الحكومة المصرية في قفص الاتهام: فساد وعجز في وجه التحديات الاقتصادية
في ظل الأزمات المتزايدة التي تعصف بمصر، خرجت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا لتُسلط الضوء على الوضع الاقتصادي في البلاد، موضحة أن الإصلاحات التي تحتاجها مصر ليست بالأمر السهل، وتنبأت بأن هذه الإصلاحات قد تأتي بفوائد على المدى الطويل، لكن تساؤلات عديدة تطرح حول مصداقية هذا الكلام في ظل الأداء الحكومي المتعثر.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عُقد في العاصمة الإدارية، بحضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ومحافظ البنك المركزي وعدد من الوزراء والمسؤولين، حيث بدت الأجواء أكثر من مثيرة للجدل في ظل تصاعد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
أشادت جورجييفا بانخفاض معدل تراكم الدين في مصر، معتبرة أن هذا الانخفاض يشير إلى أن الدولة أصبحت أكثر أمانًا في عالم مليء بالصدمات الاقتصادية، لكن هل يمكن أن نثق في هذه التصريحات في ظل المعاناة اليومية التي يعيشها المواطن المصري؟
هل يُعقل أن تتحدث جورجييفا عن الأمان في وقت يُعاني فيه الشعب من غلاء الأسعار وفقدان القدرة الشرائية؟ تكمن المشكلة الحقيقية في أن الحكومة لم تفِ بالتزاماتها تجاه مواطنيها، فبدلاً من أن تسعى لتقديم حلول فعلية، يبدو أن الحكومة تعتمد بشكل رئيسي على التوجيهات الخارجية دون النظر إلى احتياجات الشعب وأزماته المتزايدة.
تحدثت جورجييفا عن أهمية تعزيز دور القطاع الخاص وخلق فرص عمل لأكثر من مليون شاب يدخلون سوق العمل كل عام، وهو ما يبدو وكأنه مجرد شعارات رنانة لا تعكس الواقع الأليم الذي يعيشه الشباب المصري.
في الوقت الذي تتصاعد فيه معدلات البطالة، لا تزال الحكومة بعيدة كل البعد عن اتخاذ خطوات حقيقية لتنمية هذا القطاع، بل على العكس، فقد أدت سياساتها الاقتصادية إلى تفاقم الأوضاع. كيف يُمكن للقطاع الخاص أن يزدهر في بيئة تنعدم فيها الثقة وتسيطر فيها الفساد والمحسوبية؟
لا تتوقف انتقادات جورجييفا عند هذا الحد، بل أعربت عن تقدير صندوق النقد الدولي للشراكة مع الحكومة المصرية، مؤكدة أن الصندوق سيستمر في تقديم الدعم لمصر لتحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية.
لكن هل يعي صندوق النقد الدولي حجم الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة؟ إن الدعم الذي يتحدثون عنه يأتي مع شروط صارمة تفرض على الحكومة رفع الدعم عن السلع والخدمات، مما يزيد من الأعباء على كاهل المواطن، في وقتٍ كان فيه الأحرى بالحكومة العمل على حماية المواطن المصري من هذه الأزمات بدلاً من تحميله أعباء إضافية.
في أبريل الماضي، قرر صندوق النقد الدولي زيادة قيمة البرنامج من 3 إلى 8 مليارات دولار، معتبرًا أن الأوضاع ازدادت صعوبة، لكن هل اتخذت الحكومة المصرية خطوات فعلية للاستفادة من هذا الدعم؟ للأسف، يبدو أن الحكومة اتخذت من رفع الأسعار وقرارات رفع الدعم سياسة أساسية لتلبية متطلبات صندوق النقد، مما أثر سلبًا على المستوى المعيشي للمصريين.
كيف يمكن لحكومة أن تُقدم على هذه القرارات في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المواطنون، وخاصةً أن العديد منهم يعيش تحت خط الفقر؟
الواقع يؤكد أن سياسات الحكومة الاقتصادية لا تتماشى مع احتياجات المواطن، بل تبتعد أكثر فأكثر عن المعاناة الحقيقية التي يعيشها المجتمع المصري.
كل هذه القرارات تأتي في وقتٍ يجب على الحكومة فيه أن تتحمل مسؤولياتها وتقوم بإجراءات من شأنها تحسين الحياة اليومية للمواطنين، بدلًا من تقويض قدرتهم الشرائية.
لقد آن الأوان للحكومة المصرية أن تدرك أنها مسؤولة أمام الشعب، وأن الإصلاحات لا تُبنى فقط على أرقام ومؤشرات من الخارج، بل يجب أن تُعكس واقعًا إيجابيًا ملموسًا في حياة المواطنين.
تبقى الحكومة المصرية تحت مجهر الرقابة، فهل ستستطيع أن تستجيب لمطالب الشعب، أم ستستمر في سياساتها الحالية التي أثبتت فشلها الذريع؟ هل ستتمكن من استغلال الدعم الخارجي لتحسين الأوضاع الاقتصادية، أم ستظل أسيرة للفساد والمحسوبية؟
يبدو أن الأوضاع تتطلب تحركًا عاجلاً وفعالاً من الحكومة، وبدون ذلك، ستظل الأزمات تتصاعد وستبقى الأرقام والوعود بلا معنى أمام معاناة المواطن المصري اليومية.