تتفاقم الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالبلاد في ظل تقاعس الحكومة المصرية وعدم قدرتها على إيجاد حلول جذرية للمشكلات التي يعاني منها المواطنون في حياتهم اليومية.
تفرض وزارة التنمية المحلية والجهات الإدارية رسوماً وضرائب غير معقولة على المواطنين في سياق ما يبدو أنه نهج منهجي للجباية بدلاً من التركيز على تعزيز التنمية الاقتصادية الحقيقية.
في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من ركود وتضخم متزايد، تتزايد الأعباء المالية المفروضة على المواطن، مما يثير تساؤلات كثيرة حول نوايا الحكومة والجهات المعنية في إدارة هذه الأزمة.
تتجاوز الأمور مجرد الرسوم المعتادة إلى فرض مبالغ تعجيزية تتعلق بترخيص المحال التجارية والصناعية. فالقانون رقم 154 لسنة 2019 ولائحته التنفيذية، والذي كان من المفترض أن يسهل الإجراءات، لا يُطبق بجدية على المشاريع القائمة، ويُهمل في الكثير من الأحيان.
يبدو أن هناك تجاهلاً تاماً للمادة 11 من اللائحة التنفيذية، التي تنص على عدم تطبيق الرسوم على المشاريع التي لديها رخص دائمة سارية.
هذه الأمور تعكس فساداً واضحاً داخل الإدارة المحلية، حيث يتم التعامل مع القضايا الاقتصادية كفرص للجباية بدلاً من كونها قضايا تتطلب الحلول الفعالة.
أما في ما يتعلق بملف التصالح في مخالفات البناء، فإن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تضيف عبئاً آخر على كاهل المواطن.
تتدخل هذه الهيئة لفرض رسوم إضافية تحت مزاعم غير مقنعة، مثل فرض رسوم تتجاوز 25% في حالات تتعلق بعدم وجود جراجات في منازل صغيرة، مما يكشف عن تفشي الفساد والفساد الإداري في التعامل مع هذه القضايا.
كيف يمكن لمواطنٍ قام ببناء منزل صغير منذ عقود، وسدد جميع الرسوم المستحقة، أن يُطالب بدفع المزيد من الأتعاب لمجرد عدم وجود جراج في منزل يتكون من ثلاثة طوابق؟
إحدى الحالات التي تعكس هذه الممارسات السيئة تتعلق بمالك عقار قديم، قام بتطوير منزله ورفع عدد طوابقه بشكل قانوني.
بعد أن استكمل كافة الإجراءات القانونية ودفع الرسوم المطلوبة بموجب القانون، تفاجأ بفرض الإدارة الهندسية للقوات المسلحة اتاوة جديدة بدعوى عدم وجود جراج،
مما دفعه لدفع 25% إضافية من قيمة التصالح، إلى جانب مبلغ إضافي لم يتم توضيحه. هذا الوضع يُظهر كيف أن الحكومة تتجاهل حقوق المواطنين وتخضعهم لابتزاز مالي غير مبرر.
تتوالى المشكلات التي يواجهها المواطنون نتيجة هذه السياسات المتغولة. حيث تُعتبر هذه الأعباء غير المحتملة بمثابة ضغط إضافي على حياة المواطنين الذين يكافحون لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
إن زيادة الرسوم والمطالبات غير العادلة تعكس تقاعس الحكومة عن توفير بيئة اقتصادية ملائمة للمواطنين، بل تدفعهم إلى العزوف عن المشاركة في المنظومة الاقتصادية التي تهدف إلى تعزيز الجمهورية الجديدة.
لا يمكن تجاهل المخاطر الكبيرة التي يحملها هذا النهج على الاقتصاد الوطني. إن فرض الرسوم بشكل متزايد سيؤدي حتماً إلى تفشي حالة من الاستياء العام، وستتزايد حدة الغضب بين المواطنين الذين يشعرون بأنهم غير محميين وأن حقوقهم تُنتهك بشكل يومي.
إن الحكومة بحاجة ماسة إلى إعادة تقييم سياساتها الاقتصادية وتحييد الجهات التي تفرض هذه الأعباء المالية على المواطنين.
في خضم هذا الوضع الكارثي، يجب أن تكون هناك دعوة ملحة لإعادة النظر في السياسات المتبعة، وتحييد الجهات التي تتلاعب بمصير المواطنين.
لا بد من وجود إطار عمل يضمن حقوق المواطن ويتيح له فرصة المشاركة الفعالة في التنمية الاقتصادية، بعيداً عن الابتزاز المالي المتواصل.
إن الأعباء المالية المتزايدة التي يتعرض لها المواطنون ليست سوى نتيجة لسياسات حكومية فاشلة، وعلى الحكومة أن تدرك أن المواطن ليس مجرد مصدر للجباية، بل هو عنصر أساسي في بناء اقتصاد قوي ومستدام.
إن استمرارية هذه السياسات ستكون لها تداعيات وخيمة على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، مما يستدعي اتخاذ خطوات جادة وعاجلة لإنهاء هذه الممارسات الكارثية.
إن الوضع الحالي يتطلب من الحكومة تحمّل مسؤولياتها والالتزام بتوفير بيئة اقتصادية تتسم بالعدالة والشفافية، حيث يجب أن تكون السياسات الحكومية خاضعة للمساءلة وتعكس اهتمامات المواطنين بدلاً من تقديم المزيد من الأعباء المالية التي تثقل كاهلهم وتدفعهم إلى الهاوية.
إن الوقت قد حان للضغط من أجل تغييرات حقيقية تضمن حقوق المواطن وتحمي مصالحه في مواجهة جبروت الجهات الإدارية التي تفرض الرسوم بلا هوادة.