مصر

مصانع الطوب في بني سويف: كيف تدمر البيئة لصالح حفنة من المستثمرين

تُعد مدينة بني سويف وجهة أساسية لصناعة الطوب في مصر، حيث تتعدد المصانع التي تساهم في تلبية احتياجات السوق. ولكن خلف الأبواب المغلقة لهذه الصناعات، تكمن قصة أخرى، تُظهر كيف تدمر مصانع الطوب البيئة وتؤثر سلبًا على الصحة العامة في القرى المحيطة.

ويشير العديد من المواطنين والبيئيين إلى أن هذا النشاط الصناعي يسيء إلى الحياة اليومية للناس دون أي اهتمام بالقوانين البيئية.

وفي هذا التحقيق موقع “أخبار الغد” يسعى لإلقاء الضوء على القضايا اليومية التي يواجهها سكان منطقة بني سويف بسبب تلك المصانع.

المصانع: أرقام وواقع مرير

حالة المصانع في بني سويف

تُشير التقارير إلى أن هناك أكثر من 300 مصنع للطوب في بني سويف. بينما يقدم هؤلاء المصانع القليل من الفوائد الاقتصادية، يظل السؤال الأساسي: ما هي التكلفة الحقيقية لهذه الصناعة على البيئة وصحة الإنسان؟

تأثير العمل الساخن على البيئة

تحدثنا مع يوسف شوقي، أحد المشرفين على إحدى المصانع، عن انبعاث الدخان والأتربة: “نحن نعمل في ظروف سيئة. عمالة طوب غير متوفرة، فيما نُواجه ضغوطًا تنفيذية، ونعلم أن هناك تأثيرات بيئية، لكن لا توجد حلول عملية.”

صحة الإنسان وبيئة الحياة

الأعراض الصحية المتزايدة

تعاني العائلات بسبب تلوث الهواء الصادر عن تلك المصانع. تقول فاطمة حسين، ربة منزل، مُعبرة عن قلقها: “أطفالي يعانون من الربو، وقد زاد الأمر سوءًا مع تشغيل المصنع بجوار منزلنا. لا أستطيع أن أخرجهم إلى الهواء الطلق.”

البحث عن الحقائق

يتحدث الدكتور علي السعيد، طبيب بيطري مختص في أمراض الرئة: “لقد زادت معدلات الحالات التنفسية بين أهالي بني سويف بشكل ملحوظ. التلوث الناتج عن مصانع الطوب هو أحد العوامل الرئيسية وراء تلك الأعراض.”

استغلال القوانين البيئية

تجاوز القوانين: من يحاسب؟

يدّعي العديد من القاطنين أن المصانع تعمل في ظل تجاهل تام للقوانين. يُشير عماد محسن، ناشط بيئي بارز: “هناك حاجة ماسة لتحسين الأنظمة البيئية، ولكن يبدو أن هناك من يتجاهل هذه القوانين، مما يُفسح المجال لأي نوع من التلويث.”

عدم الشفافية في العمليات الصناعية

يؤكد أحمد جبر، ناشط حقوقي بيئي: “الكثير من المصانع لا تُظهر مستندات أو شهادات تفيد بأنها تمتثل للقوانين البيئية. هذا يدل على تعمد واضح لتجاهل المساءلة.”

ردود فعل المواطنين: الصوت المفقود

مطالب بتحسين الأوضاع

تسعى المجتمعات إلى رفع صوتها للمطالبة بوقف هذا التدهور. تقول هالة قمر الدولة، رئيسة جمعية: “نواصل تنظيم فعاليات توعية ليعرف الناس حقوقهم. يجب أن نكون حاضرين في جميع الاجتماعات المحلية.”

تحذيرات من زيادة التعبئة

خيبة الأمل تسيطر على القرى، مع تصاعد الشعور بالفوضى. يقول عادل زكريا، مُزارع كبير: “لم يعد أحد يستثمر في الزراعة بسبب تحكم المصانع. الوضع يتجه نحو مزيد من الأخطار.”

