تقارير

مصر على حافة الانهيار: إنجازات وهمية في زمن الأزمات القاسية

صرخات التحذير تتعالى من قمة السلطة في مصر حيث يؤكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء أن نسبة المعمور في البلاد تخطت بالفعل 12%

وهذا يعد إنجازا غير مسبوق في زمن يشهد فيه الوطن أزمة اقتصادية خانقة تثير القلق والجدل وفي الوقت الذي يتحدث فيه مدبولي عن آمال في الوصول إلى 15% بل وربما 20% من المعمور فإن واقع الأمر يبدو أكثر تعقيدا وأقل إشراقا

ففي ظل الظروف السياسية العالمية المضطربة لا يزال الوضع في مصر يمثل معضلة حقيقية فالكلمات التي أطلقها مدبولي حول تأثير تلك الظروف ليست مجرد تساؤلات

بل هي وقائع ملموسة تتجلى في خسائر فادحة تصل إلى 550 مليون دولار شهريا في دخل قناة السويس وهذا الدخل الذي كان يشكل العمود الفقري للميزانية ويعزز القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية للدولة

هذا الوضع المتأزم يكشف النقاب عن أزمة عميقة تعاني منها الدولة حيث فقدت مصر أكثر من 6 مليارات دولار من عوائد قناة السويس بسبب الصراعات المستمرة في المنطقة

وهذه الصراعات لم تؤثر فقط على الإيرادات بل أدت أيضا إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع والخدمات متسببة في تضخم غير مسبوق جعل الحياة اليومية للمواطنين جحيما

وعندما يتحدث مدبولي عن ضرورة بناء الطرق والكباري كمشروعات استراتيجية فإنما هو يعبر عن إدراكه لعمق المشكلة القائمة فالتأخير الذي دام 40 عاما لا يمكن أن يتغاضى عنه

ويجب أن نكون واعين أن تحقيق هذه المشاريع في سنوات قليلة لا يغير من حقيقة التحديات التي تواجهها البلاد فالنجاحات التي تلوح في الأفق لا تعكس الواقع المعيش الذي يعيشه المواطنون الذين يرون أسعار المواد الأساسية ترتفع بشكل مستمر مما يزيد من حدة الفقر والحرمان

وفي الوقت الذي يشير فيه مدبولي إلى إنجازات الحكومة فإن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هو هل تلك الإنجازات كافية لتجاوز الأزمات الحادة التي تعصف بالبلاد ويبدو أن الإجابة تحتاج إلى تقييم دقيق للسياسات الحكومية ومدى قدرتها على مواجهة التحديات الراهنة

الواقع أن الساسة في مصر يواجهون معركة ليست سهلة في ظل الظروف العالمية المتغيرة والاضطرابات الداخلية فالاستقرار الاقتصادي يتطلب جهودا ضخمة وإصلاحات جذرية بعيدا عن المسكنات التي لن تفيد في مواجهة الأزمات المتعاقبة

ومع تضخم الأسعار والضغوط الاقتصادية المتزايدة يبقى المواطن المصري هو الضحية الأولى حيث تتجلى الآثار السلبية للأزمات العالمية على حياته اليومية مما يزيد من حالة الاستياء والقلق لدى الجماهير

من المهم أن تتضافر الجهود لتجاوز هذا الوضع المتأزم وأن يتم تنفيذ سياسات فعالة تعيد بناء الثقة بين الحكومة والشعب

فالحكومة بحاجة إلى استراتيجيات واضحة تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد المحلي بدلاً من الاعتماد على مصادر دخل غير مستقرة كقناة السويس

إن تحقيق نسبة معمار أعلى ليس مجرد هدف يلوح في الأفق بل هو ضرورة ملحة تحتاج إلى تخطيط ورؤية شاملة تتجاوز الأزمات الحالية وتضع المواطن في قلب الاهتمام من خلال تحسين ظروف حياته ومعيشته

المسؤولية تقع على عاتق الحكومة لإيجاد حلول حقيقية لتلك التحديات الجسيمة فهل ستتجاوز مصر هذه المحنة أم ستظل أسيرة للأزمات المتلاحقة التي تهدد مستقبلها وتحول آمالها إلى سراب

وهل ستستطيع الحكومة وضع استراتيجيات فعالة تعيد الأمل للمواطن المصري الذي يعاني يومياً من وطأة الأسعار المتزايدة وظروف الحياة القاسية

يبدو أن التحديات جسيمة والآمال عظيمة ولكن الطريق إلى التغيير يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية وإصلاحات جذرية تقود البلاد نحو مستقبل أفضل إن عدم معالجة هذه القضايا بجدية قد يؤدي إلى عواقب وخيمة تهدد استقرار الوطن وتجعل من حديث الإنجازات مجرد أوهام لا تنطلي على أحد

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى