في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور الذي تعاني منه مصر يبدو أن الحكومة تتخبط في اتخاذ قرارات حاسمة تصب في مصلحة الشعب
حيث تجري بالتعاون مع صندوق النقد الدولي دراسة شاملة لتقييم تأثير الإصلاحات الاقتصادية على المجتمع بهدف حماية الفئات الأكثر تضررا من هذه السياسات المشبوهة في ظل تصاعد الأزمات الاقتصادية التي يمر بها المواطنون
وقد صرح المدير الإقليمي للصندوق جهاد أزعور بأن المناقشات تتركز على كيفية تكييف برامج الحماية الاجتماعية لضمان دعم الفئات الأكثر هشاشة
وهو تصريح يثير العديد من التساؤلات حول جدوى هذه الإصلاحات في ظل الظروف الحالية وما إذا كانت الحكومة فعلا تسعى لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين أم أنها مجرد مسكنات لا تسمن ولا تغني من جوع
زيارة المديرة العامة للصندوق كريستالينا غورغييفا إلى القاهرة في أوائل نوفمبر ليست مجرد زيارة روتينية بل هي مؤشرا على أن الوضع الاقتصادي في البلاد في حالة من عدم الاستقرار
ولعل ما يثير القلق هو تأكيد الدكتور هاني الجمل رئيس مركز الكنانة للدراسات الاقتصادية أن الاجتماعات المرتقبة ستبحث مدى جاهزية البرامج الاجتماعية في مصر ومدى قدرتها على مواجهة تأثيرات الإصلاحات خصوصا مع ارتفاع الأسعار وتخفيض قيمة العملة
مما يدل على أن الأوضاع الاقتصادية تزداد سوءا وأن الحكومة غير قادرة على مواجهة التحديات التي تواجهها
الحكومة المصرية تواجه فضيحة الإصلاحات الاقتصادية المزعومة
وفي هذا السياق أضاف الجمل أن البيانات الجديدة التي سيتم جمعها ستساعد في تقييم أثر هذه التغييرات على الأسر المصرية وإيجاد سبل لتحسين فعالية برامج الدعم إلا أن السؤال يبقى قائما حول ما إذا كانت هذه البيانات ستظهر حقيقية أو ستكون مجرد أرقام تتلاعب بها الحكومة لتظهر أنها تتخذ خطوات إيجابية بينما المواطن العادي لا يشعر بأي تغيير
كما أشار السفير جمال بيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب إلى أن مصر تستعد للمراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد بهدف سحب 1.3 مليار دولار إضافية من قرض الصندوق بعد استكمال ثلاث مراجعات سابقة
وهذا يشير بوضوح إلى أن الحكومة المصرية تعتمد بشكل متزايد على المساعدات الخارجية لتسوية ديونها وهو أمر يثير القلق الشديد حيث أصبح المواطن المصري رهينة السياسات الاقتصادية الفاشلة والفساد المستشري في مؤسسات الدولة
وأوضح بيومي أن الرئيس عبد الفتاح السيسي طلب مراجعة الاتفاق مع صندوق النقد لضمان عدم زيادة الأعباء على المواطنين خاصة بعد رفع أسعار الوقود مؤخرا كجزء من بنود الاتفاق
وهذا التأكيد من السيسي على حرص القيادة على تخفيف الضغط على المواطنين يأتي في وقت تعاني فيه الأسر المصرية من ضغوط اقتصادية خانقة وارتفاع غير مسبوق في الأسعار بينما لا تتخذ الحكومة أي إجراءات حقيقية لحل هذه الأزمات
لا يمكن أن نغفل أن السياسات الاقتصادية التي تتبناها الحكومة تتسم بالتناقض فبينما تدعي أنها تسعى إلى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين
نجد أن القرارات الحكومية تؤدي إلى زيادة الأعباء المالية عليهم مما يجعلنا نتساءل هل الحكومة فعلا تعمل لمصلحة الشعب أم أن هناك مصالح أخرى تدفعها لاتخاذ هذه القرارات المربكة
وفي الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن دعم الفئات الأكثر هشاشة نجد أن الواقع يشير إلى عكس ذلك فالمواطن العادي يعاني في صمت من ضغوط متزايدة على دخله نتيجة ارتفاع الأسعار المستمر وعدم كفاءة برامج الدعم الاجتماعي التي لا تلبي احتياجات المواطنين الفعلية
في خضم هذه الأوضاع الكارثية يظل السؤال مفتوحا حول متى ستستفيق الحكومة المصرية من غفلتها وتبدأ في اتخاذ خطوات جادة للتصحيح الفوري للأوضاع التي تضر بمصالح الشعب لقد حان الوقت لنرى تغييرات حقيقية على الأرض وليس مجرد تصريحات جوفاء تذهب أدراج الرياح
إن التحولات الاقتصادية التي تحدث اليوم تحت إشراف صندوق النقد الدولي يجب أن تُستخدم كفرصة لإحداث تغييرات جذرية في السياسات الحكومية التي أثبتت فشلها على مر السنوات الماضية وليس فقط كوسيلة لكسب المزيد من الأموال دون التفكير في تبعات ذلك على حياة المواطنين
إن الفساد المستشري في كل المؤسسات الحكومية يجعل من الصعب على أي جهود للإصلاح أن تنجح دون معالجة هذه المسألة الأساسية فقد حان الوقت لكي تتحمل الحكومة مسؤولياتها وتبدأ في العمل من أجل مصلحة الشعب وليس لمصالح فئات معينة تستفيد من الوضع القائم
التحديات أمام الحكومة المصرية متعددة ومعقدة لكن الفشل في معالجة الأزمات الاقتصادية الحالية سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع وانهيار كامل للطبقات الفقيرة والمتوسطة في البلاد
مما يستدعي ضرورة التحرك الفوري والعاجل لوضع حلول فعالة تعيد الثقة إلى المواطن المصري في حكومته وتؤكد على أن هناك نية حقيقية للإصلاح وليس مجرد شعارات تظل في الهواء دون تنفيذ