مصر

نهر الفساد يجرف شركة شرق الدلتا للكهرباء في ظلام المحسوبية

في خضم أحداث متسارعة تكشف أبعاد الفساد المستشري داخل شركة شرق الدلتا لإنتاج الكهرباء، تُعبر أصوات الموظفين عن حالة من الغضب والرفض العارم تجاه الانتهاكات التي تعصف بمقدرات الشركة وتسيء إلى سمعتها.

وتشهد أروقة الشركة مشاهد مروعة لعمليات استغلال مفرط وقرارات غير مدروسة تكلف الشركة أموالاً طائلة وتؤثر سلبًا على أداءها وعلاقاتها بالموردين.

تكشف تفاصيل العمليات الشرائية عن وجود عروض أسعار مضروبة تُعطى لموردين محددين، حيث يتم استبعاد الموردين الآخرين بشكل غير عادل، مما يثير التساؤلات حول مدى الشفافية والمصداقية في المناقصات.

ويشير الموظفون إلى أن هناك أخطاءً جسيمة في مواصفات العديد من المناقصات المطروحة، مما أدى إلى إلغاء كميات كبيرة من المواد المطلوبة، مما كبد الشركة خسائر فادحة.

في سابقة من نوعها، يتكرر شراء السيارات الحديثة للمرة الثالثة على التوالي، في انتهاك صارخ لقرار رئيس مجلس الوزراء، وهو ما يزيد من أعباء الشركة المالية ويزيد من حالة الاستياء بين الموظفين.

ويأتي ذلك في وقت تكبدت فيه الشركة غرامات تأخير غير موقعة على نوعية معينة من الموردين، مما يعكس معايير مزدوجة وتفضيل فئة معينة على أخرى، وهو ما يعتبر قمة الفساد في التعاملات التجارية.

تتوالى المفاجآت، حيث تُظهر المعلومات أن هناك تجاهلاً متعمداً لتجميع احتياجات الشركة، مما نتج عنه إصدار أوامر مباشرة بشكل كبير، وهو ما يعد مخالفة صريحة للوائح الداخلية للشركة.

ومن المثير للقلق أن أكثر من 99% من هذه الأوامر المباشرة تصدر لمورد واحد أو اثنين، بجميعها تحمل نفس العروض والأسعار، مما يوضح أن هناك تلاعباً واضحاً في العروض والمناقصات.

تشير الأرقام إلى أن هناك كميات هائلة من كشف البركة والنثريات تم إصدارها لفئة معينة قد تصل تكلفتها إلى مليارات الجنيهات خلال العام الحالي، مما يستدعي وقفة جادة من الجهات الرقابية لمحاسبة المتورطين.

بل الأدهى من ذلك، تتورط عناصر أمنية في تسهيل عمليات فساد لا يمكن السكوت عليها، حيث تم الكشف عن تسريب ملفات وأوراق حساسة من قطاعات المالية والمشتريات، وهو ما يزيد من عمق الأزمة ويكشف عن شبكة من الفساد تستوجب التحرك الفوري.

تتحدث التقارير عن عمولات وهدايا نقدية وعينية تُعطى لبعض المقاولين مقابل تنفيذ عمليات إنشائية مثل رصف الطرق وبناء الأسوار، وهي أمور لا تتعلق بمجال عمل الشركة، بل تُعتبر تجاوزًا صارخًا لكل القوانين واللوائح.

وكأن ذلك لا يكفي، هناك تقارير تفيد بأن بعض الأجهزة والمستلزمات يتم شراؤها باستخدام بطاقات الائتمان الخاصة برئيس مجلس الإدارة وأبنائه، مما يثير تساؤلات حول مصداقية هذه العمليات ومدى استفادة هؤلاء من الخصومات المقدمة في بعض المحلات الكبرى.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تشير المعلومات إلى أن شيكات تم إصدارها لموردين قبل صدور أوامر التوريد، مما يدل على عدم وجود أي رقابة أو مساءلة حول هذه العمليات المالية المشبوهة.

يبدو أن رئيس مجلس إدارة الشركة يعيش في حالة من التشتت والارتباك بعد قرارات وزارة الكهرباء الأخيرة بفتح ملفات تتعلق بشؤون الشركة، مما يزيد من حالة الفوضى ويعكس انعدام الثقة في قيادته.

الأصوات في الشركة تصرخ برفض الفساد الذي أصبح يتغلغل في كل زاوية، حيث يتزعم عدد من المقربين لرئيس مجلس الإدارة هذا الفساد بطريقة مثيرة للدهشة.

هؤلاء المقربون ليسوا إلا أدوات في يد من يقود دفة الأمور بشكل غير سليم، فهم يستغلون مناصبهم لتوجيه الصفقات لمصلحتهم الشخصية، مما يتطلب من الجهات المعنية اتخاذ خطوات حاسمة لمواجهة هذا الوضع الكارثي.

يتمتع هؤلاء المقربون بسلطات واسعة تتيح لهم اتخاذ قرارات تعسفية تضر بمصالح الشركة، في حين يُحرم الموظفون من حقوقهم الأساسية.

ومع تزايد هذه الأفعال، يشعر الكثيرون بعدم الأمان والخوف من فقدان وظائفهم، مما يجعلهم عرضة للضغوط المتزايدة من قبل من هم في مواقع القوة.

ليس من السهل تجاهل هذه الفوضى، فالشركة في قلب عاصفة من الفساد والإهمال، ولا بد من تدخل سريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

لذا يتوجب على الجهات المختصة أن تتحرك سريعًا وتفتح تحقيقات جادة لكشف كل أبعاد هذه القضية ومحاسبة المتورطين فيها.

إن الغضب العام تجاه هذه الممارسات الفاسدة يتطلب من الجميع الالتفاف حول هدف واحد، وهو استعادة حقوقهم وحماية مستقبلهم المهني والمالي.

إن الكشف عن هذه الممارسات يشعل نقاشات واسعة حول ضرورة إصلاح القطاع بأكمله وإعادة هيكلة الإدارة لضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث في المستقبل.

يتحتم على الجميع، من موظفين ومواطنين، التصدي لهذه الظاهرة التي تهدد الوطن بأسره. ولا بد من أن يعي الجميع خطورة الوضع وأن يكونوا جزءًا من الحل. لم يعد السكوت خيارًا، بل يتطلب الأمر العمل الجاد والتعاون من أجل إرساء قواعد الشفافية والنزاهة.

إن نهر الفساد الذي يجري في شركة شرق الدلتا لإنتاج الكهرباء ليس مجرد فضيحة، بل هو واقع مؤلم يعيشه الموظفون يوميًا.

ويجب أن نتكاتف جميعًا لكشف هذا الفساد ومواجهة هؤلاء الفاسدين الذين يستغلون مواقعهم لتحقيق مصالحهم الشخصية على حساب الشركة والموظفين.

هذه هي معركتنا جميعًا، ولا بد أن نكون مستعدين لخوضها حتى النهاية، من أجل مستقبل أفضل لشركة شرق الدلتا وللوطن بأسره.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى