تتزايد حدة أزمة الديون في مصر بشكل ينذر بكارثة اقتصادية قد تطيح بكل آمال المواطنين في مستقبل أفضل وتتطلب الوضع الحالي إجراءات جريئة وغير تقليدية لتفادي العواقب الوخيمة التي قد تؤدي إليها الأزمة المالية المتفاقمة
وتأتي تصريحات أحمد كجوك وزير المالية لتثير العديد من التساؤلات حول خطة الحكومة لتبادل الديون بالاستثمارات في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد
يعتقد كجوك أن الحلول التقليدية لم تعد كافية لمواجهة التحديات المالية التي تواجهها مصر ولا سيما مع الارتفاع المستمر في حجم الديون الخارجية والداخلية والتي وصلت إلى مستويات مقلقة تشكل تهديدا للاستقرار الاقتصادي في البلاد
هذه المبادرة تعكس خطوة غير مسبوقة في سياق سعي الحكومة لتوفير حلول مبتكرة لإنقاذ البلاد من شبح الإفلاس لكن هل تكفي هذه الحلول لإنقاذ مصر أم أنها مجرد محاولة يائسة لتأجيل الانهيار
من جهة أخرى ينظر مراد علي خبير الإدارة الاستراتيجية إلى هذه الخطة بشكل مختلف إذ يعتبر أن التنازل عن الأصول الوطنية وبيع الثروات الطبيعية ليس حلا بل هو تهديد وجودي لمصر وأبنائها
حيث تزداد الضغوط على الحكومة لبيع أراض وعقارات وإعادة النظر في الأصول الوطنية كجزء من استراتيجية سداد الديون مما يعكس عجزا واضحا في قدرة الحكومة على مواجهة التحديات المالية الراهنة
في الواقع قد تساهم مبادلة الديون بالاستثمارات في تحسين وضع مصر المالي مؤقتا لكن على المدى الطويل قد تكون لها تداعيات سلبية على الاقتصاد المحلي
حيث تخشى العديد من الفئات من أن يتحول هذا الحل إلى أداة جديدة لاستنزاف الثروات الوطنية ويؤدي إلى زيادة الفقر وتراجع مستوى المعيشة للمواطنين فالحديث عن بيع الأصول يمكن أن يكون بمثابة حكم بالإعدام على مستقبل الأجيال القادمة
لا تقتصر الأزمة على الأبعاد المالية فقط بل تمتد إلى الأبعاد الاجتماعية حيث تتأثر الفئات الأكثر ضعفاً بشكل مباشر من جراء هذا العبء المتزايد فمع تزايد الأسعار وانخفاض قيمة العملة المحلية
فإن الحياة اليومية للمواطنين باتت تتجه نحو الأسوأ ما يعكس ضرورة البحث عن حلول تتجاوز مجرد المبادرات المالية إلى تحسين هيكل الاقتصاد المصري وتفعيل المشروعات الاستثمارية المحلية بدلاً من بيع الأصول الوطنية
إن الاستمرار في اتباع سياسات اقتصادية تعول على حلول مثل مبادلة الديون بالاستثمارات قد يضع مصر في موقف صعب مستقبلاً حيث سيتوجب عليها مواجهة تداعيات هذا القرار الجريء الذي قد يؤدي إلى مزيد من الاستنزاف للأصول والموارد الوطنية وبالتالي فقدان السيادة الاقتصادية على مواردها الطبيعية
ويجب أن نتساءل هل ستتمكن الحكومة من إقناع الشعب بأن هذه الحلول الابتكارية هي فعلاً السبيل للخروج من النفق المظلم الذي دخلته مصر أم أن الأمر مجرد محاولة للتغطية على الفشل في معالجة جذور الأزمة الاقتصادية
تتطلب المرحلة المقبلة تكاتفاً من جميع الأطراف المعنية في الوطن لإيجاد حلول حقيقية تكفل الأمان المالي وتعيد الثقة للمواطن في مستقبل بلاده بدلاً من الدفع نحو اتخاذ قرارات قد تكون قاتلة للأجيال القادمة