مقالات ورأى

الدكتور علي محمد الصلابي يكتب: قراءة في تاريخ عقيدة أرض الميعاد لدى اليهو.د

مختارات من كتاب الأنبياء الملوك “عليهم السلام

كانت الفكرة لدى العالم في تجميع اليهو.د في دولة من أيام (نابليون بونابرت) الفرنسي عام 1799م، حيث دعا يهو.د آسيا وأفريقيا للانضمام إلى حملته من أجل بناء مدينة القدس القديمة، وقد جند منهم عدداً كبيراً في جيشه، إلا أن هزيمة نابليون واندحاره حال دون ذلك.

ثم ابتدأت الفكرة تظهر على السطح مرة أخرى، وبدأ العديد من زعماء الغرب وكبار اليهو.د يهتمون بها ويؤسسون كثيراً من الجمعيات التي تنادي بهذا الأمر (الخلف، 1997، 61).

وكانت عقيدة أرض الميعا.د حاضرة بقوة في المتأثرين بأفكار وثقافة وتاريخ العهد القديم للديانة اليهودية والمذهب البرووتستانتي النصرراني. وتتخلص هذه العقيدة في أن الله عز وجل قد أعطى اليهو.د منذ أن كان اسمهم (بني إسرائيللل) أرض فلsطين، ووعدهم بملكها إلى الأبد وأباح لهم -على حسب زعمهم- أن يقتلوا ويطردوا كل الأقوام الذين كانوا يعيشون فيها، كما دعاهم ألا يمكنوا أحداً من العيش فيها إلى جوارهم، فهي ملك خاص لهم وميراث خاص بهم، هذا ما آمن به اليهو.د منذ القديم، وهذه هي العقيدة التي استقرت في نفوسهم، حتى بعد أن طردوا منها منذ ألفي سنة تقريباً، لقد ظلوا قروناً كثيرة وهم ينتظرون الملِك المخلص والقائد المنصور (الماشيح المنتظر) ليجمعهم ويقودهم إلى فلsطين، لكن اليهود.ية الصهيو,نية سبقت المسييح المنتظر وقادتهم في هذه المرة إلى فلsطين، وأعلنوا عن قيام دولتهم في منتصف عام (1948م).

لقد غرست النبوءات الكثيرة التي نسبوها إلى أنبيائهم هذه العقيدة في قلوبهم، وأنا هنا لا أناقش هذه النبوءات ومدى صدقها، فتاريخ اليهو.د القديم في فلsطين يكذبها وينسفها نسفاً، وهناك العشرات من النصوص المثبتة في العهد القديم تقول بأنهم أُورثوا الأرض بشرط الإيمان والطاعة، وإن هم أخلوا بالشرط فسوف يطردون ويشتتون في أنحاء الدنيا كلها، وهذا ما كان.

مضى على طرد اليهو.د من فلs طين قرون كثيرة، وصلوات العودة إلى أرض الآباء والأجداد على لسان كل واحد منهم، وظلوا يرددون في أعيادهم تحيتهم المحفوظة (العام القادم أوررشليم)، وحين بدأ التخطيط لقيام دولتهم الحالية، أجمع زعماء اليهو.د كلهم على أن تكون فلsطين هي أرض دولتهم، وهذا ما تقرر في مؤتمرهم الأول في (بال) بسويسرا عام 1897م (دولة، 2013، 374) ، وجاء في خطاب هذا المؤتمر: إنا نضع حجر الأساس في بناء البيت الذي سوف يؤوي الأمة اليهو,دية، ثم اقترح برنامجاً يدعو إلى تشجيع القيام بحركة واسعة إلى فلsطين، والحصول على اعتراف دولي بشرعية التوطين، وكان من قرارات ذلك المؤتمر: إنشاء (المنظمة الصهيو,نية العالمية) لتحقيق أهداف المؤتمر، و قد تولت أيضاً إنشاء جمعيات عديدة علنية وسرية لتخدم هذا الهدف.

وقد صرح زعماء اليهو.د بتصريحات واضحة لرسم مسار تحقيق هذا الهدف الذي اجتمعوا عليه:

– يقول تيودور هر,تزل في كتابة (الدولة اليهو.دية): فلsطين وطننا التاريخي الذي لا يمكن نسيانه.

– ويقول ديفيد بن غور,يون: إن الص,هيونية لم تبدأ بمؤتمر (بال) ولا بوعد بلف,ور، ولا بقرارات الأمم المتحدة، بل يوم وعد الله أبانا إبراهيم بأرض فلsطين مُلكاً أبدياً.

– ويقول مناحم بيغن: إن هذه الأرض أعطيت لنا بموجب الوعد، ومن حقنا الاحتفاظ بها (دولة، 2013، 374-375).

– ويقول الجنرال العسكري موشي ديان: إذا كنا نملك التوراة ونعتبر أنفسنا شعب التوراة، فلا بد أن نملك الأرض التوراتية.

– وتقول غولدا مائير: إن هذه البلاد وُجدت تنفيذاً لوعد صدر من الرب بالذات، ومن السخف أن تطالبه بحجج حول شرعيتها.

ولا تسأل عن تصريحات الحاخا,مات الكثيرة والمثيرة؛ فهذا الحاخام زفي يهود,ا كوك -الشخصية الأكثر تعبيراً عن الصهيو,نية ال,دينية- يقول: إن جميع هذه البلاد لنا، ولا يمكن تسليم أجزاء منها للآخرين، ورثناها عن آبائنا، لهذا يجب أن يكون واضحاً لا توجد مناطق عربية (دويك، 366).

يقول الشيخ محمد الغزالي -رحمه الله-: إن الي,هود لهم فكرة وحيدة لا تتغير وهي: أنهم الشعب المختار، وأنهم سادة العالم، وأن ما في العالم من مال هو لهم يجب أن يستردوه، وأنهم يجب أن يهدموا المسجد الأق,صى ليبنوا على أنقاضه هيك,ل سليمان. وسوف ينزل الرب ليحل في هذا الهي,كل، ويحكم على طريقة شعبه المختار: شعب بني إسرائيل (الغزالي، 2010، 304).

إن هذه العقا,ئد الفاسدة والثقافة المنحرفة، والأفكار المغشوشة في المشروع اليهو,دي الصهيو,ني لا يمكن الوقوف أمامها، إلا بالعقائد الصحيحة، والثقافة السليمة، والأفكار الصافية التي منبعها كتاب الله وسنة رسوله الكريم.

مراجع الحلقة:

1. الخلف، د. سعود، (1997)، دراسات في الأديان اليهو,دية والنصر,انية، دار أضواء السلف، ط1، 1997م، ص 61.

2. دولة، محمد علي، (2013)، كلام في اليهو.د، مجموعة مقالات في اليهو.د وفي دولتهم المعاصرة، دمشق، دار القلم، ط1، 2013م، ص 374-375.

3. التاريخ اليهودي العام، ص196.

4. كنعان، جورجي، (1980)، سقوط الإمبراطورية الإ,سرائيلية، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط1، 1980م، ص 27.

5. دويك، عبدالغفار، أنبياء إسر,ائيل الجدد، ص 366.

6. الغزالي، محمد، (2010)، اليهود المعتدون ودولتهم إسرا,ئيل، دار النهضة، مصر، ط1، 2010م، ص 304.

7. لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر: كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى