الدكتور أيمن نور يكتب : عودة الغول
ظاهرة التسفل علي المعارضين ليست جديدة مارسها العديد من الحكام والوزراء المصريين في عهود مختلفة
والتجاوز في حق الصحفيين -تحديداً – له تاريخ طويل
فدائما العلاقة بين من يكتبون ومن يحكمون ليست علي مايرام
مازلت اذكر حجم الهجوم الذي تعرضت له عام ١٩٩٥ من نواب الحزب الوطني وكنت وقتها النائب الوحيد المنتمي للنقابة وبهذه الصفة كنت متقدما متقدما بمشروع قانون جديد لإلغاء القانون الشهير بقانون
ذبح الصحافه الصادر في بداية ذات العام
ظلّ هذا الهجوم محتدما وعلي الشده طوال فتره المناقشه
و في صباح يوم إقرار القانون اجتمعنا مع رئيس الجمهورية كوفد من النقابة بحضور رئيس الوزراء الجنزوري الذي قال له مبارك: اعملهم اللي هما عيزينه يا كمال‼️
وفجأة تغير كل شئ من حال الي حال ففي البرلمان الذي أهلكنا قدحا تباري النواب الذين هاجمونا كصحافيين منذ ساعات في مدحنا والثناء علينا وعلي مشروعنا الذي أوسعوه طعناً قبل تعديل التعليمات ‼️
تذكرت هذه القصة التي مر عليها ٢٩ عاما وانا اقرأ امس بيانات اللجنة التشريعية للنواب هجوماً على نقابة الصحافيين ونقيبها المحترم خالد البلشي
وهنا وددت ان اوجه عدة أسئلة لرئيس اللجنة النائب ابراهيم الهنيدي
1- لماذا لم توقع البيانات باسمك وصفتك؟! وهذا هو العرف
و المعتاد في مثل هذه البيانات فالأوراق غير الموقعة هي مسودات وليست بيانات.
ام ان البيانات وصلتك هكذا ولم تملك شجاعة ان تضفيه شيئا حتي اسمك؟!
2- ان لم تكن تمتلك شجاعة التوقيع على البيان باسمك وصفتك فهل تملك شجاعة اصدار بيان جديد تمارس فيه التعريض والتحريض علي نادي القضاه بعد بيانه اليوم الذي رفض فيه مشروعكم المشبوه ولو ببعض شجاعة تهجمك على نقابة الصحفيين ونقيبها؟!!
3- هل سيأتي يوما تقول فيه في العلن ما تقوله الان في الغرف المغلقة ايهاب الطماوي هو الذي يتواصل مع الاجهزة و هو المسئول؟
يا سيد هنيدي
يا سيد طماوي
هل أتاكم نبأ عبد الرحيم الغول؟!
.كان من أقدم النواب فى العديد من برلمانات ما بعد 1952، وحتى ما بعد 2005 عن دائرة نجع حمادى محافظة قنا، حتى فارق الحياة بعد ان فارق مقعده البرلماني
زاملني الغول فى البرلمان، لأكثر من عشر سنوات، وسبق له أن زامل والدى فى برلمان 1968‼️
أصعب الأسئلة التى كان النائب عبد الرحيم الغول يرفض الإجابة عليها ويفر منها فرًا، بعد أن تخلت عنه الأجهزة الأمنية وتم اسقاطه هو:
لماذا فعلت هذا في نفسك؟؟
. والإجابة التي كنت وغيري يعرفها
أن الرجل رغم انه كان سبعينيًا، إلا أنه ظل يرأس لجنة الشباب فى البرلمان لعشرات الدورات التشريعية، وكان يحلم مع كل تشكيل وزاري يُعلن، أن يجد أسمه مدونًا في لائحة الوزراء وخلفه عبارة وزيرًا للشباب والرياضة.
ورغم أن الرجل كان محدود الثقافة والتعليم، إلا أن هذا لم يمنعه من تصدر موقعه، كزعيم للأغلبية، أو أحد ممثليها فى العديد من البرلمانات،
وذلك بسبب قدرة الرجل الفائقة فى الهجوم على المعارضين بطرفة عين من كمال الشاذلى، أو إيماءة من فتحى سرور.
الغريب أنه رغم الهجوم الدائم، فى كلمات ومداخلات الغول، على المعارضين بالبرلمان،
إلا أن علاقته الشخصية كانت دائمًا جيدة بالمعارضين، لأسباب أبرزها أن الرجل كان ما يكاد أن ينتهى من إطلاق نيرانه على أحد نواب المعارضة، إلا ويذهب إليه فى مقعده ليكاشفه عن أسفه لما قاله بحقه لكنها التعليمات والضغوط.
وأشهد أن النائب عبد الرحيم الغول كثيرًا ما كان يزورنى فى مقاعد المعارضة، قبل أن أُلقى باستجواب ما لوزير ما ويكاشفني بخطة الهجوم المضاد التي غالبًا ما تكون أُعدت فى اليوم السابق بمكتب الوزير أو بمكتب فتحى سرور أو كمال الشاذلى.
فى أحد المرات كنت متقدمًا باستجواب لوزير الاقتصاد يوسف بطرس غالى حول قيامه بتسهيل إستيلاء والده رؤوف بطرس غالى على أموال بنك القاهر ة (https://youtu.be/5W1tmBHDljo) وألتقى بي الغول خارج البرلمان
ليبلغني أنه اعتذر عن القيام بمهمته التي كُلف بها، فأُسندت للنائب الجديد آن ذاك – مرتضى منصور.
سبب رفض الغول هذه المرة القيام بدوره المعتاد، هو أن المطلوب كان الهجوم علىَّ من زاوية من أين لك هذا؟!
فقال لهم الغول أنى أعرف والده وزاملته لأعوام طويلة وأعرف من أين له هذا قبل أن أعرف هذا مشيرًا للوزير يوسف بطرس غالى (‼️)
يومها قال لى عبارة لم تغادر ذاكرتي وهى : “الغول ليس كلبًا ينبح أو ينهش دون حد أدنى من الاقتناع”
أيها الزملاء قادة اللجنة التشريعية التي قضيت في رحابها عقد كامل من سنواتي في البرلمان
نعم كان الغول – بالنسبة لى – وحتى وقت قريب، ربما يكون هو الأسوأ، والأكثر جرأة فى دفاع عن باطل السلطة، وربما الأعلى صوتًا، والأطول لسانًا،
لكن الأيام الاخيرة كشفت لى، أن الغول لم يكن الأسوأ، ولا الأكثر جرأة على الحق والحقيقة..
وكشفت لى أن الغول ليس (أسمًا ) يمكن أن يرحل عن ذاكرتنا وحياتنا، رغم غيابه، فهو فى تقديرى الآن (حالة ) تعيش بيننا بأسماء مختلفة..
أحد النسخ الجديدة، أظهرتها الساعات الأخيرة بوضوح
الغول القديم كان رجلاً واحدًا، له أسم وعنوان ودائرة انتخابية وأطماع سياسية وحزبية، أما الغيلان الجديدة فهي ليست رجلاً، ولا اسمًا واحدًا، بل أسماء عديدة
سيذكرها التاريخ البرلماني في فصل بعنوان الاسوأ..
صدقت الغول القديم فيما قاله لى عشية استجوابي ليوسف بطرس غالى، والتى قال فيها الغول ليس كلبًا ينبح أو ينهش دون حد أدنى من الإقتناع..
ليت الغيلان الجديدة ، تتعلم حد أدنى من أخلاق الغول القديم..
وليتهم يفيقون لأنفسهم حتي لا ينالون جزاء سنمار الذي صادفه الغول القديم في نهاية مطاف خدمته للنظام..