تتجلى اليوم مأساة حقيقية تعيشها آلاف الأسر المصرية التي تسعى لتحقيق أحلام أبنائها في التعليم. فبينما يتقافز الأمل على حافة اليأس، تتجلى صورة مروعة لمستقبل الشباب المهدور، إذ تبرز مافيا جديدة تستغل قلة الحيلة وتكالب الظروف، تاركة وراءها ضحايا مرعوبين يقفون أمام مكاتب التنسيق بقلوب مثقلة بالأحلام المحطمة.
الحكومة تغض الطرف عن تلك المأساة، وتسمح لمستغلي الأزمات بالانقضاض على الطلاب وأسرهم، حيث يسعى هؤلاء لتقديم وعود كاذبة مقابل مبالغ ضخمة. تلاعب مقيت بأحلام الشباب، في وقت كان ينبغي أن يجدوا فيه الدعم والتوجيه. لكن أي دعم يمكن أن يتوقعه هؤلاء في ظل صمت مطبق من المسؤولين الذين يبدو أنهم يعيشون في عالم آخر.
أسر تلهث في شوارع العاصمة، ضائعة بين مكاتب التنسيق وبائعي الوهم. تجوب الأمهات والآباء مسافات طويلة محملين بالأمل، ليفاجؤوا بواقع مرير. يتراءى لهم شبح المستقبل المظلم، وكلما اقتربوا من تحقيق أحلامهم، وجدوا أنفسهم محاطين بخيوط الخداع والاستغلال. فالمافيا أصبحت تتربع على عرش أحلامهم، تبتزهم في وضح النهار.
مع كل يوم يمر، تزداد معاناة الطلاب، إذ يجوبون أمام مكاتب التنسيق، يواجهون تجهم الموظفين وعدم الاكتراث بمصائرهم. الشوارع المحيطة بالمكاتب تكاد تكون مسرحًا لدراما مأساوية. عائلات تتوسل، وقلوب تتألم، ومشاهد من الإحباط والانكسار تتكرر بلا رحمة. الكل هنا يدرك أن الحكومة لم تفعل شيئًا لحماية هؤلاء الشباب من براثن الفساد والاستغلال.
تخيم أجواء من البؤس على الأبواب المغلقة لمكتب التنسيق، حيث يسيطر الشعور باليأس على الجميع. يتوجه الطلاب إلى مكاتب التسجيل، ولكنهم لا يجدون سوى الوعود الكاذبة. في المقابل، يخرج المحتالون ليعرضوا خدماتهم بأسعار باهظة، مشكلين سوقًا سوداء جديدة تستهدف أحلام هؤلاء الفتيان والفتيات.
مع تفشي هذه الظاهرة، يبتكر المحتالون أساليب جديدة لاصطياد الضحايا. فبعضهم يتظاهر بأنه يمتلك نفوذًا يسمح له بتأمين قبول سريع في الكليات، بينما الآخرون يعدون بتقليل الاغتراب مقابل دفع الأموال. كل هذه الوعود لا تعدو كونها كذبة، إذ يتبخر كل شيء بمجرد دفع المبالغ. وبدلاً من أن يكونوا مصدر أمل، يتحول هؤلاء المحتالون إلى أدوات للتدمير النفسي والاجتماعي للطلاب.
تلك المآسي تتفاقم يومًا بعد يوم، حيث تتلاشى أحلام الطلاب أمام أعينهم. تمر الأيام، وبدلاً من الفرح الذي ينتظرونه، يجدون أنفسهم في دوامة من القلق واليأس. وأمام هذه الظروف، تصبح مآسيهم جزءًا من الواقع اليومي، فتغرق الأسر في الهموم والتساؤلات عن مستقبل أبنائهم.
فما هو مصير هؤلاء الطلاب الذين أصبحوا ضحايا لأحلامهم؟ كيف سيتعاملون مع مجتمع يواصل تجاهلهم؟ إن مستقبلهم معلق بخيوط الأمل التي بدأت تتقطع أمام أعينهم. حتى الحلم البسيط بالالتحاق بكليات مرموقة أصبح بعيد المنال، إذ يتلاعب بهم المحتالون بينما الحكومة تظل متفرجة.
هنا، يظهر مشهد من مشاهد الإهمال الحكومي المروع، حيث ينزلق الطلاب في هاوية من الفساد والفوضى، وكل ذلك بينما المسؤولون مشغولون بمشاكل أخرى. لقد أثبتت الحكومة أنها عاجزة عن توفير أبسط مقومات الدعم، بينما تقع الضغوط كاملة على عاتق الأسر. من المذهل أن ينظر إلى هذه المعاناة دون أن تتحرك أي جهة مسئولة لتغيير الوضع القائم.
كأننا أمام قصة مأساوية متكررة، فكل يوم تُدمر فيه أحلام جديدة. تزداد أعداد الطلاب الذين يُفقدون فرصهم التعليمية بسبب عدم الاكتراث الحكومي. إن ما يحدث هو إهمال مستمر لمستقبل البلاد، وضياع لآمال الشباب الذين يمثلون العمود الفقري للمجتمع.
المجتمع بأسره مطالب بالتدخل، ولكن كيف يمكن لذلك أن يحدث في ظل غياب الأمل؟ هل ستبقى الحكومة صامتة بينما يستمر الطلاب في الغرق في هذا المستنقع من الاستغلال؟ لقد آن الأوان لكي تتحمل المسؤوليات، ويجب على الجميع أن يعي أن مستقبل الشباب ليس لعبة.
إن هذه الأزمة لا يمكن تجاهلها، ويجب أن يكون هناك تحرك عاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ينبغي أن تتم إعادة النظر في النظام التعليمي، وتقديم دعم حقيقي للطلاب. على الحكومة أن تتبنى خطة شاملة لمواجهة هذه المافيا، وتوفير الأمان لكل من يسعى لتحقيق أحلامه الأكاديمية.
لكن ما هو مستقبل هؤلاء الطلاب في ظل هذا الإهمال؟ لقد حان الوقت لإنقاذ أحلامهم قبل أن تصبح ماضٍ مؤلم يُذكرهم بالفشل والإحباط. فالصمت لم يعد خيارًا، ويجب أن نسمع صرخاتهم ونستجيب لمطالبهم، قبل أن تضيع الأجيال المقبلة في غياهب النسيان.