تقاريرمصر

أزمة القمح في مصر تهدد الأمن الغذائي وتكشف فساد حكومي

في فضيحة جديدة تكشف عن عمق الفساد والتقاعس الحكومي في مصر أعلن وزير التموين شريف فاروق أن البلاد ستبدأ في مطلع نوفمبر استلام أولى شحنات القمح الروسي بحجم 430 ألف طن

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا تأتي هذه الشحنة في هذا الوقت الحرج الذي تتزايد فيه الضغوط الاقتصادية ويظهر جلياً أن الحكومة تعاني من عجز واضح في اتخاذ القرارات السليمة وتوجيه الموارد نحو ما فيه مصلحة الشعب المصري

روسيا تحتل الصدارة

تصدرت روسيا قائمة الدول المصدرة للقمح إلى مصر خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر حيث بلغت نسبة الواردات الروسية 72% من إجمالي الواردات محققة كميات تتجاوز 8 ملايين طن

وهو ما يطرح تساؤلات حادة حول كيفية تعامل الحكومة مع هذا الاعتماد الكبير على مصدر واحد رغم المخاطر السياسية والاقتصادية المرتبطة به

في المقابل جاءت أوكرانيا في المرتبة الثانية بحجم 1.5 مليون طن ثم رومانيا ب837 ألف طن وبولندا ب296 ألف طن بينما بلغت واردات فرنسا 179 ألف طن

تخبط حكومي غير مبرر

قبل أسبوعين فقط خرج علينا مسؤول حكومي بتصريحات تتناقض مع الواقع حيث قال إن مصر لا تحتاج لشراء شحنات جديدة من القمح في ظل الارتفاعات العالمية للأسعار والتي تتجاوز العقول

حيث حدد سقف سعر الطن عند 240 دولاراً وهو ما يعكس تدهوراً في التخطيط الحكومي وينذر بخطورة الوضع إذا استمرت الحكومة في اتباع هذه السياسات غير المدروسة

التصريحات جاءت بعد أن أعلنت وزارة الزراعة الروسية عن رفع الرسوم على تصدير القمح بنسبة 41% لتصل إلى نحو 1872 روبلاً أي ما يعادل 19.57 دولار للطن اعتباراً من 16 أكتوبر

مما يزيد من الأعباء على الحكومة والمواطنين على حد سواء فهل يعقل أن نستمر في استيراد القمح تحت هذه الظروف دون وجود خطة واضحة لمواجهة التقلبات في السوق العالمي

الأرقام تكشف الفشل

تشير الأرقام الصادمة إلى أن مصر تستورد ما يقرب من 12 مليون طن من القمح سنوياً للقطاعين الحكومي والخاص

وقد رفعت القاهرة وارداتها خلال الأشهر التسعة الأولى من العام بنحو 30% لتصل إلى 10.8 مليون طن مقارنة بـ8.3 مليون طن في نفس الفترة من العام الماضي إن هذه الأرقام لا تعكس سوى فشل الحكومة في إدارة موارد البلاد وترك المواطنين رهائن للمخاطر الاقتصادية

التحايل على الأزمة

في خطوة مثيرة للجدل أعلن وزير التموين عن دراسة خلط الذرة مع القمح في إنتاج الخبز وهو ما يعد تحايلاً على الأزمة بدلاً من معالجة جذورها

إن فكرة دمج الذرة في إنتاج الخبز تعكس قلة الخيارات المتاحة للحكومة وتظهر فشلها في ضمان جودة الخبز المدعوم الذي يحتاجه المواطن المصري في ظل الظروف الصعبة

تستمر الحكومة في بيع رغيف الخبز لمواطنيها بأسعار رمزية تصل إلى 20 قرشاً فقط بحد أقصى 5 أرغفة يومياً للفرد الواحد

بينما رصدت نحو 100 مليار جنيه لدعم الخبز لمواطنيها الذين يعيش أكثر من ثلثهم تحت خط الفقر وهذا يعكس عدم قدرة الحكومة على توفير حياة كريمة لمواطنيها في ظل تفشي الفساد وانعدام الشفافية في إدارة الموارد

نداء للتغيير

إن الوضع الذي تعيشه مصر في قطاع القمح ليس مجرد أزمة غذائية بل هو عينة مصغرة من الفساد والإهمال الذي يعاني منه المجتمع

إن الفشل الحكومي في اتخاذ قرارات استراتيجية وغياب الإرادة السياسية للتغيير يهدد مستقبل البلاد إن أزمة القمح تتطلب من الحكومة نهجاً جديداً يعتمد على الشفافية والمحاسبة بدلًا من الاستمرار في إغراق الشعب في فوضى الفساد وعدم الكفاءة

لقد حان الوقت ليُدرك المسؤولون أن الشعب المصري يستحق أكثر من مجرد وعود فارغة وتصريحات بلا قيمة إن الأرقام والتقارير تشير بوضوح إلى الحاجة الملحة للتحرك وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الوضع الحالي

فالأزمات تتزايد والشعب يحتاج إلى قيادة حقيقية تدرك تحديات اللحظة الراهنة وتعمل على تحقيق الأمن الغذائي بعيداً عن الفساد الذي أضر ببلادنا على مدار عقود

إن استمرار هذا النهج لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمات وسيجد المواطن نفسه في دوامة من الفقر والجوع إن الحكومة أمام فرصة تاريخية لتصحيح المسار

ولكن هل ستستجيب للنداء قبل فوات الأوان أم ستستمر في السير في طريق الفشل والفساد الذي أصبح عنواناً بارزاً لحكوماتنا المتعاقبة

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى