تقارير

التنقيب العشوائي عن الآثار في الوادي الجديد: عصابات الفساد تستغل الكنوز المدفونة

في قلب صحراء الوادي الجديد، ترقد كنوز تاريخية وآثار مدفونة تشهد على عظمة حضارات سابقة.

ولكن بدلاً من الحفاظ على هذا التراث الثقافي، يعيش الوادي الجديد تحت وطأة عصابات التنقيب العشوائي التي تتغلغل في هذا القطاع، مستغلة الفساد الحكومي وغض الطرف عن الانتهاكات.

وفي هذا السياق موقع “أخبار الغد“، يكشف النقاب عن هذه الظاهرة المثيرة، ويستعرض آراء المواطنين والمختصين الذين يعبرون عن مخاوفهم وحنقهم على الفساد الذي يُهدد التراث الثقافي للبلاد.

واقع مرير تحت الأرض

تتجلى ظاهرة التنقيب العشوائي عن الآثار في الجغرافيا القاحلة للوادي الجديد، حيث تسود الفوضى من خلال استغلال الحفريات غير القانونية.

ويقول محمود صلاح، مزارع، “لقد شهدنا غرباء يتجولون في منطقتنا، يحملون معدات للحفر. الناس هنا يبحثون عن المال، ولكنهم لا يدركون أننا سنفقد إرثًا تاريخيًا بسبب هذه الأعمال”.

عصابات محلية ودولية

تشكل عصابات الفساد جزءًا من هذا المشهد المرعب، حيث تدخل الحيوانات المفترسة (أي العصابات المحلية والدولية) لتستغل الفوضى وتحصل على الكنوز المدفونة.

دكتور سامي الجوهري، عالم آثار، يستشهد بنتائج بحثه: “هناك معلومات موثوقة تؤكد أن بعض العصابات تتعاون مع أصحاب المصالح المحلية، مما يسهل عليهم القيام بعمليات التنقيب وتجارة الآثار في الظلام”.

غض الطرف الحكومي

الكثير من المواطنين يتساءلون: أين الحكومة؟ ولماذا لا يتم اتخاذ إجراءات حاسمة؟ أضحى الإهمال سمة ظاهرة، إذ تحدثت سحر العبد، ناشطة في مجال التراث الثقافي، بمرارة: “الحكومة تُظهر إهمالًا واضحًا.

لا توجد رقابة تذكر على التنقيب العشوائي، حيث يبدو أن الفساد ينخر في المؤسسات المسؤولة عن حماية آثار الوطن”.

أساليب التنقيب وانعكاسها على المواقع الأثرية

تعتمد عصابات التنقيب العشوائي على أساليب بدائية وأحيانًا مُخلة بالبيئة. فتقول ناشطة حقوقية آمنة فوزي، التي وثقت هذه الظاهرة: “نشهد حفرًا عميقًا بشكل عشوائي، مما يؤدي إلى تدمير المواقع الأثرية بشكل لا يمكن إصلاحه. الهياكل المتبقية من الحضارات متعددة تموت تحت أنقاض الحفر غير القانونية”.

الجدل القانوني حول عملية التنقيب

القوانين التي يُفترض بها حماية الآثار ليست فعالة. يحاول العديد من المتخصصين في مجال القوانين مثل المحامي أحمد فتحي، إيجاد طرق لتعزيز القوانين المتعلقة بالتنقيب.

يقول أحمد: “يجب سن تشريعات جديدة تعاقب بشدة على أعمال التنقيب غير القانونية، مع ضرورة دعم قوى الأمن لتطبيق هذه القوانين”.

ثمن الفساد: فقدان الهوية الثقافية

من خلال استغلال هذه الكنوز، يدفع المجتمع ثمنًا باهظًا. فالفقدان المستمر للآثار يشكل تهديداً لثقافتنا وهويتنا الوطنية.

