تعيش البلاد في دوامة من التحديات التي تقف حائلاً أمام عودة الحياة إلى قطاع البناء والإعمار. رغم الوعود المتكررة بالإصلاح والتسهيلات، إلا أن الأرقام تعكس واقعًا مؤلمًا حيث لا تزال الاشتراطات المعقدة تعرقل طموحات الملايين.
فقد كان من المفترض أن تعود حركة البناء إلى ما كانت عليه في السابق بعد إلغاء الاشتراطات التي تم فرضها في مارس 2021، إلا أن الواقع يثبت أن الأمور لا تسير كما هو متوقع.
صورة قاتمة لمستقبل البناء
بالرغم من الوعود بإعادة تشغيل المصانع بكامل طاقتها وعودة العمالة إلى العمل، فإن العديد من الخبراء يؤكدون أن الأمور لم تتغير بشكل جذري.
الأرقام تقول إن مصانع مواد البناء لا تزال تعاني من نقص في الطلب، مما أدى إلى تشغيلها بأقل من 50% من طاقتها الإنتاجية.
بينما يتزايد الإحباط بين العمال الذين يعتمدون على هذا القطاع كوسيلة للعيش، فهناك الملايين من العمال الذين فقدوا وظائفهم في السنوات الأخيرة، والآن يقفون على أعتاب مستقبل غير واضح.
اشتراطات البناء التي كانت
العودة إلى أحكام قانون البناء رقم 119 لسنة 2008 قد تبدو للوهلة الأولى كخطوة إيجابية، لكن إذا نظرنا بعمق، سنجد أن الاشتراطات الجديدة ليست كافية.
فقبل هذه الخطوة، كانت الاشتراطات التي فرضت في 2021 تتطلب من المواطنين الحصول على رخص بناء مشروطة بعقود موثقة، مما أدى إلى إبطاء حركة البناء بشكل كبير.
كان من المفترض أن تُعطى المواطنين القدرة على بناء منازلهم بحرية، لكن هذه الشروط جعلتهم يواجهون عقبات هائلة.
الانتكاسات المتتالية
في الوقت الذي تتزايد فيه حاجة المواطنين إلى السكن، استمرت الحكومة في فرض شروط معقدة أدت إلى توقف بناء المنازل والمشروعات العقارية.
الواضح أن الاشتراطات التي كانت قائمة قد أثبتت فشلها في تلبية احتياجات المواطنين، مما جعل الكثيرين يواجهون مصيرًا مجهولًا. فكلما زادت التعقيدات، كلما زادت المعاناة.
العودة إلى نقطة الصفر
رغم إلغاء الشروط المجحفة، إلا أن العودة إلى النقطة التي بدأت فيها الأمور تبدو بعيدة المنال. فالإجراءات الجديدة تتطلب تقديم طلبات صلاحية بناء،
والتي تتضمن تقديم صور من الوثائق الرسمية وكروكي للموقع. لكن، هل هذا يكفي حقًا لرفع العبء عن كاهل المواطن؟ الإجابة لا تزال غير واضحة، حيث تظل العقبات قائمة.
الحديث عن الإيجابيات
ومع ذلك، هناك من يتحدث عن الإيجابيات المحتملة. فرجال الصناعة يأملون في أن يؤدي إلغاء الاشتراطات إلى تحفيز حركة البناء، لكنهم يواجهون تحديًا كبيرًا يتمثل في عدم وجود ثقة بين المواطنين والحكومة.
فإذا كانت الدولة قد عجزت عن تقديم حلول فعالة على مدى السنوات الماضية، فما الذي يجعلنا نعتقد أنها ستنجح الآن؟
معاناة العمالة
يعاني القطاع من تفشي البطالة بين العمال الذين يعتمدون على البناء كمصدر رئيسي للرزق. فقد أصبح مستقبلهم مهددًا في ظل الإغلاقات المستمرة وفقدان الوظائف.
يتحدث البعض عن عودة متوقعة لحركة البناء، لكن الواقع يكشف عن عكس ذلك. فالعمال ينتظرون بفارغ الصبر أن تثمر هذه الإجراءات الجديدة عن نتائج ملموسة.
العقبات الاقتصادية
من الواضح أن الاقتصاد المصري يعاني من مشاكل جمة، وقطاع البناء ليس استثناءً. فقد أدت الاشتراطات المعقدة إلى تدهور الأعمال، مما أثر بشكل سلبي على المواد والبضائع المتعلقة بالبناء.
وفيما يزعم البعض أن الأسعار ستنخفض نتيجة للعرض المتزايد، فإن الواقع يظهر أن السوق لا يزال يعاني من ارتفاعات في الأسعار بشكل يثقل كاهل المواطنين.
دعوات للضغط على الحكومة
في خضم هذا الوضع الصعب، تتزايد الدعوات إلى الحكومة للضغط من أجل تنفيذ إصلاحات حقيقية وشاملة. هناك حاجة ملحة لتوفير فرص عمل وإطلاق مشاريع بنائية تخدم المواطنين
وتساهم في تحسين الاقتصاد المحلي. المواطنون يتطلعون إلى خطوات فعلية وملموسة بدلاً من وعود متكررة لم تُنفذ.
الأمل المفقود
إن الأمل في تحسين الوضع الراهن يبدو بعيد المنال. رغم إلغاء الاشتراطات التي كانت تعيق حركة البناء، لا تزال العديد من العقبات قائمة.
هناك حاجة إلى رؤية واضحة واستراتيجيات فعالة تضمن إعادة تشغيل القطاع بشكل متكامل. ومع ذلك، فإن الوضع الاقتصادي العام والواقع الحالي يبعث على القلق.
دعوة للعمل
ختامًا، لا بد من الدعوة إلى العمل الجاد والفعال للتغلب على التحديات التي تواجه قطاع البناء. لقد حان الوقت ليكون هناك التزام حقيقي من قبل الحكومة لتوفير الحلول اللازمة وتحقيق تطلعات المواطنين.
يجب أن تكون هناك إرادة سياسية واضحة لإحداث تغيير جذري في هذا القطاع الحيوي، حيث يعتمد عليه الملايين كسبيل لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم.
مصر بحاجة إلى إعادة إحياء قطاع البناء كجزء أساسي من نهضتها الاقتصادية. ولكن هل ستسمع الحكومة نداءات المواطنين، أم ستظل الأمور على حالها، في خضم هذا التحدي الكبير؟