أضرار بيئية واقتصادية

تدهور الأراضي الزراعية

تعود تداعيات هذه الصناعة بشكل خطير على الزراعة في المنطقة. تقول نهى صلاح، مُزارعة: “تتسرب المواد الضارة إلى التربة. أرى المحاصيل تتأثر، مما يؤثر سلبًا على رزقي.”

انخفاض جودة المياه

تتحدث التقارير عن انقطاع المياه بسبب تصريف مياه المصانع في الرياحة والمصادر الطبيعية. توضح الشيخة كريمة، مهندسة بيئية: “تم الكشف عن الكثير من التجاوزات المقلقة في عمليات التصريف. تتدهور جودة مياه الشرب عند وصولها للمنازل.”

الحاجة إلى مراقبة فعّالة

دعوات للتدخل الحكومي

يشدد الناشطون على أهمية دور الحكومة في ورقة الحل. تقول الدكتورة مريم القاياتي، أستاذة في البيئة: “تفتقر بني سويف لوجود رؤية شاملة في هذا الأمر. يجب أن تكون هناك جداول زمنية لدراسة المشاكل ووضع الحلول.”

فتح قنوات الحوار مع الصناعيين

تدعو الجمعيات البيئية إلى الحوار بين المواطنين ومالكي المصانع. يشير كريم عبد الرحمن، ناشط اجتماعي: “التواصل الفعّال يمكن أن يسهم في خلق حلول تخدم جميع الأطراف.”

التقارير والتوثيق

عرض الحقائق على طاولة النقاش

تسعى بعض المنظمات في المجتمع المحلي لتجميع المستندات ذات الصلة بالمسؤولية البيئية. يقول مهدي معروف، مسؤول في إحدى المنظمات: “نقوم بعمل دراسات توثق الأثر البيئي للمصانع، لإقناع الجهات الرسمية بالتدخل.”

تجميع الاهتمام العام

تشير الأرقام إلى أن هناك ارتفاعًا في عدد الذين يهتمون بالقضايا البيئية، مما يعكس أهميتها في الواقع. يقول يسري الطحاوي، مُربي بيئي: “المواطنون ينتبهون لما يجري. يُمكن أن يكون لديهم قوة لتغيير الوضع إذا اجتمعوا.”

نداء للإنقاذ: من ينقذ بني سويف؟

سؤال المستقبل

يتساءل كثرون: من ينقذ بني سويف من هذه الأوضاع الكارثية؟ يُدرك المواطنون أن التحرك الفعّال مطلوب، ولكنهم يحتاجون إلى المساعدة. تقول لمياء بنداري، ناشطة مشهورة عبر وسائل التواصل: “حان الوقت لتكثيف جهودنا.”

توعية الأجيال القادمة

يشدد الناشطون على ضرورة التعليم البيئي في المدارس. يقول نور الدين، أحد المعلمين: “إذا زرعنا الوعي في الصغر، فإن الأجيال القادمة ستكون قادرة على أن تأخذ موقفًا قويًا.”

الأمل في غدٍ أفضل

إن قصص التدهور البيئي في مصانع الطوب في بني سويف تمثل شبحًا استمر لعقود دون توقف. الأوضاع تزداد سوءًا، وجميع الأصوات يجب أن تتحد لتغيير هذا المستقبل الكئيب. لا يزال الأمل موجودًا، ولكنه يتطلب جهدًا جماعيًا وتعاونًا بين جميع الأطراف.

الأهالي والعلماء ينادون بضرورة إعادة النظر في سياسات الصناعة والبيئة، لتأمين حياة أفضل لأجيال الحاضر والمستقبل. فهل ستسمع الجهات المعنية هذه النداءات؟ الأمر متروك لنا جميعًا لضمان أن تكون كلمة الحق هي الطاغية، والأدلة على الفساد هي الأساس لإحداث التغيير الحقيقي.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى