تقاريرفلسطين

عامٌ على طوفان الأقصى: جرائم الاحتلال الإسرائيلي وحرب الإبادة الجماعية على غزة

يمر عامٌ على الكارثة التي اجتاحت قطاع غزة مع استمرار الهجمات الإسرائيلية المدمرة، حرب إبادة جماعية تُنفَّذ أمام مرأى العالم أجمع، وسط عجز دولي مخزٍ ومرير.

غزة، المدينة المحاصرة منذ سنوات، تحولت إلى مقبرة مفتوحة وشاهد على الجرائم البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي.

ما يحدث ليس مجرد عدوان، بل هو جريمة إبادة بكل معانيها، حيث تم استهداف البشر، الحجر، التاريخ، البنية التحتية وحتى الروح الإنسانية، ولم تسلم منها حتى الأحلام والمستقبل.

على مدار عام كامل من الهجمات المتواصلة، قُتل الآلاف وشُرِّدت الملايين، ولم يترك الاحتلال الإسرائيلي وسيلة للقتل والتدمير إلا واستخدمها.

الطائرات الحربية الإسرائيلية ألقت عشرات الآلاف من القنابل على مناطق مأهولة بالسكان، ما تسبب في تدمير شامل لقطاع غزة.

إن الأرقام التي توثق هذه الجريمة لا يمكن أن تروي حجم المعاناة الحقيقية على الأرض، لكنها تكشف النقاب عن واحدة من أبشع المذابح التي شهدها التاريخ الحديث.

الشهداء والجرحى والمفقودون

خلال هذا العام المأساوي، سقط 41,615 شهيدًا من بينهم 16,859 طفلًا و11,429 امرأة، وأعداد الشهداء في ازدياد مستمر. كل يوم يحمل في طياته قصصًا عن عائلات كاملة أُبيدت، ونساء وأطفال قتلوا في بيوتهم دون رحمة.

هناك 10,000 شخص مفقودون لا يزالون تحت الأنقاض أو جثامينهم ملقاة في الشوارع، مع استمرار القصف الذي يحول أي محاولة لإنقاذهم إلى مهمة مستحيلة.

الجرحى بلغ عددهم 96,210 شخصًا، 69% منهم من الأطفال والنساء. وفي مأساة تقشعر لها الأبدان، تم توثيق وفاة 36 طفلاً بسبب المجاعة، في مؤشر خطير على أن الاحتلال لا يستهدف فقط قتل الأحياء، بل يسعى إلى ترك الناجين يواجهون مصيرهم المميت بسبب نقص الغذاء والدواء.

إحدى الفصول الأكثر مأساوية تتمثل في وفاة 171 رضيعاً و710 أطفال بعمر أقل من عام، في تذكير مؤلم بأن الاحتلال لا يميز بين الأعمار ولا يترك لأطفال غزة أي فرصة للحياة. المأساة مستمرة، والمجتمع الدولي عاجزٌ عن فعل أي شيء يوقف هذا العنف المتوحش.

العائلات الفلسطينية بين النزوح والاعتقال

الوضع الإنساني في غزة وصل إلى مستويات غير مسبوقة من التدهور، مع نزوح أكثر من 2 مليون فلسطيني داخل القطاع.

قوات الاحتلال لم تكتفِ بتدمير المنازل فقط، بل استهدفت 183 مركزًا للإيواء، مما جعل النازحين بلا مأوى آمن. أكثر من 100,000 خيمة اهترأت ولم تعد تصلح للإيواء، ليواجه سكان غزة شتاءً قارسًا بلا حماية.

تعيش العائلات الفلسطينية تحت خطر دائم، حيث شهدت غزة 3,648 مجزرة بحق عائلات بأكملها. الأطفال هم الفئة الأكثر تضررًا، إذ يعيش 25,973 طفلًا دون والديهم أو فقدوا أحدهما نتيجة القصف والقتل العشوائي.

ولم يتوقف الاحتلال عند هذا الحد، بل اكتُشِفت 130 مقبرة جماعية تحوي مئات الجثامين، فيما تم انتشال 520 شهيدًا من 7 مقابر جماعية داخل المستشفيات.

الاعتقالات أيضاً تمثل جبهة أخرى من المعاناة، فقد تم اعتقال 4,000 عامل من غزة وتعذيبهم على مدار 24 يومًا في منشآت أمنية، بينما يقبع 5,000 فلسطيني آخرون في المعتقلات، من بينهم عشرات النساء والأطفال، يتعرضون لتعذيب وحشي يجعلهم في حالة من الموت البطيء.

البنية التحتية والمباني السكنية

على مستوى الدمار المادي، تعرضت 516,500 وحدة سكنية في غزة للتدمير الكلي أو الجزئي، منها 171,500 وحدة تم تسويتها بالأرض تمامًا.

