تقارير

كارثة إنسانية في قلب لبنان: نازحون بلا مأوى وسط العواصف

تتعرض لبنان لواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث، حيث يعاني آلاف النازحين من الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت من مأساة تلوح في الأفق.

ومع تصاعد الغارات الإسرائيلية، اتجهت أعداد كبيرة من السكان إلى الشوارع والحدائق والساحات العامة، هربًا من العنف المتزايد الذي يعصف ببيوتهم.

والعديد منهم يُجبر على الافترش في العراء، يتقاسمون معاناتهم مع الطبيعة القاسية دون أي مأوى يقيهم برد الشتاء أو يصد عنهم هطول المطر الذي هطل عليهم وهم نيام.

في مشهد مأساوي يعكس واقعهم المؤلم، وجد هؤلاء النازحون أنفسهم بلا أي غطاء يحميهم، بل وتركوا خلفهم كل ممتلكاتهم.

حيث هربوا بأطفالهم من جحيم القصف، لكنهم واجهوا معاناة جديدة في الشوارع، مكشوفين أمام عوامل الطقس.

بينما لجأ البعض منهم إلى المدارس ومراكز الإيواء، إلا أنهم سرعان ما أصيبوا بخيبة أمل جديدة بسبب فوضى إدارة الأزمة من قبل السلطات اللبنانية.

الأوضاع تتفاقم، والأرقام تشير إلى مأساة غير مسبوقة. فقد بلغ عدد النازحين منذ بداية الأحداث في الثامن من أكتوبر، نحو مليون شخص، حسب ما أكدته الحكومة اللبنانية.

وهذه الأعداد المرعبة تتزايد يومًا بعد يوم، إذ شهدت المناطق الجنوبية عمليات قصف متواصل، ما أسفر عن مقتل أكثر من 700 شخص خلال الأيام الماضية.

ومع استمرار القصف، يتوجه مئات الآلاف نحو الحدود السورية، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 100 ألف شخص قد عبروا بالفعل إلى الأراضي السورية هربًا من الغارات.

لقد حذر مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين من تداعيات هذه الأوضاع، مشيرًا إلى أن التدفق نحو سوريا لا يزال مستمرًا.

كتب على منصات التواصل الاجتماعي، موضحًا أن “الأعداد المتزايدة من الأشخاص الذين يعبرون الحدود هربًا من القصف الإسرائيلي تتطلب استجابة عاجلة من المجتمع الدولي”.

يأتي كل ذلك في وقت يعيش فيه لبنان أزمة اقتصادية خانقة منذ عام 2019، حيث انهارت قيمة العملة المحلية بشكل غير مسبوق، وحُرمت المصارف اللبنانيين من سحب مدخراتهم.

والوضع الاقتصادي المتدهور يضاعف من معاناة المواطنين، ويزيد من الضغط على السلطات التي تعاني أصلاً من عدم القدرة على استيعاب هذا الكم الهائل من النازحين.

التجارب المروعة التي يعيشها النازحون من الجنوب تعكس حالة من اليأس وفقدان الأمل. هؤلاء الأشخاص الذين اضطروا لمغادرة منازلهم، يتساءلون عن مصيرهم ومصير أطفالهم، بينما تتزايد الضغوط على المؤسسات الإنسانية التي تُعاني هي الأخرى من نقص في الموارد.

والسلطات المحلية لا تزال عاجزة عن تقديم الدعم الفوري والمناسب لمئات الآلاف من النازحين الذين باتوا يواجهون خطر الانزلاق إلى مجاعات وأوبئة.

إن مشهد النازحين الذين يعانون من العوز في ظل هذه الأوضاع المأساوية يتطلب استجابة فورية وشجاعة من الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي.

وفي الوقت الذي تسارع فيه الأحداث على الأرض، تبدو الحلول بعيدة المنال. من الضروري تكثيف الجهود لتقديم المساعدات اللازمة وتوفير المأوى للنازحين، أو على الأقل منحهم الأمل في غدٍ أفضل.

مع استمرار العنف وتدهور الأوضاع، تصبح هذه الكارثة الإنسانية أكثر وضوحًا، إذ تُظهر معاناة النازحين التي لا تُحتمل، بينما تزداد حالة الاستنفار في صفوف المجتمع الدولي لمواجهة هذه التحديات. وإن المستقبل القريب يبدو قاتمًا، ويحتاج الجميع إلى التحرك بسرعة، لأن الوقت ينفد والأرواح تذهب سدى.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى