في مصر تسود حالة من الذعر بين الأسر التي تعاني من نقص حاد في الإنسولين مما يهدد حياة أكثر من 200 ألف طفل مصاب بالسكري.
الأطفال الذين يعانون من هذا المرض الخطير يتعرضون لمخاطر صحية جسيمة نتيجة لهذا النقص. إن فشل الحكومة في توفير الأدوية اللازمة يعد خيانة فاضحة لحقوق الأطفال وواجبها في توفير الرعاية الصحية اللازمة.
تتجلى الكارثة في تدهور حالة الأطفال الذين يحتاجون إلى الإنسولين، حيث يعاني العديد منهم من مضاعفات خطيرة نتيجة عدم القدرة على الحصول على العلاج.
الحاجة إلى الإنسولين لا تُعتبر مجرد حاجة طبية بل تتجاوز ذلك لتصبح مسألة حياة أو موت. في الوقت الذي تتزايد فيه نسبة الإصابة بالسكري بين الأطفال في مصر، نجد الحكومة تغض الطرف عن هذه الأزمة.
الأم “منى” تتحدث بعينين مليئتين بالدموع وهي تصف معاناتها في البحث عن زجاجة دواء واحدة. “لم أستطع العثور على زجاجة إنسولين واحدة منذ أكثر من 3 أشهر” تكرر هذه الكلمات وهي تعبر عن خيبة الأمل التي تشعر بها. في ظل غياب الدعم الحكومي، تتوجه الأمهات إلى الصيدليات والمستشفيات دون جدوى، مما يضع أطفالهن في خطر حقيقي.
أما “محمود”، والد طفل مريض سكر، فيقف متسائلاً أين يجب أن يذهب لإنقاذ ابنه المريض. “حالته تتدهور بشكل يومي ولا أستطيع تأمين دواءه”.
هذه الكلمات تعبر عن اليأس الذي يعيشه الآباء في مواجهة هذه الأزمة. انعدام الأدوية الأساسية هو وضع غير مقبول في أي دولة تحترم مواطنيها.
تحذر النائبة “إيرين سعيد” من أن السوق السوداء تزداد ازدهارًا في ظل نقص الأدوية. ما يحدث يعد جريمة في حق المواطنين، إذ تُجبر الأسر على اللجوء إلى بدائل غير موثوقة في ظل عدم توفر الإنسولين الأصلي. هذه الظاهرة توضح حجم الفشل الذي تعاني منه الحكومة في إدارة القطاع الصحي.
الدكتور “على عوف” رئيس شعبة الأدوية في اتحاد الغرف التجارية أشار إلى أن هناك نوعين من الإنسولين المتوفرين في السوق. أحدهما محلي والآخر مستورد، لكن المشكلة تتفاقم بسبب استخدام البعض للإنسولين في التخسيس بدلاً من العلاج. هذه التصريحات تعكس الفوضى التي يعيشها قطاع الأدوية، حيث يتم استغلال الأدوية لأغراض غير طبية.
الأرقام تتحدث عن نفسها، فمعدل الإصابة بالسكري في مصر يرتفع باستمرار، حيث تُظهر الدراسات أن مصر تأتي في المرتبة العاشرة عالميًا. ارتفاع نسبة الإصابة يعني أن الآباء والأمهات يشعرون بمسؤولية أكبر لحماية أطفالهم، لكن كيف يمكنهم فعل ذلك في ظل نقص الأدوية؟
استشاري الأطفال “وجدي جرجس” أكد أن الإصابة بالنوع الأول من السكري تتطلب علاجًا عاجلًا ومنتظمًا، لكن مع نقص الإنسولين، تتعرض حياة الأطفال للخطر. إنه وضع غير مقبول عندما نجد الأطفال المصابين بالسكري يكافحون للحصول على العلاج المناسب. يجب أن تكون الحكومة مسؤولة عن توفير الأدوية الأساسية.
وبالإضافة إلى ذلك، أثبتت الدراسات أن الرضاعة الطبيعية تساهم بشكل كبير في تقليل خطر الإصابة بالسكري. لكن في ظل الأزمات المتلاحقة، تُفقد الأمهات السيطرة على صحة أطفالهن، مما يزيد من تفاقم الأوضاع. الأمهات يشعرن بالعجز في مواجهة هذه الأزمة الصحية.
هذا الوضع لا يمكن السكوت عليه، فالحياة ليست لعبة ولا يمكن أن تُترك للصدفة. يجب على الحكومة أن تتحرك بسرعة لحل أزمة نقص الأدوية. يجب عليها أن تدعم خطوط الإنتاج وتضمن توفر المواد الخام اللازمة لتصنيع الأدوية.
في الوقت الذي تتزايد فيه نسبة الإصابة بالسكري، يجب أن تكون هناك استجابة فورية من الحكومة. لقد حان الوقت لوضع خطة وطنية شاملة لتوطين صناعة الأدوية وتقليل الاعتماد على الاستيراد. هذه الخطة يجب أن تتضمن تعزيز البنية التحتية للرعاية الصحية وتوفير الحوافز اللازمة للمصانع المحلية.
الأزمة تتطلب تضافر الجهود بين جميع الجهات المعنية، بما في ذلك وزارة الصحة وهيئة الدواء وشركات الأدوية. لا يمكن أن تستمر الأوضاع على هذا النحو، حيث يدفع الأطفال الضريبة نتيجة التقاعس الحكومي.
يجب أن تكون هناك خطوات عاجلة لضمان توفير الإنسولين للأسر المحتاجة. هذا ليس مجرد طلب بل هو واجب إنساني يتطلب استجابة عاجلة. يجب أن يشعر كل مواطن بالأمان في الحصول على العلاج اللازم لأطفاله.
الأرقام تشير إلى أن أزمة الأدوية ليست مجرد مشكلة عرضية، بل هي نتيجة لسياسات فاشلة وتجاهل متواصل لاحتياجات المواطنين. يجب على الحكومة أن تأخذ هذا الأمر بجدية وأن تضع حلاً جذريًا يعيد الأمل للأسر المتضررة.
إن ما يحدث الآن من نقص في الأدوية يُعتبر جريمة ضد الإنسانية. كيف يُعقل أن تُترك حياة الأطفال للخطر بسبب غياب الدعم الحكومي؟ يجب على المواطنين أن يتحدوا للمطالبة بحقوقهم في الحصول على الأدوية الأساسية.
الأمهات اللاتي يسعين لتأمين حياة أطفالهن في خطر يستحقن الدعم والاهتمام. يجب أن تكون هناك حملات توعية لدعم حقوق المرضى وضمان حصولهم على الأدوية اللازمة. الوقت ينفد، والآباء يتطلعون إلى حكومة قادرة على تلبية احتياجاتهم.
والأمل لا يزال موجودًا، لكن يجب أن تتحرك الحكومة الآن قبل فوات الأوان. إنقاذ حياة الأطفال يجب أن يكون على رأس أولويات الدولة. ينبغي على الجميع أن يعملوا معًا لضمان مستقبل صحي لأطفالهم.