تُعبر سمر أيمن، خريجة قسم الآثار، عن قلقها قائلة: “إذا كانت الفوضى ستستمر، فسنجد أنفسنا بلا تاريخ. لماذا لا يتم التنقيب بصورة علمية تحافظ على تراثنا بدلاً من السرقة؟”.

قصص مأساوية لمواطنين

بل وازدادت الأمور سوءاً في قرى الوادي الجديد، حيث أصبح المواطنون المستفيدين من عمليات التنقيب غير القانونية.

ويقول عادل عبد الرازق، أحد سكان المنطقة، “إذا لم أشارك في التنقيب، سأفقد أسرتي، إذ لا عمل هنا سوى ذلك.

لكنني أعيش في شعور دائم بالخوف، أن يتم القبض علي، أو أن تُدمر الآثار التي أراها يوميًا”.

الفوز بالمال على حساب الوطن

تحولت خيوط الفساد إلى شبكة معقدة تجمع بين المصلحة الخاصة والوطنية. وقد أشار المهندس محمد زكريا، الذي عُرف بموقفه المناهض لعمليات التنقيب العشوائي،

وفي محاضرة مُخصصة لحماية التراث: “توجهات الحكومة يجب أن تعكس أهمية حماية هذه الهوية الثقافية”.

المؤسسات المدنية والتحرك المطلوب

بدأت بعض منظمات المجتمع المدني في التحرك لمواجهة هذه الظاهرة. يتعلق الأمر بإطلاق حملات توعية ونشر الوعي حول مخاطر التنقيب العشوائي.

وتقول رانيا الحجار، إحدى الناشرات: “نحن نعمل على زيادة وعي المواطنين حول الأهمية التاريخية للآثار ونبذ هذه الأنشطة غير القانونية”.

توجهات الحكومة المستقبلي

يبدو أن الحكومة قد بدأت في أخذ هذا الأمر بجدية مع تطور النقاش حول حماية الآثار. وأشار أحد المسؤولين في الهيئة العامة للآثار، منذر العشري، إلى استعدادهم لمضاعفة الجهود:

“نحن ملتزمون بصون التراث، وسنُطلق مشروعًا خاصًا لمحاربة التنقيب العشوائي وتعزيز القوانين المتعلقة بالآثار”.

الأملاك الأثرية: كيف نحمي مستقبلنا؟

من هنا، يجب أن تكون هناك خطوات مواطنية جادة لحماية آثار البلاد والمساهمة في تعزيز الأمن الثقافي.

ويدعو دكتور طارق الأشقر، عالم آثار، إلى “إنشاء لجان علمية تعمل على تقييم الوضع الأثري في الوادي الجديد، بحيث تُقدم الحلول القانونية والعلمية للحفاظ على التراث”.

الرأي العام: قلق المجتمع القوة المجتمعية

جاء صوت المواطنين ليؤكد على ضرورة التحرك العاجل. هناك شعور عام متزايد بالحاجة إلى الاستجابة لهذه القضايا.

وتقول نبيلة كمال، ربة منزل من الوادي الجديد: “لقد ضاعت هويتنا في متاهة الفساد. نريد رؤية قوانين تُطبق، ونريد حماية تراثنا حتى لا تسرق منا”.

التراث الثقافي في خطر: تحديات التنقيب العشوائي والفساد

وتبقى المسألة حول التنقيب العشوائي عن الآثار من المسائل الحاسمة التي تحتاج لجهود جماعية عاجلة.

والفساد في هذا السياق يخلق رابطة شائكة تؤدي إلى تهديد التراث الثقافي الذي يعتبر سبب وجودنا.

إن الخطوات الأمامية تتطلب إصرارًا جماعيًا، وفهمًا عميقًا لحماية الهياكل التاريخية، ككنزٍ يجب أن يبقى للجيال القادمة.

وهل يمكن للمجتمع أن يتوحد لمواجهة هذه التحديات وإحباط خطط الفساد؟ هذا ما ستظهره الأيام المقبلة، إلا أن الأمل في إعادة بناء الرؤية الثقافية والتاريخية لهذه المنطقة لا يزال قائمًا.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى