الشارع المصري يعيش حالة من الذهول والاستغراب بعد انتشار تحذيرات على منصات التواصل الاجتماعي حول ما سُمّي بـ “طماطم عضة الثعبان”.
تلك الصور والتقارير التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، أثارت الكثير من التساؤلات والقلق بين المواطنين،
ليبدأ الجميع في التساؤل: هل هذه الطماطم سامة حقًا؟ وهل نحن أمام كارثة صحية قد تهدد حياة المصريين؟
مقطع صوتي غامض بدأ كل شيء عندما انتشر مقطع صوتي عبر تطبيق “واتساب” يحذر من تناول الطماطم التي تحتوي على ثقوب سوداء زاعمًا أن هذه الثقوب ناتجة عن عضة ثعبان.
وفي هذا المقطع تم تأكيد أن تناول تلك الطماطم يمكن أن يؤدي إلى الوفاة، وهو ما أثار الفزع والذعر بين كثير من المواطنين الذين اعتادوا شراء الطماطم من الأسواق يوميًا.
أكاذيب تتفشى في السوق سرعان ما امتدت هذه الشائعات إلى مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى حيث تزايدت التحذيرات والادعاءات حول خطورة تناول الطماطم المثقوبة.
وبالرغم من عدم وجود أي تأكيدات علمية على صحة هذه المعلومات، إلا أن الرعب الذي أحدثته كان كافيًا ليدفع البعض إلى مقاطعة شراء الطماطم تمامًا.
الحقيقة العلمية وراء الثقوب وهنا تدخل الخبراء الزراعيون لنفي هذه المزاعم جملة وتفصيلًا.
حسين عبد الرحمن أبو صدام، نقيب الفلاحين، أكد أن التحذيرات المتعلقة بطماطم عضة الثعبان لا تستند إلى أي أساس علمي.
ووضح أن الثقوب الموجودة على بعض ثمار الطماطم ليست سوى نتيجة لإصابة حشرية تعرف باسم سوسة الطماطم أو التوتا ابسليوتا.
التوتا ابسليوتا: العدو الحقيقي حشرة التوتا ابسليوتا هي حشرة صغيرة الحجم تهاجم الطماطم أثناء نموها وتحدث بها ثقوبًا نتيجة الحفر داخل الثمار.
وهذا النوع من الحشرات يُعتبر كارثيًا بالفعل على المزارعين حيث يُلحق ضررًا بالغًا بالمحصول ويؤدي إلى تراجع الإنتاج.
ولكن يجب أن نوضح أن هذه الحشرة ليست ضارة بالإنسان إذا تم معالجة الطماطم المصابة جيدًا.
الثعابين لا علاقة لها بالطماطم أكثر من جهة أكدت أن هذه الشائعات لا تستند إلى أي منطق علمي.
حيث أوضح خبراء معهد بحوث البساتين بوزارة الزراعة أن الثعابين، سواء السامة أو غير السامة، لا تتغذى على النباتات.
فهي كائنات لحمية تعتمد في غذائها على الحيوانات الصغيرة مثل الفئران والضفادع. وأضاف الخبراء أن العضات التي تقوم بها الثعابين تهدف إما لقتل ضحاياها أو للدفاع عن نفسها وليس لإصابة النباتات.
ما وراء الشائعة تتوجه الأنظار الآن إلى السبب الحقيقي وراء انتشار هذه الشائعة الخطيرة. العديد من الخبراء في مجال الاقتصاد الزراعي يشيرون إلى أن الهدف الأساسي من نشر هذا النوع من الشائعات قد يكون إلحاق الضرر بسمعة الصادرات المصرية من الطماطم.
فمصر تُعد من أكبر منتجي الطماطم في المنطقة حيث تنتج أكثر من 6 ملايين طن سنويًا، وقد يكون لهذه الشائعة أثر سلبي على سمعة المنتج المصري في الأسواق الدولية.
نصيحة الخبراء للمستهلكين الخبراء الزراعيون ينصحون المستهلكين بعدم الانجراف وراء الشائعات.
وبدلاً من ذلك، عليهم الاهتمام بغسل الخضروات جيدًا قبل تناولها، وإزالة أي أجزاء تالفة من الثمار.
كما ينصحون بتجنب شراء الطماطم التي تبدو في حالة غير طبيعية من حيث الحجم أو الشكل أو الرائحة.
وزارة الزراعة تكشف الحقيقة وزارة الزراعة بدورها نفت تمامًا الصور والمقاطع الصوتية المتداولة التي تحذر من تناول الطماطم المثقوبة.
وأوضحت أن الإصابة الظاهرة على الطماطم في الصور المتداولة ناتجة عن ديدان السلك أو القياس، وهي إصابة عادية يمكن علاجها.
كما أكدت الوزارة أن الطماطم المصابة ليست ضارة، بشرط قطع الجزء المثقوب كإجراء احترازي نفسي.
تحذير من شعبة الخضروات والفاكهة شعبة الخضروات والفاكهة بالغرفة التجارية في القاهرة كانت من بين الجهات التي خرجت سريعًا لنفي صحة الشائعة.
وصرحت الشعبة أن الهدف من ترويج هذه الأخبار الكاذبة هو إثارة بلبلة في السوق المحلي وإلحاق الضرر بالقطاع الزراعي المصري.
كما أكدت الشعبة أن الثقوب الموجودة في الطماطم ناتجة عن حشرة التوتا ابسليوتا وليست لها أي علاقة بالثعابين.
خطورة انتشار الشائعات قضية طماطم عضة الثعبان تكشف عن خطورة انتشار الشائعات في المجتمع وتأثيرها السلبي على مختلف القطاعات.
ففي حين أن الشائعة بدأت كمقطع صوتي غامض، إلا أنها تحولت إلى قضية رأي عام، وهو ما يعكس كيف يمكن للشائعات أن تتفشى وتؤثر على اقتصاد الدولة وحتى على الصحة العامة إذا لم يتم التصدي لها بسرعة وحزم.
الخبراء يحذرون من الفزع غير المبرر أبو صدام وغيره من الخبراء الزراعيين حذروا من الفزع غير المبرر الذي يمكن أن ينجم عن تصديق هذه الشائعات.
وأكدوا أن مصر، التي تنتج كميات ضخمة من الطماطم سنويًا، لم تسجل أي حالة وفاة أو مرض نتيجة تناول طماطم مثقوبة.
ما يمكن للمواطنين فعله لمواجهة الشائعات على المواطن العادي أن يكون أكثر وعيًا في التعامل مع الأخبار المتداولة على الإنترنت.
يجب عليه البحث عن المصادر الموثوقة والتأكد من صحة المعلومات قبل نشرها أو تصديقها. فالمشاركة في نشر الشائعات لا يزيد سوى من حالة الفوضى والذعر التي قد تؤثر سلبًا على المجتمع ككل.
موقف السلطات الحكومية السلطات المصرية لم تتأخر في مواجهة الشائعة، حيث قامت بتقديم تصريحات واضحة من خلال وزارة الزراعة ومعهد بحوث البساتين.
كما أن هناك دعوات من الجهات الحكومية لزيادة الوعي بين المواطنين حول كيفية التمييز بين الأخبار الحقيقية والمزيفة، خاصة في ظل انتشار التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت ساحة خصبة لنشر المعلومات المغلوطة.
المجتمع في حالة تأهب رغم الجهود التي تبذلها السلطات والخبراء لتهدئة الأوضاع، لا يزال بعض المواطنين يشعرون بالقلق حيال تناول الطماطم.
فقد تسببت الشائعة في نوع من الهلع الجماعي، وهو ما يستدعي تكثيف الجهود لنشر الوعي وتثقيف المواطنين حول كيفية التعامل مع مثل هذه الأزمات.
النتيجة النهائية الحقيقة الواضحة من كل هذا الجدل هو أن طماطم عضة الثعبان ليست سوى شائعة لا تستند إلى أي حقائق علمية.
الطماطم المثقوبة التي تم تداول صورها على مواقع التواصل الاجتماعي ليست سامة ولا تشكل أي خطر على الصحة العامة، بشرط التعامل معها بشكل صحيح وتنظيفها جيدًا قبل تناولها.