في صدمة أذهلت العالم وخلقت حالة من الاستنفار في الأوساط السياسية والإعلامية كشفت وسائل إعلام أمريكية النقاب عن تفاصيل تقرير تشريح جثة يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي اغتيل برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في حي تل السلطان بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة
وقد أوضح التقرير المثير أن السنوار لم يتناول أي طعام خلال الساعات الثلاث والسبعين التي سبقت مقتله في سابقة تعكس حجم الضغط الذي تعرض له خلال تلك الفترة الحاسمة من حياته
بشعور من الكارثية وصخب الأحداث يسرد التقرير الإسرائيلي كيف أصيب السنوار برصاصة قاتلة في رأسه بينما تسببت شظية أصابته في ذراعه بشيء من الألم والضعف وفقدان القدرة على المقاومة
حيث أشار الدكتور تشين كوجل مدير المركز الوطني للطب الشرعي في تل أبيب والذي أشرف على تشريح الجثة بعد مرور 24 ساعة من عملية القتل إلى تفاصيل مروعة
حيث قال إن السنوار استخدم سلكا كهربائيا لربط ذراعه المصاب لكنه لم يكن قويًا بما يكفي مما أدى إلى تهشم ساعده ومع كل ذلك لم يكن بالإمكان تحديد الجهة التي أطلقت الرصاصة القاتلة أو نوع السلاح المستخدم في الجريمة البشعة
فيما يتعلق بمصير جثمان الشهيد يحيى السنوار يأتي التقرير ليشير إلى احتمال أن تسعى إسرائيل لتجنب تحويل مكان دفنه إلى مزار مقدس
حيث توقع خبراء عسكريون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيعمل على استثمار وجود الجثة كجزء من مفاوضات سياسية قادمة حيث تحتفظ إسرائيل عادة بجثث الفلسطينيين لتستخدمها كورقة ضغط في صفقات تبادل الأسرى
هذا السيناريو يقودنا إلى تساؤلات ملحة حول مكان دفن السنوار إذ يتوقع العديد من الخبراء أن يتم دفنه في موقع سري داخل الأراضي المحتلة
وذلك على غرار ما فعلته الولايات المتحدة مع أسامة بن لادن بعد اغتياله عام 2011 حيث تم دفنه في البحر لتفادي إنشاء ضريح له قد يصبح مزارًا للمتطرفين وللشخصيات التاريخية وبهذا تواصل إسرائيل اتباع سياساتها القمعية دون أدنى اعتبار لحرمة الموتى وحقوق الأحياء
فيما ترددت أنباء في الساحة الفلسطينية تشير إلى أن أسرة يحيى السنوار بما في ذلك زوجته وأطفاله بخير حيث كانوا يتلقون منه رسائل مكتوبة على الأقل مرة كل شهر
مما يدل على حرصه على التواصل مع عائلته رغم الظروف الصعبة وقد أكدت مصادر فلسطينية أنه تم إخراج السنوار من منزله المستهدف قبل فترة من خلال الثغرات التي أحدثها مقاتلو حركة حماس في المنازل المجاورة مما يشير إلى خطة محكمة لتأمين حياته قبل الاغتيال حيث تم نقله إلى منزل آمن يبعد نحو كيلومتر واحد قبل أن يُنقل لاحقًا إلى مكان ثالث
مع تواصل العمليات الإسرائيلية المعقدة والمستدامة افترق يحيى السنوار عن شقيقه محمد وبرافع سلامة في منطقة قريبة من مجمع ناصر الطبي لكن أحد الأشخاص الذين لم يفارقوه طوال فترة الحرب هو ابنه إبراهيم محمد السنوار الذي كان يدعمه ويشاركه أعباء هذه الأوقات العصيبة ويؤكد جميع من يعرف السنوار أنه ظل في رفح لعدة أشهر متنقلًا بين المناطق المختلفة حتى استشهاده المفاجئ في 16 أكتوبر
إن اغتيال يحيى السنوار لا يعكس فقط كفاحه السياسي بل يمثل أيضًا نقطة تحوّل في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لقد كان سنوار رمزًا للمقاومة وصوتًا يدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني وسط صخب الحروب والاعتداءات إن استشهاده ليس مجرد حدث عابر بل هو رمز للمأساة المستمرة وللصمود الذي يواجهه الفلسطينيون أمام آلة القتل الإسرائيلية
في خضم كل هذه الأحداث يظهر جليًا أن إسرائيل لا تتوانى عن تنفيذ سياساتها العسكرية بلا رحمة مستخدمة أبشع الأساليب لتعزيز قبضتها على الفلسطينيين بينما تتجاهل كل المعايير الإنسانية وتلك الأخلاقية التي ينبغي أن تحكم الصراعات
إن المسار الذي سلكه يحيى السنوار ومعاناة عائلته وأحبائه يجب أن تكون دافعًا للتحرك من أجل تحقيق العدالة للفلسطينيين ولإنهاء حالة العنف المستمرة التي تعصف بالمنطقة على العالم أن يتحرك بسرعة قبل أن يصبح ما حدث مع السنوار سابقة جديدة تُكتب في سجلات التاريخ الأسود لصراع طال أمده دون أمل في الانتهاء
هذا التحدي يتطلب حوارًا شجاعًا ومؤثرًا واستجابة فورية من قادة العالم لإعادة الاعتبار لقضية إنسانية باتت ضحية للتجاهل والتقاعس الدولي إن ما حدث ليس مجرد اغتيال لزعيم بل هو استهداف للكرامة الإنسانية ذاتها وللأمل في غد أفضل للفلسطينيين في مواجهة طوفان من القسوة والعنف المتواصلين