تقاريرثقافة وفنون

قصر ثقافة قنا يغرق في الظلام بسبب أزمة ديون تصل لـ 8 ملايين جنية تهدد الهوية الثقافية

فصل التيار الكهربائي عن قصر ثقافة قنا ليس مجرد حادثة عابرة بل هو جرس إنذار يعكس عمق الأزمة التي تعصف بالثقافة في صعيد مصر

وتبرز الفجوة الكبيرة بين الالتزامات المالية والواقع الثقافي الذي يعاني من التهميش تارة ومن غياب الدعم تارة أخرى بعد تراكم المديونيات التي قاربت 8 ملايين جنيه وهذا ما لا يمكن تجاهله أو السكوت عنه

قامت شركة الكهرباء باتخاذ خطوة جريئة حيث قطعت التيار عن مبنى القصر بعد أن أرسلت تحذيرات عديدة للمسؤولين بضرورة سداد المديونيات المتراكمة التي تعود إلى عام 2019

وقد بلغت قيمتها 9 ملايين جنيه وهذه ليست مجرد أرقام بل تمثل الفشل في إدارة الموارد والالتزامات المالية وهو ما أدى إلى عدم توفير الخدمات الأساسية التي تحتاجها المؤسسات الثقافية مما يهدد مستقبلها

يبدو أن قصر ثقافة قنا قد وصل إلى نقطة اللاعودة حيث أن البيان الذي أصدره القصر يعكس محاولة يائسة لحل الأزمة ولكن هل ستكون هذه الوعود كافية لإنقاذ المؤسسة الثقافية من الغرق في الديون

إذا كانت الأزمة المالية متجذرة بهذا الشكل المروع من الصعب تصديق أن الحلول السريعة ستكون فعالة في ظل غياب الإرادة الفعلية لدعم الثقافة في المناطق النائية

وكشف مصدر مطلع أن القصر تفاجأ بقطع التيار يوم الاثنين الماضي وذلك دون أي تحذير مسبق وهذا يثير تساؤلات حول مدى المسؤولية

والإدارة الفعالة للأمور فكيف يمكن لمؤسسة ثقافية أن تصل إلى هذا المستوى من الفوضى المالية وبهذا الشكل المريع ومع استمرار الأوضاع كما هي سيبقى قصر ثقافة قنا مظلماً ومعزولاً عن نور الثقافة والفنون التي يجب أن تغمره

الإدارة المركزية لقصر الثقافة في الأقصر لم تتخذ حتى الآن خطوات جادة لمواجهة هذا التحدي حيث تعود مسؤولية سداد الفواتير إليها

وقد أظهرت المصادر أن هناك محاولات لتأمين المبالغ المالية اللازمة من وزارة المالية ولكن الوقت يمر والتأخير يعني تفاقم الأزمة وهو ما يهدد مستقبل الثقافة في المنطقة بشكل عام

هذا الأمر يتطلب وقفة جادة من كافة الجهات المعنية فالاستمرار في تجاهل مثل هذه الأزمات لن يؤثر فقط على قصر ثقافة قنا بل سيكون له تداعيات خطيرة على كافة المؤسسات الثقافية في صعيد مصر

فالمطلوب الآن هو خطة عمل واضحة تضمن توفير التمويل اللازم لإعادة تشغيل القصر وضمان عدم تكرار مثل هذه الأزمات في المستقبل

الأمر لا يقتصر فقط على الأرقام بل يشمل الأثر الاجتماعي والثقافي الذي يعاني منه سكان قنا الذين يعتمدون على هذه المؤسسة كمركز ثقافي ينشر الوعي ويقدم الفنون المختلفة

وإذا ما استمرت أزمة الكهرباء فإن هذا يعني حرمانهم من الإبداع والتعبير عن أنفسهم مما ينعكس سلباً على المجتمع بأسره

التحدي كبير ولكن الحلول موجودة إذا ما توافرت الإرادة السياسية والمالية الحقيقية لحماية الثقافة في مصر ينبغي أن يكون هناك استراتيجية متكاملة لتطوير

وإعادة هيكلة مؤسسات الثقافة بما يتناسب مع احتياجات المجتمع الثقافي في صعيد مصر بدلاً من الإبقاء على حالة الركود الحالية

قصر ثقافة قنا ليس مجرد مبنى بل هو رمز للثقافة والإبداع وهو يستحق أن يكون في طليعة الاهتمام والتمويل فالسماح لاستمرارية انقطاع الكهرباء يعني السقوط في هاوية الإهمال مما سيؤدي إلى فقدان الأمل لدى الكثيرين من المبدعين والمثقفين في المنطقة

من الضروري أن يتحرك جميع المعنيين من وزارات وهيئات حكومية ومجتمع مدني لإنقاذ قصر ثقافة قنا من هذه الأزمة الطاحنة قبل فوات الأوان

فالثقافة لا يجب أن تكون ضحية للديون بل ينبغي أن تكون أولوية وطنية تفرض نفسها في كل جدول أعمال وكل ميزانية

ختاماً إن أزمة قصر ثقافة قنا تكشف عن وجه مأساوي للأوضاع الثقافية في مصر وهي دعوة مفتوحة للجميع للعمل من أجل تحقيق الاستقرار المالي والثقافي في البلاد

فالفن والثقافة هما المرآة التي تعكس هوية الأمة ولا يمكن السماح لهما بالتعرض للاختناق تحت وطأة الديون والإهمال

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى