في خضم الأزمات المتزايدة تعاني مصر من حالة طوارئ حقيقية تتعلق بقضية المياه التي تمثل تحديا وجوديا للدولة فهذه القضية أصبحت محورية في السياسة المصرية وأثارت مخاوف عديدة في نفوس المواطنين وكبار المسؤولين.
خلال لقاءه مع وزيرة الخارجية الرومانية قدم الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية عرضا تفصيليا عن الموقف المائي لمصر وسلط الضوء على الأبعاد الاستراتيجية لهذه القضية الحيوية إذ تم شرح مدى أهمية المياه بالنسبة للأمن القومي المصري.
التحديات المائية التي تواجهها مصر نتيجة السياسات الإثيوبية في بناء سد النهضة تستدعي تحركات حاسمة وفورية من الحكومة المصرية حيث أعرب عبد العاطي عن استيائه من عدم جدوى المسارات التفاوضية التي جرت مع الجانب الإثيوبي على مدى ثلاثة عشر عاما دون أي تقدم يذكر.
هذا التعثر في المفاوضات ترك مصر في موقف حرج وأجبرها على اتخاذ قرارات أكثر جرأة إذ أكد عبد العاطي أن الحكومة المصرية لن تتردد في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للدفاع عن حقوقها المائية التي كفلها القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وفي سياق حديثه عن الأزمات الإنسانية أشار عبد العاطي إلى أن مصر تستضيف أكثر من تسعة ملايين لاجئ غالبيتهم فروا من ويلات الحروب والصراعات في بلادهم الأمر الذي يزيد من الأعباء على الموارد المائية والاقتصادية للبلاد.
خلال الجلسة الحوارية التي عُقدت في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، نبه عبد العاطي إلى الأبعاد الإنسانية للأزمة مؤكدا على ضرورة تقديم الدعم الدولي لمصر للتخفيف من حدة هذه التحديات.
العالم اليوم يواجه مجموعة من الأزمات المتشابكة التي لا تنفصل عن بعضها البعض فالأمن والسلم الدوليين في خطر يهدد استقرار الدول ويزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية في مختلف المناطق.
التحديات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن عدم الاستقرار في النظام الدولي تتطلب من جميع الدول التعاون سويا لمواجهة تلك الأزمات إذ لا يمكن لأي دولة أن تنجح بمفردها في مواجهة هذه العواصف الهائجة.
لذا فإن الدبلوماسية الفعالة تشكل أداة رئيسية للتصدي لتلك الأزمات حيث دعا عبد العاطي المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية من أجل إيجاد حلول فعالة ومستدامة للتحديات الحالية.
قمة المستقبل الأخيرة كانت بمثابة منصة حيوية لوضع أسس جديدة للتعاون الدولي وفتح أبواب الحوار بين الدول المختلفة للتأكيد على أهمية التضامن في مواجهة الأزمات العالمية.
إن الاستجابة لهذه التحديات لا تقتصر فقط على التعاون بين الدول بل تتطلب أيضا التزاما جادا من المجتمع الدولي بتوفير التمويل اللازم للتنمية وتحسين الأوضاع الإنسانية في مناطق النزاع.
في ختام كلمته شدد وزير الخارجية على ضرورة تكاتف الجهود لمواجهة الأزمات التي تواجه العالم اليوم مؤكدا أن العمل الدبلوماسي هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمات المركبة التي تهدد بقاء الدول والشعوب.
من الواضح أن مصر تواجه أوقاتا عصيبة تتطلب تضافر الجهود الداخلية والخارجية فهل ستنجح الحكومة المصرية في حماية حقوقها المائية أمام التحديات المتزايدة والضغوط الدولية.