تقاريرمصر

السيسي على خطى الخديوي عباس الأول: تاريخ يعيد نفسه بفساد الحكومة

تسببت صورة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، المنتشرة بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يتفقد محطة صعيد مصر، في حالة من السخرية الكبيرة بين النشطاء والمعلقين.

ما بدأ كعمل يهدف إلى مجاملة الرئيس، تحول إلى موجة من الانتقادات اللاذعة التي سلطت الضوء على أوجه التشابه المثيرة للجدل بين السيسي وشخصية تاريخية ليست محبوبة في الذاكرة المصرية.

تشبيه السيسي بالخديوي عباس حلمي الأول

أثار البعض مقارنة لافتة بين السيسي والخديوي عباس حلمي الأول، الذي حكم مصر من عام 1848 حتى 1854. كان عباس الأول معروفًا بسمعته السيئة بين المصريين، حيث تميزت فترة حكمه بالرجعية والتخلف.

وقد وجد العديد من الناشطين أن هناك تشابهات كبيرة بين عهد السيسي وعهد عباس الأول، ما فتح الباب للسخرية والاستهزاء.

عهد التخلف والرجعية

في عهد عباس حلمي الأول، شهدت مصر تراجعًا كبيرًا في شتى مجالات الحياة. فبعد فترة من النهضة التي أطلقها جده محمد علي، تراجع المستوى الاقتصادي والثقافي، وغابت معظم مظاهر التقدم.

هذا ما جعل النشطاء يربطون بين ما حدث في تلك الحقبة وما يشهده الواقع المصري حاليًا من تراجع في مختلف القطاعات.

الاعتماد على أصحاب الولاء

إحدى الصفات البارزة التي ميزت عباس الأول هي شكوكه المستمرة فيمن حوله، حيث كان يخشى دائمًا من المؤامرات ضده. هذه المخاوف دفعته إلى إحاطة نفسه فقط بمن يواليه ومن يعتبرهم “المقربين”.

نفس هذه الملامح يتم تسليط الضوء عليها الآن في إدارة السيسي، حيث يعتمد بشكل كبير على دائرة ضيقة من الشخصيات، مما جعل العديد يربطون بين الأسلوبين.

القسوة والبطش

المؤرخون وصفوا الخديوي عباس الأول بالقسوة والتسلط، فقد عمد إلى قتل ونفي معارضيه بشتى الطرق، وكانت نهايته الاغتيال على أيدي خصومه بسبب العداوات التي أنشأها.

يتحدث البعض اليوم عن وجود تشابهات واضحة في الأسلوب الحاكم للسيسي، حيث يتم التعامل بقسوة مع المعارضين أو من يرفعون أصواتهم بالنقد، مما زاد من حالة الغضب الشعبي.

الفشل في تحقيق التوريث

أحد الجوانب التي أثارت سخرية واسعة في التشبيه بين السيسي وعباس الأول هو فشل الأخير في توريث الحكم لابنه إبراهيم، ما فتح الباب للصراع على السلطة بعد وفاته.

رغم أن السيسي لم يسعَ حتى الآن إلى توريث الحكم بشكل علني، إلا أن التكهنات حول المستقبل السياسي لمصر تظل محل حديث بين النشطاء، حيث يتخوف البعض من تكرار سيناريوهات قديمة.

الإهانة غير المقصودة

المثير في هذه القصة هو أن من كان وراء فكرة نشر الصورة ربما كانوا يهدفون إلى تعزيز صورة السيسي وإظهار إنجازاته في تطوير البنية التحتية، مثل محطة صعيد مصر.

ولكن، ما حدث هو العكس تمامًا، حيث تحولت الصورة إلى نقطة انطلاق لحملة سخرية شديدة اللهجة. يشير ذلك إلى الفجوة الكبيرة بين ما تقدمه السلطة وما يتلقاه الجمهور.

السخرية كوسيلة للتعبير

في مصر اليوم، تعد السخرية واحدة من أدوات التعبير الأكثر فعالية بين فئات الشعب، خاصة في ظل التوترات السياسية والاقتصادية.

جاءت صورة السيسي بمحطة صعيد مصر لتكون مثالاً جديدًا على كيفية استخدام الشعب لهذه الأداة لمواجهة ما يرونه من أوجه قصور في السلطة.

دلالة الصورة والذاكرة التاريخية

تكمن أهمية هذه الصورة ليس فقط في التشبيه التاريخي، بل في إحياء ذاكرة المصريين بما يعتبرونه فترات حكم مظلمة في تاريخهم.

استخدام التشبيه مع عباس الأول لم يكن مجرد استهزاء، بل تعبيرًا عن المخاوف من تكرار نفس الأخطاء التي وقعت في الماضي، وكأن التاريخ يعيد نفسه في صورة معاصرة.

رسالة النشطاء

الرسالة التي حاول النشطاء إيصالها من خلال هذه السخرية هي أن المصريين لن ينسوا تاريخهم، وأنهم قادرون على استخدام الماضي لفهم الحاضر وتوجيه النقد لما يرونه من أوجه فساد أو فشل.

كما أظهرت الحملة مدى استعداد الشعب لتحدي الروايات الرسمية والرد على محاولات الترويج للإنجازات بطرق قد تكون غير متوقعة.

تجاهل الرسالة الشعبية

ما يزيد من وطأة هذه السخرية هو التجاهل الواضح من قبل الحكومة لصوت الشعب. بدلاً من الاستجابة أو محاولة فهم الرسالة التي يحاول الجمهور إيصالها، يبدو أن السلطة تواصل فرض رؤيتها بشكل أحادي، مما يؤدي إلى اتساع الفجوة بينها وبين المواطنين.

محطة صعيد مصر: رمز للجدل

بالرغم من أن محطة صعيد مصر قد تكون مشروعًا مهمًا من الناحية العملية، إلا أنها تحولت إلى رمز للجدل. فبدلاً من أن تكون محطة للتطور والازدهار، أصبحت محطة للسخرية والانتقاد، وهو ما يعكس الحالة العامة للبلاد حيث تُصطدم الإنجازات الحكومية بصخرة الواقع المرير الذي يعيشه المواطنون.

ما وراء السخرية

من خلال دراسة هذه الظاهرة، يظهر أن السخرية ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل هي شكل من أشكال المقاومة الاجتماعية والسياسية.

وما حدث مع صورة السيسي في محطة صعيد مصر هو انعكاس لحالة إحباط متزايدة في أوساط الشعب، حيث يرى الكثيرون أن الحكومة لا تستجيب لمطالبهم ولا تقدم حلولًا حقيقية للمشكلات.

السخرية تكشف استياء الشعب وتحدي السلطة

تعد السخرية من صورة السيسي في محطة صعيد مصر إشارة واضحة على أن الشعب المصري يمتلك القدرة على التعبير عن استيائه بطرق غير مباشرة، رغم التضييق.

إن التشبيه بالخديوي عباس حلمي الأول ألقى بظلاله على صورة الرئيس، وأظهر أن الشعب ليس فقط قادرًا على رؤية التشابهات التاريخية، بل مستعد لمواجهتها بطريقته الخاصة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى