تتعرض كليات التمريض في مصر لأزمة حادة تجلت في وقفة احتجاجية نفذها عدد من الطلاب الذين يعانون من أوضاع غير مقبولة وقد أظهرت هذه الأحداث مدى التراجع الخطير في المنظومة التعليمية والصحية في البلاد
فبدلاً من أن تكون الجامعات بيئة تعليمية محفزة وداعمة تلاشت حقوق الطلاب إلى حد كبير فباتوا يتخبطون في ظلمات الإهمال والفساد الحكومي
عبر طلاب كليات التمريض عن استيائهم من انقطاع الوجبات الغذائية التي كانت تقدم لهم في الكليات مما يضعهم في موقف بالغ الصعوبة
فبدلاً من التركيز على تحصيل العلم بات همهم الأول هو توفير لقمة العيش في وقت تتعالى فيه أصوات الوعود الحكومية بتحسين ظروف التعليم لكن الواقع يكذب تلك الوعود حيث يعيش الطلاب في حالة من الجوع والحرمان
إلى جانب انقطاع الوجبات يعاني الطلاب أيضاً من صعوبة تحويلاتهم الدراسية وهي مشكلة تتكرر بشكل مستمر وبلا حلول جدية من قبل إدارة الكليات
فالطلاب يرغبون في الانتقال إلى كليات أو جامعات أخرى تكون أكثر ملاءمة لطموحاتهم التعليمية ولكنهم يقابلون بعراقيل تعكس فشل النظام التعليمي في تلبية احتياجاتهم الأساسية وهذا يشير بشكل واضح إلى عدم الاكتراث من قبل المسؤولين في الحكومة تجاه مستقبل هؤلاء الشباب
تشير تقارير غير رسمية إلى أن هناك نقصاً حاداً في الموارد المالية المخصصة لكليات التمريض مما يؤثر بشكل مباشر على جودة التعليم المقدم للطلاب
وفي وقت يُفترض فيه أن تُخصص الحكومة ميزانيات كافية لدعم التعليم والصحة نجد أن الأموال تُهدر في مشاريع لا طائل من ورائها بينما يُترك الطلاب ليعانوا من ظروف لا تُطاق وهذا يبرز الفساد المستشري داخل مؤسسات الدولة التي يُفترض بها أن تكون حامية لحقوق المواطنين
الطلاب الذين يدرسون في كليات التمريض يتعرضون لضغوط نفسية هائلة نتيجة هذا الإهمال المتعمد فبدلاً من توفير بيئة تعليمية جيدة نجد أن الطلاب مجبرون على تحمل عبء مادي كبير لتحقيق أحلامهم
وهذا ما يعكس الفجوة الكبيرة بين الوعود الحكومية والواقع المرير الذي يعيشونه وهو ما يزيد من مشاعر الإحباط والاستياء لديهم
إن الاستجابة الضعيفة من قبل الحكومة للمشكلات التي تواجه طلاب كليات التمريض تعكس بشكل صارخ تقاعس المسؤولين الذين يُفترض بهم العمل على تحسين الظروف المعيشية والدراسية للطلاب
فبالرغم من المطالبات المتكررة ورفع الصوت عالياً لم يتم اتخاذ خطوات جادة لتلبية احتياجات هؤلاء الطلاب الذين يمثلون جيل المستقبل الذي يعتمد عليه المجتمع المصري
تتوالى الأزمات في كليات التمريض ولا يبدو أن هناك أي بصيص أمل في تغيير الوضع الراهن فحتى التحسينات البسيطة التي تم الإعلان عنها لم تُنفذ على أرض الواقع
مما يزيد من اليأس لدى الطلاب الذين يشعرون بأنهم ضحايا لنظام فاسد لا يُعيرهم أي اهتمام وهذا ما يجب أن يدفع المجتمع ككل للتحرك ورفع صوته للمطالبة بحقوق هؤلاء الشباب
تُظهر الوقفة الاحتجاجية لطلاب التمريض كيف أن الأوضاع الحالية لا تُطاق وأن الحكومة لا تبذل أي جهد حقيقي لحل الأزمات المتزايدة في التعليم والصحة
فعندما ينفذ الطلاب احتجاجات بهذا الشكل فهذا يعني أن هناك أزمة حقيقية يجب على الجميع مواجهتها فالتجاهل لن يؤدي إلا إلى تفاقم المشاكل وزيادة الفساد
على المجتمع المصري أن يعي جيداً حجم المشكلة ويبدأ في اتخاذ خطوات فعلية للضغط على الحكومة لتلبية احتياجات الطلاب وتحسين ظروفهم
فالسكوت عن هذه الأوضاع لن يغير شيئاً بل سيستمر مسلسل الفساد والإهمال مما سيقود إلى تدمير مستقبل الأجيال القادمة
الأمل في تغيير هذا الوضع يعتمد على قدرة الشباب على المطالبة بحقوقهم ورفض الإذعان للواقع المرير فالاستسلام ليس خياراً
بل يجب أن تكون هناك تحركات جماعية للمطالبة بتحسين أوضاع التعليم والصحة في مصر ويجب أن يدرك الجميع أن التغيير لا يأتي إلا من خلال جهود جماعية ووقفة حقيقية للتصدي للفساد والإهمال الذي ينخر في المجتمع
إن الواقع الذي يعيشه طلاب التمريض اليوم يعكس أزمة أكبر من مجرد نقص في الوجبات أو صعوبات في التحويلات بل هو دليل على فساد عميق في النظام التعليمي والصحي في مصر
وهو ما يتطلب تحركاً عاجلاً من جميع الأطراف المعنية لإحداث التغيير المطلوب وتحسين الظروف المعيشية والتعليمية للطلاب
ويجب أن تُعطى الأولوية لمطالب الطلاب ويجب على الحكومة أن تلتزم بتوفير الموارد اللازمة لتحسين الأوضاع في كليات التمريض وتلبية احتياجاتهم الأساسية
فإن أي تأخير في الاستجابة لمطالبهم يعني المزيد من الفساد والإهمال الذي يجب أن يُنهيه المجتمع بكل فئاته وأطيافه
فالأمر لم يعد يحتمل السكوت ويجب أن يكون هناك صوت واضح يطالب بالتغيير الحقيقي الذي يحتاجه طلاب كليات التمريض اليوم