تقاريرثقافة وفنون

كتاب بوب ودوورد يكشف المستور فضائح حكام العرب في الحرب على غزة

في عالم يتقاطع فيه السياسة والجرائم الإنسانية تنطلق صيحات الفزع من قلب الشرق الأوسط ليعود الكاتب الأمريكي الشهير بوب ودوورد إلى الأضواء مجدداً بإصداره الأخير الذي يحمل عنوان “الحرب”

والذي صدر في الخامس عشر من أكتوبر الجاري لقد انتزع ودوورد قناع النفاق عن وجه القادة العرب ليكشف عن فضائحهم وفضائعهم خلال الصراع الإسرائيلي على غزة مما جعل الكتاب يبدو كصفعة على وجه الجميع

عقب الحرب على غزة بخمسة أيام أقدمت طائرة وزير الخارجية الأمريكي على الهبوط في إسرائيل وسط أجواء مشحونة بالقلق والترقب بعد سلسلة من الأحداث الدامية التي خلفتها العمليات العسكرية الإسرائيلية

هناك كانت تلك الزيارة بداية لرحلة قادت بلينكن إلى عدد من الدول العربية بدءًا من الأردن وانتهاءً بمصر في خطوة كانت أكثر من مجرد بحث عن الاستقرار بل كانت محاولة لإعادة ترتيب الأوراق السياسية في المنطقة

استعرض ودوورد في كتابه كيف اتحد القادة العرب في رؤية واحدة لاستئصال حركة حماس من غزة حيث اعتبرت هذه الحركة امتداداً لجماعة الإخوان المسلمين

وأكد الوزراء العرب خلال اللقاءات أنهم يتشاركون في المخاوف من تأثير هذه الجماعات على أمنهم الداخلي وبيّن وزير الخارجية السعودي قلقه العميق حين قال إن الجماعات الإرهابية لا تسعى للقضاء على إسرائيل فحسب بل تهدف إلى زعزعة استقرار الحكام العرب أيضا وأن ما تشهده غزة قد يفرز جحافل أكثر خطورة من داعش التي تفوقت على القاعدة

وبينما يشتعل الصراع في غزة جاءت تصريحات السيسي خلال لقائه مع بلينكن لتؤكد على ضرورة الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل وحذر من تداعيات تهجير الفلسطينيين إلى مصر

ففي هذا اللقاء الذي جمع بينهما قدم رئيس المخابرات المصرية عباس كامل معلومات حساسة تضمنت خرائط دقيقة حول الأنفاق في غزة مشيراً إلى أن هزيمة حماس ليست باليسيرة بل إن جذورها ضاربة في عمق الأرض

طلب كامل من بلينكن نقل رسالة شديدة الوضوح إلى نتنياهو حيث حذر من أن الهجوم البري على غزة يجب أن يكون مبرمجاً ومدروساً وأنه يتعين عليهم الانتظار حتى تخرج قيادات حماس من مخابئهم ليتمكنوا من القضاء عليهم بشكل فعال

عبر صفحات كتابه الجديد استعرض ودوورد تفاصيل محادثات سرية تم إجراءها خلف الأبواب المغلقة حيث أشار إلى أن بلينكن قد أبلغ نتنياهو بما سمعه من زعماء عرب آخرين

إذ أكد لهم دعمهم لما تقوم به إسرائيل ولكن تحت غطاء من السرية وكأنهم يتحدثون في دهاليز مظلمة من الخوف من ردود الفعل الشعبية

من خلال السرد الشجاع والجرئ لدوورد يتضح أن قادة العرب لم يكن لديهم الشجاعة الكافية للإفصاح عن مواقفهم الحقيقية تجاه ما يجري في غزة حيث يفضلون حماية مصالحهم الخاصة على حساب الدماء التي تسفك يومياً في الشوارع وعبر هذا الكتاب يظهر بصورة جلية كيف أن المناورات السياسية والحسابات المصلحية تغلبت على القيم الإنسانية

إن الكتاب لا يكتفي بتقديم حقائق مرعبة عن الوضع الراهن بل يكشف أيضا عن تجليات الفشل السياسي الذي عانت منه الأنظمة العربية التي تواصل تكرار نفس الأخطاء التاريخية

في الوقت الذي تتفشى فيه الأزمات والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية وبدلاً من التكاتف والتضامن مع الشعب الفلسطيني أصبحت الأنظمة العربية أسيرة لحساباتها الخاصة ولتوجهاتها السياسية

تشير كلمات ودوورد إلى أن المنطقة تفتقر إلى القيادة الحقيقية التي تسعى نحو تحقيق السلام الدائم فبدلاً من ذلك يشاهد العالم حكاماً يتعاملون مع الأزمات كما لو كانت لعبة شطرنج تستخدم فيها الأرواح كقطع على لوحة اللعب بينما تغرق الشعوب في المعاناة والآلام

من خلال هذا الكتاب المثير يكشف ودوورد النقاب عن الفساد والهشاشة التي تعاني منها الأنظمة العربية والتي لا تزال عاجزة عن التعامل مع قضايا شعوبها الأساسية إذ يتضح أن خوف الحكام من الشعوب أكبر من خوفهم من الأعداء الخارجيين فالسقوط المدوي لقادة العرب لم يعد مجرد احتمال بل بات حقيقة مرعبة تدق أبواب المنطقة في ظل صراعات طاحنة تعصف بها

إن الفوضى الحالية في الشرق الأوسط ليست مجرد عارض عابر بل هي نتاج سنوات من الفشل في إدارة الحكم والسياسات القمعية التي تمارسها الأنظمة الحالية

وهي دعوة صريحة للجميع لتأمل العواقب الوخيمة التي قد تترتب على استمرارية هذا النهج الذي يتجاهل حقوق الشعوب وتطلعاتها إلى الحرية والكرامة

وهذه الرحلة المثيرة التي خاضها ودوورد عبر صفحات كتابه يصبح من الواضح أن المستقبل يحمل في طياته الكثير من الغموض ولكن الحقيقة تبقى واحدة أن الأزمات لن تحل عبر التجاهل أو المكائد السياسية

بل تتطلب شجاعة وصدقاً في التعامل مع قضايا إنسانية بحتة إذ يتطلب الوضع في غزة وقفة جادة من قبل القادة العرب لتغيير مسار الأحداث وإعادة الثقة إلى شعوبهم المتألمة

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى