تقارير

أول مرة منذ 2013 حكومات الفساد تتلاعب بمصير السجناء السياسيين

في خطوة مثيرة للجدل تعكس الفوضى العارمة في إدارة العدالة في مصر كشف المحامي خالد المصري عن توقيع سجناء محكوم عليهم بقضايا سياسية على استمارة الإفراج الشرطي

وهو ما يحدث للمرة الأولى منذ عام 2013 إن هذه الخطوة تحمل في طياتها تساؤلات كبيرة حول مدى نزاهة الحكومة المصرية وشفافيتها في التعامل مع ملف السجناء السياسيين

أوضح المحامي خالد المصري الذي يتولى رئاسة هيئة الدفاع عن عدد كبير من المعتقلين السياسيين في تدوينته على موقع فيسبوك أن العشرات من المحتجزين في السجون قاموا في الأيام الأخيرة بالتوقيع على استمارة الإفراج الشرطي

وهذه الخطوة تعتبر سابقة تاريخية في ظل استمرار حملات الاعتقال التعسفي والتضييق على الحريات في البلاد

علامات استفهام حول الإفراج الشرطي

يشير المصري إلى أن هذه الاستمارة تُوقع من قبل السجناء الذين قضوا نصف مدة عقوبتهم ما يعني أنهم يتطلعون بشغف إلى لجنة مختصة في مصلحة السجون والتي تدرس ملفاتهم لتقرير إمكانية الإفراج عنهم في المستقبل القريب

لكن السؤال هنا هو لماذا توقفت الحكومة عن الإفراج عن السجناء السياسيين طوال السنوات الماضية وأين كانت السياسات الحكومية التي تتحدث عن حقوق الإنسان والسجون

فقد كانت قرارات الإفراج الشرطي تُصدر عادة في مناسبات خاصة مثل الأعياد الدينية والقومية وبخاصة في ذكرى حرب 6 أكتوبر 1973

لكن على مدار السنوات العشر الماضية تم استبعاد أي سجين سياسي من هذه القرارات ليبقى هؤلاء سجناء تحت وطأة نظام عدائي يتجاهل حقوقهم الإنسانية ويسعى إلى تكميم أفواههم

الفساد المستشري

إن تزايد حالات الإفراج الشرطي عن السجناء الجنائيين مقارنة بتجاهل السجناء السياسيين يثير قلقاً بالغاً حول الفساد المستشري في الحكومة المصرية

حيث يبدو أن هناك سياسة ممنهجة للتخلص من السجناء الجنائيين بينما تُرك السجناء السياسيون

ليعانوا في زنازين مظلمة دون أي مبرر قانوني أو إنساني ومن المؤسف أن هذه الإجراءات تدل على عدم احترام الحكومة لحقوق الإنسان وقوانين العدالة

كما أن هذه الخطوة تكشف عن التناقض الكبير بين تصريحات الحكومة حول حقوق الإنسان وما يحدث في الواقع إذ لا يمكن إنكار أن الفساد في النظام القضائي هو أحد الأسباب الرئيسية وراء تفشي الانتهاكات بحق السجناء السياسيين

اعتراف ضمني بفشل النظام

يتساءل المصري عن السبب وراء توقيع هذه الاستمارات الآن بعد فترة طويلة من الانتهاكات المتواصلة ومعاناة السجناء السياسيين

فهل يُعد ذلك اعترافًا ضمنيًا بفشل النظام في التعامل مع هذه القضايا أم هو مجرد مسرحية سياسية تهدف إلى تحسين الصورة أمام المجتمع الدولي في ظل الضغوط المتزايدة على الحكومة المصرية

إن هذه الأفعال التي تبدو كعلامة على الانفتاح من قبل السلطات ليست أكثر من مجرد تكتيك لإلهاء الرأي العام وتحسين سمعة الحكومة

في الوقت الذي تستمر فيه قمع الأصوات المعارضة وتجاهل حقوق الإنسان فالسجناء السياسيون ليسوا مجرد أرقام في السجون بل هم جزء من نسيج المجتمع المصري

واقع السجناء السياسيين

وفي واقع الأمر فإن هؤلاء السجناء يعانون من ظروف قاسية في السجون مع غياب الرعاية الصحية والنفسية وعدم توفير أبسط حقوقهم الإنسانية

ومن المقلق أن يتم التعامل معهم وكأنهم مجرمون دون اعتبار لمواقفهم السياسية وآرائهم والتي تشكل جوهر الديمقراطية والحرية

علاوة على ذلك فإن تجاهل قضاياهم وعدم التعامل معها بجدية يؤكد الفشل الكبير للنظام في بناء مجتمع ديمقراطي يضمن حقوق المواطنين ويعزز من فرص التعبير عن الرأي والتغيير السلمي

إن قضية السجناء السياسيين هي ليست قضية قانونية فحسب بل هي قضية إنسانية تفرض نفسها على الأجندة الوطنية والدولية

دعوة للتغيير

إن المطلوب الآن هو موقف حازم من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان لدعم هؤلاء السجناء والعمل على تحسين أوضاعهم

كما يجب أن تكون هناك دعوات حقيقية للتغيير الجذري في السياسات الحكومية تجاه الحريات العامة وحقوق الإنسان إن تجاهل هذه القضية سيظل يعكس الوجه القبيح للفساد والانتهاكات المستمرة في مصر

إن الوقت قد حان للضغط على الحكومة المصرية للالتزام بحقوق الإنسان والتوقف عن تسييس القضايا الجنائية وتصفية الحسابات مع المعارضين

إن هذا هو الوقت المناسب لتسليط الضوء على معاناة السجناء السياسيين الذين هم في أمس الحاجة إلى الدعم والعدالة

فلا يمكن أن تظل القضية محصورة بين أروقة المحاكم أو مقاعد السجون يجب أن تعود أصواتهم إلى الساحة العامة

حيث يمكن أن تُسمع وينبغي أن يعلو صوت الحق والعدالة فوق كل صوت آخر في هذا الزمن المظلم الذي تعيشه البلاد

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى