مقالات وآراء

د. أيمن نور يكتب: قراءة تحليلية.. ماذا وراء زيارة السيسي لأسمرة؟!

العلاقات بين القاهرة أسمرة تتسم بأهمية استراتيجية على المستويات العسكرية والاقتصادية والسياسية، والاسخبراتيه -خاصة- في ظل التطورات الجيوسياسية المتسارعة في القرن الأفريقي.

وصول الرئيس المصري عبد_الفتاح السيسي إلى العاصمة الإريترية أسمرة اليوم-١٠ أكتوبر ٢٠٢٤ – لتوقيع اتفاقيات عسكرية واستخباراتية لتبادل المعلومات،يعكس تلك الأبعاد الهامة ويكشف عن رغبة في ترفيع مستوي العلاقات العسكرية علي غرار ما تم مؤخرا مع #الصومال ،في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة، خصوصًا بين مصر و إثيوبيا بشأن أزمة سد النهضة.

  • التعاون العسكري بين مصر وإريتريا يأتي كركيزة أساسية في إطار التحالفات الإقليمية. في القرن الأفريقي،

فموقع إريتريا الاستراتيجي على البحر الأحمر، يمنحها أهمية كبرى بالنسبة لمصر في تأمين خطوط الملاحة الدولية لقناة السويس ومواجهة التهديدات المحتملة في منطقة القرن الأفريقي، خاصة في ظل وجود قواعد عسكرية أجنبية مختلف واضطرابات مستمرة في السودان و إثيوبيا. هذا التعاون العسكري يعزز قدرة الدولتين على التنسيق لمواجهة هذه التحديات الإقليمية.

و مع استمرار التوترات بين مصر و إثيوبيا حول سد النهضة، يصبح التعاون العسكري مع إريتريا ذو أهمية قصوى، حيث تشترك إريتريا بحدود طويلة مع إثيوبيا، مما يفتح الباب أمام تنسيق استخباراتي ودفاعي بين القاهرة وأسمرة. و هذا التنسيق يمكن أن يكون حاسمًا إذا تصاعدت التوترات إلى مستوى عسكري بين مصر وإثيوبيا، ويعزز من موقف مصر الصعب والمعقد في الدفاع عن مصالحها المائية والأمنية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، ربما تسعى مصر لتعزيز استثماراتها في إريتريا التي تسعي لتوجيه الاستثمارات المصرية في مجالات محددة مثل البنية التحتية، التعدين، والطاقة، بجانب تطوير التعاون في قطاع النقل البحري. فالموقع الاستراتيجي لإريتريا يجعلها بوابة محتملة (للحرب والسلام) في المنطقة ومما لا شك فيه ان وجود مثل هذا الحلف (الهجومي/الدفاعي )بين القاهرة -أسمرة يعد في حال تصاعد الأزمة مع أديس_أبابا. آحد اهم السبل في الضغط على أديس.

فهذا التعاون يُعد جزءًا مهما من استراتيجية مصر لتوسيع تحالفاتها الإقليمية وتعزيز قدرتها على مواجهة (متأخره) للتحديات الأمنية والمائية التي يفرضها بناء سد النهضة.

أن تعزيز هذه العلاقات يمنح مصر فرصة لتوسيع نفوذها في منطقة القرن الأفريقي ودول شرق أفريقيا، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل ازدياد التنافس الدولي في هذه المنطقة الحيوية.

فمع ارتفاع وتيرة الاهتمام الدولي بمنطقة القرن الأفريقي كمنطقة استراتيجية للطاقة والتجارة العالمية، تبدو العلاقات بين القاهرة و أسمرة بمثابة حجر الزاوية في جهود مصر لتعزيز حضورها الإقليمي وتأمين مصالحها .

القاهرة تسعى من خلال هذه الزيارة لتأمين دورها الفاعل في البحر الأحمر ومواجهة التنافس الدولي المتزايد، خاصة مع القوى الكبرى مثل تركيا و الصين.

فعلى المستوى السياسي والدبلوماسي، تُعد العلاقات بين مصر وإريتريا انعكاسًا لتوافق واسع في الرؤى حول العديد من القضايا الإقليمية.

وتأتي زيارة الرئيس السيسي إلى أسمرة اليوم في توقيت حساس، حيث ترغب القاهرة في تعزيز تحالفاتها مع الدول المحيطة بإثيوبيا لدعم موقفها في ملف #سد_النهضة،

في ذات الوقت ، تسعى فيه إريتريا إلى تأمين علاقات وثيقة مع قوى إقليمية كبرى مثل مصر لضمان استقرارها الداخلي وتعزيز حضورها على الساحة الدولية.

و في ظل هذه التحولات التي يشهدها القرن الأفريقي، تأتي هذه الزيارة في إطار محاولات مصر لتعزيز تواجدها في هذه المنطقة ذات الأهمية الجيوسياسية. التنافس بين القوى الدولية والإقليمية، سواء تركيا، الإمارات، أو الصين، يجعل من تعزيز العلاقات المصرية الإريترية أمرًا استراتيجيًا في مواجهة هذا الزخم.

كما تسعى مصر لتأكيد دورها في هذه المنطقة لتأمين مصالحها القومية، سواء من ناحية تأمين الملاحة في البحر الأحمر أو مواجهة أي تهديدات قد تنجم عن تصاعد التوترات مع إثيوبيا.

و ختامًا،زيارة السيسي إلى أسمرة لا تستهدف فقط تعزيز العلاقات الثنائية، أو توقيع تللك الاتفاقيات الاستخباراتية والعسكرية علي غرار ما حدث مع الصومال بل تُرسل أيضًا رسائل واضحة إلى الفاعلين الإقليميين والدوليين بأن #مصر لها مصالحها الاستراتيجية في منطقة القرن الأفريقي، وأنها لن تدخر جهدًا في تعزيز تحالفاتها للتعامل مع أي تهديدات قد تؤثر على أمنها القومي ومصالحها

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى