تقاريرثقافة وفنون

رفع أسعار تذاكر المواقع الأثرية يكشف فساد الحكومة المصرية ويزيد معاناة المواطنين

في خطوة أثارت الغضب وألهبت الرأي العام، بدأت وزارة السياحة والآثار المصرية ممثلة في المجلس الأعلى للآثار بتطبيق تعديلات جديدة على أسعار تذاكر دخول الزوار للمواقع الأثرية والمتاحف اعتباراً من الأول من نوفمبر الجاري،

وجاء هذا القرار الكارثي ليزيد من معاناة المواطنين ويعكس بوضوح تقاعس الحكومة المصرية في الاهتمام بمصالح الشعب وتقديم الخدمات بشكل عادل وشفاف.

هذه الزيادة التي تزامنت مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والضغوط المالية التي يواجهها المواطن المصري جاءت لتظهر بجلاء فساد الإدارة وسوء التخطيط الذي يعصف بالبلاد.

تجاهل تام لمصلحة الشعب

من المذهل أن وزارة السياحة والآثار اختارت أن تضرب عرض الحائط بمصالح الشعب وتقوم بتعزيز أسعار التذاكر، وكأن همها الوحيد هو جني المزيد من الأموال على حساب المواطن العادي.

فبينما يعاني المصريون من ارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة وزيادة معدلات التضخم، لم تجد الحكومة أي حرج في تحميل المواطن مزيداً من الأعباء.

قرار المجلس الأعلى للآثار برفع أسعار التذاكر، والذي خاطب به غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة، يعد بمثابة ضربة جديدة للطبقات المتوسطة والفقيرة التي لا تملك القدرة على تحمل هذه الزيادات المستمرة في أسعار الخدمات الأساسية.

زيادة مريبة في أسعار التذاكر

القرار الأخير يتضمن زيادة ملحوظة في أسعار تذاكر دخول المواقع الأثرية والمتاحف، وهذه الزيادة لم تشمل فقط السائحين الأجانب، بل طالت أيضًا بعض الفئات من المصريين.

فقد ارتفعت أسعار التذاكر بالنسبة للطلاب والمواطنين المصريين العاديين، وهو أمر لا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال.

في الوقت الذي تحتاج فيه مصر إلى تشجيع السياحة الداخلية وتقديم تسهيلات للمواطنين لزيارة مواقعهم التاريخية، تقوم الحكومة بعكس ذلك تمامًا، حيث تسعى لتحويل هذه الأماكن إلى مصدر دخل إضافي على حساب المواطنين الذين لم يعد لديهم القدرة على تحمل المزيد من الأعباء المالية.

فساد إداري وغياب الشفافية

الأمر الذي يزيد من فداحة هذه الأزمة هو أن القرار اتخذ دون أي شكل من أشكال التشاور المجتمعي أو النقاش العلني، ما يعكس غياب الشفافية والإدارة الفاسدة التي تسيطر على مختلف مفاصل الدولة.

لماذا لم تقم الحكومة بنشر أية تفاصيل واضحة حول الأسباب الحقيقية وراء هذه الزيادة؟ ولماذا يتم تجاهل الآثار السلبية لهذه السياسات العشوائية على المواطنين؟

من الواضح أن القرار قد تم اتخاذه في أروقة السلطة دون أي مراعاة للواقع المعيشي الذي يرزح تحته المواطنون. أين هي المساءلة؟ ومن الذي يقف وراء هذه القرارات المجحفة التي لا تخدم سوى قلة قليلة من المنتفعين في السلطة؟

التأثير المدمر على السياحة الداخلية

السياحة الداخلية في مصر تعاني بالفعل من تراجع كبير نتيجة لتدهور الأحوال الاقتصادية وتفاقم الأزمات المعيشية، والزيادة الجديدة في أسعار التذاكر لن تؤدي سوى إلى مزيد من عزوف المصريين عن زيارة مواقعهم التراثية والثقافية.

هذا القرار الغريب يأتي في وقت تحتاج فيه مصر إلى تشجيع مواطنيها على التعرف على تاريخهم وزيارة المواقع الأثرية التي تعد جزءًا من هويتهم.

ولكن بدلاً من ذلك، تقوم الحكومة بمضاعفة الأسعار وكأنها تقول للمصريين بشكل صريح: “هذه الأماكن ليست لكم”. إن هذه الزيادة لن تؤدي إلا إلى مزيد من الإحباط والاستياء بين المواطنين الذين يشعرون بالفعل بالتهميش والإقصاء.

أين ذهبت أموال السياحة؟

من المفارقات الكبرى أن الحكومة المصرية تبرر هذه الزيادة بأنها تهدف إلى تحسين الخدمات المقدمة في المواقع الأثرية والمتاحف، ولكن الواقع يقول غير ذلك.

فأين ذهبت عائدات السياحة التي كان يجب أن تُستخدم لتطوير هذه الأماكن؟ ولماذا ما زالت الكثير من المواقع الأثرية تعاني من الإهمال وتدهور البنية التحتية؟ إن الأموال التي يتم جمعها من السياحة،

سواء من المصريين أو الأجانب، لم تؤدِ إلى أي تحسين ملموس في جودة الخدمات المقدمة، بل يبدو أنها تذهب إلى جيوب المسؤولين الفاسدين الذين لا يرون في هذه المواقع إلا مصدرًا للربح الشخصي.

إفقار المواطن المصري لصالح الأثرياء

ليس من الغريب أن يتم اتخاذ مثل هذه القرارات في ظل حكومة لا تعبأ سوى بمصالح الفئة الحاكمة والأثرياء. فبدلاً من أن تعمل على تحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين العاديين، تقوم الحكومة بتحميلهم مزيداً من الأعباء المالية، بينما تستمر في تقديم التسهيلات والامتيازات لطبقة الأغنياء والمستثمرين.

إن زيادة أسعار تذاكر المواقع الأثرية ليست سوى جزء من سياسات أوسع تهدف إلى إفقار المواطن المصري لصالح تحقيق مكاسب قصيرة الأجل للنخبة الحاكمة.

دعوة للمحاسبة والعدالة

إن هذه الزيادة الجديدة في أسعار تذاكر المواقع الأثرية هي مثال آخر على الفساد المتفشي وسوء الإدارة الذي تعاني منه مصر.

يجب أن تتم محاسبة المسؤولين عن هذه القرارات المجحفة، ويجب على الحكومة أن تعيد النظر في سياساتها الاقتصادية التي تضر بالمواطنين.

فلا يمكن أن تستمر الأمور على هذا النحو دون أن تكون هناك عواقب وخيمة على النسيج الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.

إن مصر تحتاج إلى حكومة تهتم بمصلحة الشعب وتعمل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، وليس حكومة تهدف فقط إلى تحقيق الربح على حساب مواطنيها.

ويجب أن يكون هناك تحرك شعبي واضح لرفض هذه الزيادة الجائرة في أسعار تذاكر المواقع الأثرية، ويجب على جميع القوى المجتمعية أن تتكاتف للضغط على الحكومة من أجل التراجع عن هذا القرار الفاسد. فالتراث المصري هو ملك لكل المصريين، ولا يجب أن يكون حكراً على الأثرياء أو مصدرًا لجني الأموال على حساب المواطن العادي.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى