أحزاب

العودة إلى زمن القمع السياسي .. حزب الدستور يطعن على قرار لجنة الأحزاب الجائر

في خطوة جديدة نحو تصاعد الخلافات السياسية، أعلن حزب الدستور، برئاسة جميلة إسماعيل، أنه تقدّم بطعن أمام محكمة القضاء الإداري على القرار الصادر عن لجنة الأحزاب السياسية، والذي اعتبرته القيادة السياسية للحزب “باطلاً” و”مخالفاً للدستور”.

وهذا الطعن، الذي يحمل الرقم 98911 لسنة 78 قضائية، جاء كرد فعل حاسم على قرار اللجنة بتاريخ 24 أكتوبر 2022، والذي نص على تجميد عدد من الإخطارات المقدمة من الحزب وإعلان خلو منصب رئيس الحزب حتى انعقاد مؤتمر عام للحزب.

وفقًا لما أعلنه الحزب، فإن هذا القرار يأتي نتيجة استخدام لجنة الأحزاب لسلطات ليست من صلاحياتها، في محاولة واضحة لإلغاء قرار الجمعية العمومية لحزب الدستور الذي انعقد في 22 يوليو 2022، وهو القرار الذي أقرّته اللجنة نفسها في وقت لاحق بتاريخ 24 أكتوبر من العام نفسه.

وبذلك، يعتقد الحزب أن اللجنة تتجاهل الحقوق التي أقرها القانون والدستور للحزب وأعضائه، مما دفعهم إلى اللجوء للقضاء.

استدعاء كيان ملغى: تحايل على الحقائق القانونية

واحدة من أبرز النقاط التي أثارها حزب الدستور في طعنه هي أن لجنة الأحزاب تستدعي في قرارها الأخير كيانًا يُسمى “المؤتمر العام”، وهو كيان لم يعد موجودًا رسميًا في الحزب منذ 2018.

فوفقًا للائحة التأسيسية الجديدة، التي أقرها الحزب واعتمدتها لجنة الأحزاب في 2 نوفمبر 2018، لم يعد لهذا الكيان أي وجود أو شرعية.

وهو ما جعل الحزب يعتبر القرار بمثابة تحايل واضح على الحقائق القانونية وإصرار على العودة إلى اللوائح القديمة التي تم إلغاؤها واستبدالها منذ سنوات.

في يوليو 2022، انعقدت الجمعية العمومية للحزب، والتي أقرت انتخاب جميلة إسماعيل كرئيسة للحزب بعد فوزها هي وقائمتها بشكل شرعي ومنظم، إلى جانب تعيين أمين عام للحزب وأمين للصندوق.

وقد تم اعتماد هذه النتائج بشكل رسمي في 1 أغسطس 2022، من قبل لجنة الأحزاب، وهو ما يجعل محاولة إعادة إحياء “المؤتمر العام” ملغى من أساسه.

قرارات تجاهلتها اللجنة: بين الحقوق القانونية والتجاهل المتعمد

بالإضافة إلى قرار إعلان خلو منصب الرئيس، قامت لجنة الأحزاب بتجاهل عدة طلبات أخرى قدمتها جميلة إسماعيل بصفتها رئيسة للحزب.

وشملت هذه الطلبات فتح حساب بنكي جديد للحزب، وهو ما يعتبر خطوة ضرورية لسداد الاشتراكات وتنظيم الأمور المالية، بالإضافة إلى طلب ترخيص الموقع الإلكتروني للحزب، الذي يعتبر المنبر الإعلامي الأساسي للحزب.

كما تضمن الطلب قرارات الجمعية العمومية بتعيين أمين للحزب في محافظة البحيرة وأمين للإعلام، إلى جانب عدم مشاركة الحزب في الانتخابات الرئاسية واعتماد مقار فرعية للحزب في مختلف المحافظات.

وقد أشار الحزب إلى أن قرارات الجمعية العمومية هي أعلى سلطة في الحزب، ولا يحق للجنة الأحزاب التدخل في هذه القرارات بأي شكل من الأشكال.

واعتبرت قيادة الحزب أن قرار اللجنة بحفظ هذه الطلبات هو تدخل سافر في شؤون الحزب وإرادة أعضائه، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا للدستور والقانون.

خرق دستوري وقانوني: الحزب يتحدى القرار

استند حزب الدستور في طعنه إلى أن لجنة الأحزاب تجاوزت صلاحياتها القانونية والدستورية، مشيرًا إلى أن القرار الأخير يعد انتهاكًا واضحًا لأحكام دستور 2014.

وأكد الحزب أن اللجنة ليس لها الحق في قبول أو رفض قرارات الجمعية العمومية للحزب، حيث أن هذه القرارات تمثل إرادة الأعضاء وتعبر عن السلطة العليا للحزب.

وقد استند الحزب أيضًا إلى لائحة الحزب الجديدة التي أُقرت في 2018، والتي تم إخطار اللجنة بها واعتمادها رسميًا. وأكدت قيادة الحزب أن المستشار الريدي عدلي، أمين لجنة الأحزاب السابق، قد ناقش جميع تفاصيل اللائحة مع جميلة إسماعيل على مدار عدة أشهر قبل اعتماد قرار تعيينها رئيسة للحزب.

وبالتالي، فإن أي محاولة لإلغاء هذه اللائحة أو تعديلها دون الرجوع إلى الجمعية العمومية تعتبر باطلة ولا تستند إلى أي أساس قانوني.

التحدي أمام القضاء: استعادة الحقوق السياسية

في خطوة تعبر عن تصعيد سياسي وقانوني، أعلن حزب الدستور أنه سيواصل استخدام كافة الوسائل القانونية والسياسية للتصدي لهذا القرار الجائر.

وأكد الحزب أن هذا القرار يعد سابقة خطيرة تهدد ليس فقط حقوق حزب الدستور، بل حقوق كافة الأحزاب السياسية في مصر.

ويرى الحزب أن هذا القرار يمثل محاولة لإعادة البلاد إلى ممارسات سياسية كانت سائدة قبل ثورة 25 يناير، حيث كانت لجنة الأحزاب تمارس تدخلات صارخة في الحياة السياسية بحجة “التنظيم”.

وأشار البيان الرسمي للحزب إلى أن لجنة الأحزاب تحاول استغلال سلطاتها بشكل غير قانوني من أجل السيطرة على الأمور الداخلية للأحزاب السياسية، وهو ما يهدد حقوق الأحزاب التي اكتسبتها بعد ثورة 25 يناير.

وأكد الحزب أن هذا القرار يشكل انتكاسة للحقوق الدستورية التي حصلت عليها الأحزاب وفقًا لدستور 2014، والذي نص على أن إنشاء الأحزاب وتنظيم شؤونها الداخلية يتم بالإخطار فقط، وليس بموافقة الإدارة.

الرسالة الأخيرة: “لن نستسلم”

في ختام بيانه، شدد حزب الدستور على أن الحزب لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه المحاولة لسلب حقوقه الدستورية.

وأكدت قيادة الحزب أنها ستستمر في النضال من أجل استعادة كافة الحقوق التي يضمنها الدستور والقانون، وأنها ستتصدى لكافة المحاولات الرامية إلى إضعاف دور الأحزاب السياسية في مصر.

يعتبر هذا الطعن، الذي يُعد اختبارًا حقيقيًا للقضاء المصري، خطوة حاسمة في معركة حزب الدستور لاستعادة شرعيته وحماية مكتسباته السياسية.

حزب الدستور يتحدى التدخلات: معركة شرسة لحماية الديمقراطية في مصر

يعبّر الدكتور سامي سلام، أستاذ علوم سياسية عن أن حزب الدستور يبدو مصمماً على التصدي لهذا التدخل باستخدام كافة الوسائل القانونية والسياسية المتاحة. ويشدد على أن المحاولات الرامية إلى تقويض استقلال الحزب وحقوقه كمكون سياسي شرعي لن تمر دون مواجهة.

وإن تكرار مثل هذه السياسات يعد تهديداً غير مقبول للحقوق السياسية، ويجب أن يكون هناك وقفة جادة للحفاظ على ما تم تحقيقه من مكاسب دستورية.

ويدعو المحلل السياسي حسن عبدالرحمن كافة الأطراف السياسية إلى الوقوف ضد هذه الممارسات، التي قد تؤثر سلباً على المشهد السياسي المصري برمته.

فالحرية السياسية لا يمكن أن تُعطى أو تُسحب من قبل جهة واحدة، بل يجب أن تكون نتيجة إرادة جماعية تعكس تطلعات المواطنين وأحزابهم.

وإن هذه المعركة ليست مجرد صراع على رئاسة حزب أو قرار إداري، بل هي تجسيد لصراع أعمق يتعلق بهوية الحياة السياسية في مصر.

وتحدث الدكتور عادل سالم، خبير في الشؤون القانونية بأنه يتوجب على كل مكونات المجتمع السياسي الالتفاف حول قيم الديمقراطية والشفافية، والعمل على ضمان عدم تكرار انتهاكات الماضي.

وإن الأحداث القادمة ستحدد مصير الأحزاب السياسية في مصر، ولذا فإن الحزب يدعو الجميع إلى الاستعداد للدفاع عن مكتسباتهم الديمقراطية والحقوق السياسية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى