تشهد مصر في الآونة الأخيرة أزمة خانقة في سوق السيارات تتعاظم مع تزايد الحديث عن تقليص كوتة الاستيراد المقررة من قبل الحكومة والتي تقدر بـ عشر آلاف سيارة شهرياً إلى ثمانية آلاف فقط
حيث يأتي هذا القرار المزعوم في ظل محاولات الحكومة لترشيد استهلاك الدولار وتقليل حجم الاستيراد في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعصف بالبلاد تتطلب حلاً جذرياً وسريعاً
بشكل مفاجئ نفت الحكومة أي نية لخفض كوتة استيراد السيارات الأمر الذي يتناقض مع الأنباء المتداولة مما يثير تساؤلات عديدة حول مدى مصداقية الحكومة في التعامل مع هذه القضية الحيوية فعلى الرغم من تأكيد وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية عدم إصدار أي تعليمات رسمية إلا أن الشارع المصري يعج بالقلق والارتباك في ظل غموض الوضع
في سياق متصل كان قد أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي على ضرورة الاعتماد على الإنتاج المحلي في قطاع السيارات قائلاً هل يعقل أن نكون غير قادرين على تصنيع سيارات تكفي احتياجاتنا المحلية؟ ليكون السؤال هنا أين الخطط والإجراءات الفعلية التي تعكس هذا التوجه ولماذا لا يتم تفعيلها بشكل عاجل لحل أزمة نقص المعروض من السيارات في السوق المصري
يتزايد قلق الخبراء وتجار السيارات من تأثير تقليص كوتة الاستيراد على الأسعار التي ترتفع بشكل مستمر الأمر الذي يزيد من المعاناة للمواطنين ويجعلهم أمام خيارين أحلاهما مر إما مواجهة أسعار مرتفعة أو العجز عن شراء سيارة تلبي احتياجاتهم الضرورية مما يتطلب من الحكومة سرعة التدخل لفتح باب الاستيراد مجدداً
يعاني سوق السيارات من أزمة خانقة بسبب تراجع المعروض الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بمعدلات قياسية حيث عادت ظاهرة الأوفر برايس إلى الواجهة لتفرض نفسها بقوة على السوق ما يعني أن الأسعار تتجاوز الأسعار المعلنة بزيادة تصل إلى مبالغ باهظة من أجل الحصول على السيارة المطلوبة وهو ما يزيد من العبء على المواطنين الذين يبحثون عن وسائل النقل
يتعجب الكثيرون من تأثير اتفاقيات التجارة الحرة على قرار استيراد السيارات حيث أشار أحد أعضاء شعبة السيارات إلى أن هذه الاتفاقيات تجعل تحديد حصة استيرادية أمراً معقداً ومع ذلك فإن التقليل من أعداد السيارات المستوردة يعد ضرورياً لتجنب الضغط على الدولار ولكن الأمر يتطلب تنسيقاً دقيقاً مع وكلاء السيارات دون تدخل الحكومة المباشر
أثارت عودة ظاهرة الأوفر برايس قلقاً شديداً بين المستهلكين حيث تجاوزت الزيادة في بعض الطرازات ثلاثمائة ألف جنيه في ظل الطلب المتزايد ونقص المخزون نتيجة توقف الاستيراد الذي استمر لمدة أربعة أشهر مما أدى إلى شح المعروض في السوق وزيادة التكاليف بشكل مضطرد على المستهلكين الذين يجدون أنفسهم أمام خيارات محدودة
بالإضافة إلى ذلك تؤكد الأرقام أن توقف الاستيراد وغياب رؤية واضحة لإعادة فتحه أثر بشكل مباشر على الأسعار مما يجعل الوكلاء يضطرون لحساب تكاليفهم بناءً على المخزون المتاح الأمر الذي ينعكس سلباً على الأسعار النهائية التي يتحملها المواطنون حيث يجدون أنفسهم في مواجهة تحكم الأسعار مع نقص المعروض
يعود السبب الرئيسي وراء نقص العملة الصعبة إلى تقليص حجم الاستيراد وقد أوضح أحد أعضاء شعبة السيارات أن الحل يكمن في زيادة الإنتاج والتصدير حيث يتطلب الأمر اتخاذ خطوات فعالة وعاجلة لتحسين الوضع الاقتصادي الذي يؤثر بشكل مباشر على كل جوانب الحياة بما في ذلك قطاع السيارات
تتطلب الأزمة الحالية تدخلاً عاجلاً من الحكومة لإعادة فتح باب الاستيراد الشخصي الذي يمكن أن يسهم في خلق منافسة قوية مع الاستيراد التجاري بما يساعد في خفض الأسعار التي يحددها الوكلاء دون أي مبررات منطقية وهو ما يعد خطوة ضرورية لتخفيف الضغوط المالية على المواطنين الذين يعانون من ارتفاع الأسعار
تشير المعطيات إلى ضرورة فتح الاستيراد الموازي والذي يعني السماح للشركات الخاصة بجلب السيارات من الخارج بصورة قانونية وهو ما يمكن أن يسهم في زيادة المعروض ويعطي خيارات إضافية للمستهلكين لكن يبقى السؤال الأهم هو لماذا لا يتم اتخاذ إجراءات فعالة لإنقاذ السوق من أزمته الحالية
وإن أزمة السيارات في مصر تتطلب تضافر جهود الحكومة والقطاع الخاص لوضع حلول فعالة تعيد التوازن للسوق وتخفف الضغوط الاقتصادية على المواطنين الذين يعانون بشكل يومي في محاولة للحصول على وسائل نقل مناسبة وبأسعار معقولة