
وبالنظر إلى الأرقام المتداولة نرى أن سعر الدولار في بنك مصر قد وصل إلى 48.07 جنيه للشراء و49.17 جنيه للبيع بينما سجل في البنك الأهلي نحو 48.99 جنيه للشراء و49.09 جنيه للبيع في مؤشر واضح على عدم استقرار العملة المحلية وقدرة الحكومة على التحكم في الأسواق المالية التي تعاني من الفوضى والارتباك.
الواقع الاقتصادي في مصر يعكس بصورة صارخة ضعف الحكومة وعجزها عن اتخاذ الإجراءات الفعالة لمواجهة الأزمات المتلاحقة فمن الواضح أن السياسات النقدية المعتمدة لم تحقق النتائج المرجوة بل على العكس زادت من تفاقم الأزمة حيث يتصاعد سعر الدولار في ظل غياب الخطط الاقتصادية المدروسة والمبنية على أسس صحيحة لتكون النتيجة هي تآكل القدرة الشرائية للجنيه وارتفاع معدلات التضخم بشكل ينذر بكارثة اقتصادية شاملة.
في إطار هذه الأجواء المقلقة ارتفعت أسعار الذهب بشكل غير مسبوق حيث شهدت التعاملات الصباحية زيادة بحوالي خمسة جنيهات ليسجل سعر جرام الذهب من عيار 21 الأكثر مبيعا في مصر 3825 جنيها بينما سجل سعر عيار 24 نحو 4371 جنيها وسعر عيار 18 بلغ 3279 جنيها أما الجنيه الذهب فقد وصل إلى 30600 جنيها وهي أرقام تعكس حالة الهلع التي تسود الأسواق والتي تتفاقم نتيجة الأزمات المتزايدة وفشل الحكومة في اتخاذ خطوات حقيقية لحماية الاقتصاد المصري.
الأرقام التي تتزايد بشكل مستمر تشير إلى أن الحكومة المصرية لم تتمكن من ضبط أسعار الدولار ولم تستطع حماية العملة المحلية من الانهيار في وقت يشهد فيه العالم تحركات اقتصادية شديدة التغير وهو ما يبرز بوضوح الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وعدم القدرة على إدارة موارد الدولة بشكل سليم بالإضافة إلى الاستمرار في اتخاذ قرارات خاطئة تؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية بدلاً من حلها.
على الجانب الآخر يبدو أن الحكومة المصرية تواصل إغراق البلاد في الديون حيث تشير الأرقام إلى ارتفاع الدين الخارجي لمصر إلى مستويات خطيرة تتجاوز 150 مليار دولار مما يضع البلاد في وضع صعب ويجعلها عرضة للتبعية الاقتصادية ويؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين الذين يتحملون نتائج السياسات الفاشلة للحكومة والتي تتسم بالفساد وعدم الكفاءة.
كل هذه المعطيات تشير إلى أن البلاد تعيش أزمة شاملة تتطلب تحركا عاجلا من الحكومة ولكن يبدو أن المسؤولين مستمرون في تجاهل حقائق الوضع الراهن مما يزيد من تفاقم الأزمة ويعكس مدى عدم مسؤوليتهم أمام الشعب الذي يعاني من تداعيات سياساتهم الفاشلة بينما تستمر الاحتجاجات والمطالبات بتحسين الأوضاع المعيشية التي تزداد صعوبة يوما بعد يوم.
إن الوضع الاقتصادي الحالي يعد بمثابة جرس إنذار للحكومة المصرية التي باتت مطالبة بتحمل المسؤولية والعمل على تقديم حلول جذرية للأزمات التي تمر بها البلاد وإلا فإن الوضع سيستمر في التدهور وستكون النتائج كارثية على كافة الأصعدة سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي.
الحكومة ملزمة الآن بتقديم إجابات شافية للشعب المصري الذي ينتظر منهم تحركات فعالة وتدابير عاجلة لتقويم الأوضاع الاقتصادية وإعادة الثقة في الجنيه المصري ومواجهة الفساد الذي يتغلغل في مفاصل الدولة.
إن الأرقام والأحداث الحالية تدعو إلى وقفة جادة وتحليل دقيق للوضع الاقتصادي الذي يعيشه المواطن المصري اليوم والذي لا يحتمل المزيد من الإهمال أو الفساد فالوضع بات شائكاً ومعقداً ولا يحتمل التأجيل أو التسويف فالزمن ليس في صالح الحكومة وقد حان الوقت لتتحمل المسؤولية وتحرك نحو الإصلاحات الضرورية قبل فوات الأوان.