ما يعادل 72% من المنازل في القطاع تأثرت بشكلٍ ما بالعدوان الإسرائيلي، لتصبح غزة مدينة الأنقاض التي لا يمكن إعادة بنائها بسهولة.

الطائرات الحربية ألقت ما يزيد عن 45,000 صاروخ وقنبلة، بما يزيد عن 85,000 طن متفجرات، وهو ما يعادل ستة أضعاف القنبلة النووية التي دمرت هيروشيما.

هذه المتفجرات تسببت في تراكم 40 مليون طن من الأنقاض في جميع أرجاء غزة، لتصبح إعادة الإعمار مهمة شبه مستحيلة في ظل الحصار القاسي.

القطاع الصحي تحت الحصار

في ظل هذه الظروف الكارثية، تحول القطاع الصحي إلى كابوس بحد ذاته. الطواقم الطبية أصبحت هدفًا مباشرًا للعدوان، حيث استشهد 886 من الكوادر الطبية، وأُصيب 717 آخرون بجروح خطيرة.

كما تم اعتقال 310 من الطواقم الطبية، ويتعرضون للتعذيب والحرمان من الطعام في المعتقلات. ما يزيد الأمر مأساوية هو استهداف 162 مؤسسة صحية، ما أدى إلى تدمير 34 مشفى بالكامل وخروجها عن الخدمة، إضافة إلى 80 مركزًا صحيًا و115 عيادة.

المستشفيات تعاني من عجز هائل، حيث إن 12,000 جريح بحاجة ماسة للسفر لتلقي العلاج، في حين يواجه 3,500 طفل خطر الموت نتيجة سوء التغذية ونقص الغذاء.

هناك ما يقارب 1,737,524 إصابة بالأمراض المعدية بين النازحين، و71,338 حالة عدوى التهاب الكبد الوبائي الفيروسي بسبب تدهور الظروف الصحية وانعدام الرعاية.

الأوضاع التعليمية بين الدمار والتشريد

لم تكن المؤسسات التعليمية بمنأى عن هذا الدمار، حيث استشهد 11,500 طالب و14,089 جريحًا من مختلف المراحل التعليمية.

وبلغ عدد الشهداء بين الكادر التعليمي 750 شخصًا، وأُصيب 3,402 بجروح، ما يهدد مستقبل التعليم في غزة بشكل قاتم.

الجامعات والمدارس تعاني من دمار شامل، فقد تعرضت 461 مدرسة وجامعة للقصف، من بينها 123 تدمرت بشكل كامل، كما أن 90% من الأبنية المدرسية الحكومية تعرضت للاستهداف المباشر أو غير المباشر.

هذا الاستهداف المنهجي للبنية التعليمية أدى إلى حرمان 625,000 طالب من العودة إلى مدارسهم، و88,000 طالب من مواصلة تعليمهم الجامعي.

إضافة إلى ذلك، هناك 133 مدرسة حكومية تُستخدم الآن كمراكز للإيواء، مما يزيد من تعقيد الأزمة التعليمية ويضع مستقبل جيل كامل في خطر.

القطاع الصحفي بين الاستهداف والصمت الدولي

استهداف الاحتلال لم يكن مقتصرًا على المدنيين والبنية التحتية فقط، بل امتد ليشمل الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، في محاولة لإسكات الحقيقة.

استشهد 174 صحفيًا وإعلاميًا فلسطينيًا، من بينهم 12 صحفية، وأصيب 80 آخرون بجروح. وتم اعتقال 36 صحفيًا ممن عُرفت أسماؤهم، في حين تعرضت 182 مؤسسة إعلامية ومقار صحفية للاستهداف، وتم إغلاق 25 إذاعة محلية.

المقدسات الدينية والأثرية في مهب الريح

حتى المقدسات الدينية والتراثية لم تسلم من بطش الاحتلال، فقد تعرض 825 مسجدًا للقصف والتدمير، من بينهم 611 مسجدًا تم تدميرهم بشكل كامل، كما استهدفت 3 كنائس وتضررت بشكل بليغ.

المواقع الأثرية والتراثية كانت أيضًا على قائمة الأهداف، حيث تم تدمير 206 مواقع أثرية وتراثية، في محاولة لطمس الهوية التاريخية والثقافية للشعب الفلسطيني.

المرافق والخدمات العامة في حالة انهيار

مع تدمير القطاع الحكومي والصناعي، دخلت غزة في حالة من الانهيار الكامل، حيث استشهد 85 من كوادر الدفاع المدني، وأُصيب 250 آخرون، وتم تدمير 80% من آليات ومعدات الإنقاذ الخاصة بهم.

كما أن 152 موظفًا من وكالة الأونروا استشهدوا، وتم استهداف 170 من مباني وأصول الوكالة في قطاع غزة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى