أشار عدد من المواطنين والناشطين السياسيين إلى أن الفضاء العام في مصر يشهد تضييقًا متزايدًا على الحريات، مما يؤدي إلى انسداد آفاق التعبير والمشاركة.
ورغم الوعود بالإصلاح والانفتاح، يبدو أن هناك قوى تحاول إحباط أي جهود جادة نحو تحقيق الديمقراطية. وفي هذا السياق موقع “أخبار الغد” يكشف عن واقع مؤلم يعيشه الكثيرون، حيث أصبح الحديث عن الفساد والمعاناة اليومية للمواطنين موضوعًا محظورًا.
الفساد: ظاهرة متجذرة
أكد الدكتور محمد سامي، أستاذ العلوم السياسية، أن الفساد أصبح أحد أكبر التحديات التي تواجه الدولة المصرية.
وقال: “نحن نعيش في بيئة تتسم بالتحكم القوي والرقابة على كافة مجالات الحياة. هذا التحكم يعيق أي مبادرة أو فكرة من شأنها تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.”
من جانبه، أضاف المواطن أحمد عبد الرحمن، 32 عامًا، موظف حكومي، أن الفساد يسيطر على الكثير من جوانب الحياة اليومية. وقال: “أحتاج إلى رشوة للحصول على أبسط حقوقي. كلما حاولت أن أتحدث عن مشكلتي، يتم قمع صوتي.”
حاجة الأحزاب للحركة
أوضح المحلل السياسي حسام سليم أن الحريات السياسية تعتبر من العناصر الأساسية لتحقيق التنمية. وقال: “يجب أن يُسمح للأحزاب السياسية بالتواصل مع الجماهير بحرية. الأحزاب تمثل صوت المواطنين، ومن المهم أن تتمكن من معرفة مشاكلهم والمشاركة في الحلول.”
وأشار الناشط الاجتماعي نجلاء محمد، 29 عامًا، إلى أن هناك حاجة ملحة لفتح المجال أمام الأحزاب لطرح أفكارهم ومشاريعهم.
وأضافت: “الحكومة تتجاهل مشاكلنا، ولا توجد قنوات حقيقية تتيح لنا التعبير عن احتياجاتنا. الأحزاب قادرة على توفير بدائل، ولكنها تحتاج إلى حرية الحركة.”
صوت الشباب المهمش
أشار عدد من الشباب إلى أنهم يشعرون بالتهميش وعدم قدرتهم على التعبير عن آرائهم. قال كريم علي، 24 عامًا، طالب جامعي: “الشباب هم المستقبل، ولكننا لا نملك الفرصة لإحداث أي تغيير. يجب أن نكون جزءًا من الحل، لكن كيف يمكننا ذلك في ظل هذه القيود؟”
تحدثت أيضًا ليلى حسني، 22 عامًا، ناشطة في حقوق الإنسان، عن أهمية وجود منصات للشباب للتعبير عن آرائهم: “لدينا أفكار رائعة، ولكننا بحاجة إلى المساحة لنناقشها. إقصاؤنا عن المشاركة يعني أن مستقبلنا ضائع.”
الرقابة والمراقبة
أوضح الناشط الحقوقي ياسر عادل أن الرقابة المفروضة على وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية تسهم في تعزيز ثقافة الخوف. وأضاف: “الكثيرون يتجنبون التحدث عن الفساد بسبب القلق من العواقب. علينا أن نكسر هذه الحلقة المفرغة.”
في السياق ذاته، قالت الصحفية هالة حسين: “الصحافة تواجه تحديات جسيمة. هناك ضغوط كبيرة تمنعنا من تغطية المواضيع الحساسة. نحن بحاجة إلى حرية التعبير لنكون صوت المواطنين.”
الرسالة إلى الحكومة
وجه عدد من المواطنين رسالة واضحة إلى الحكومة، تدعو إلى ضرورة فتح المجال السياسي وتخفيف القيود. أكد محمد كمال، 40 عامًا، صاحب محل تجاري، أن عدم وجود حوار فعلي مع المواطنين يزيد من تدهور الوضع: “نحتاج إلى إصلاح حقيقي، لا مجرد وعود. الحوار هو المفتاح.”
كما أضافت مروة أحمد، 35 عامًا، ربة منزل: “نحن نريد أن نكون جزءًا من القرار. علينا أن نتحرك كمجتمع لنطالب بحقوقنا، ولكن يجب أن نكون قادرين على التعبير عن أنفسنا بحرية.”
المشاركة المجتمعية: ضرورة ملحة
أكد العديد من المتخصصين أن المشاركة المجتمعية تعتبر أساسًا لتحقيق التنمية المستدامة. قالت الدكتورة فاطمة يوسف، خبيرة التنمية الاجتماعية: “يجب أن تُعطى المجتمعات المحلية القدرة على تحديد أولوياتها. هذا يتطلب بيئة سياسية مفتوحة تسمح بالتعبير والمشاركة.”
دعوة للتغيير: الأمل في الغد أفضل
إن الأزمة الحالية تمثل تحديًا كبيرًا، لكن هناك رغبة قوية من المواطنين والأحزاب السياسية في العمل نحو تغيير حقيقي. أظهر التحقيق أن الفساد والممارسات القمعية لا يمكن أن تستمر دون معارضة.
ومن الضروري أن تُعطى الأحزاب حرية الحركة والتواصل مع الجماهير لتعزيز المشاركة الفعالة في الحياة السياسية. إن مستقبل مصر يتطلب منا جميعًا أن نكون جزءًا من الحل، وأن نعمل معًا من أجل خلق بيئة أكثر عدالة وحرية.