حقوق وحريات

ملف الحبس الاحتياطي في مصر .. هل تلوح بارقة أمل؟

يعد ملف الحبس الاحتياطي من أخطر القضايا في مجال الحقوق والحريات العامة في مصر.

فهو أحد الملفات التي تثير جدلاً واسعاً داخل البلاد وخارجها، نتيجة تأثيره على آلاف المعتقلين الذين يعيشون خلف القضبان دون محاكمة عادلة.

وهذه الممارسات وضعت الدولة المصرية في مواجهة مع انتقادات المجتمع الحقوقي الدولي والمحلي، ما دفع السلطات مؤخرًا إلى إعادة فتح هذا الملف الحساس.

ما بعد ثورة يناير: تغير المسار

بعد ثورة 25 يناير 2011، كان ملف الحريات أحد أبرز القضايا التي تصدرت المشهد. إلا أن الوضع تغير بعد أن دخلت مصر في دوامة من عدم الاستقرار السياسي عقب تلك الثورة،

بسبب غياب قيادة موحدة لحركة يناير من جهة، واستغلال جماعة الإخوان المسلمين للفراغ السياسي من جهة أخرى.

هذا الوضع تسبب في توليد صراعات داخلية وخلق بيئة مشحونة، أدت في النهاية إلى أحداث 30 يونيو 2013.

رغم إيجابيات تلك المرحلة، إلا أن سلبيات أخرى ظهرت، أهمها استهداف القوى المدنية التي ساندت 30 يونيو، حيث تم الزج بالعديد من النشطاء والصحفيين في الحبس الاحتياطي دون محاكمات عادلة.

الحبس الاحتياطي .. ملف شائك

ملف الحبس الاحتياطي هو أبرز التجاوزات في حق الحريات العامة في مصر. بقي هذا الملف لأعوام بمثابة شوكة في حلق النظام، خاصة في ظل تدوير المعتقلين في قضايا رأي دون تقديمهم للمحاكمة.

والأغرب أن معظم المحتجزين هم من القوى المدنية التي دعمت 30 يونيو، وجرى اتهامهم بالانتماء لجماعة إرهابية، رغم أن جل ما فعلوه هو التظاهر ضد قضايا مثل بيع جزيرتي تيران وصنافير، أو التعبير عن استيائهم من الأوضاع الاقتصادية.

تدخل الحوار الوطني

في يوليو الماضي، تم فتح ملف الحبس الاحتياطي ضمن فعاليات الحوار الوطني السياسي، وهي خطوة وصفها العديد بأنها متأخرة ولكن ضرورية.

ورغم إطلاق سراح 151 محتجزًا مؤخرًا، فإن الكثيرين يرون أن الحل الجذري لن يأتي إلا بتعديل القوانين ذات الصلة، خاصة قانون الإجراءات الجنائية، وتقديم تعويضات عادلة للمفرج عنهم.

التجاوزات في تطبيق القانون

أحد أكبر المشكلات في ملف الحبس الاحتياطي هو انتهاك حقوق المتهمين الذين يقبعون في السجون لمدد طويلة دون محاكمة.

وهذا التجاوز يشير إلى غياب العدالة وتسييس الملف بشكل مقلق، وهو ما يعمق حالة الغضب واليأس بين المواطنين.

السلطة القضائية ودورها

النائب العام مؤخرًا اتخذ خطوات إيجابية بمراجعة ملفات المحبوسين احتياطيًا، لكن ذلك لن يكفي ما لم تُجرَ إصلاحات تشريعية حقيقية.

ومن الضروري أن تتفاعل السلطة التنفيذية والبرلمان مع هذه القضايا، حتى لا تكون أي قرارات مجرد شكل من أشكال الشفقة أو العطف، بل تحقيقًا للعدالة.

ملف لم يُغلق بعد

رغم الجهود الحالية، فإن إغلاق ملف الحبس الاحتياطي لا يعني أن المجال العام أصبح مفتوحًا.

وما زالت هناك ملفات أخرى تنتظر المعالجة، مثل التعذيب في السجون، حرية الصحافة، وحق التظاهر.

وإن إنهاء القمع وتضييق الحريات هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار الحقيقي في المجتمع، فلا يمكن تحقيق الأمن دون ضمان حرية المواطنين.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى