مصر

تساؤلات المواطنين: أين دور الأحزاب في قضاياهم اليومية؟

في خضم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالشارع المصري، تتصاعد أصوات المواطنين تطالب بتنمية حقيقية وفعالة تعنى بقضاياهم اليومية.

ويرتفع التساؤل المبدئي الذي أضحى يتردد على ألسنة الكثيرين: أين دور الأحزاب السياسية في التفاعل مع هذه القضايا؟

مع تزايد الاستياء من الوضع الحالي، يتساءل المواطنون المصريون: هل تقدم الأحزاب السياسية فعلاً حلولاً جذرية لمشاكلهم، أم أنهم مجرد كيانات تتنافس على المقاعد دون أن تدرك أو تهتم بواقعية الحياة اليومية للمواطنين؟

وفي هذا السياق، تعكس الشهادات والآراء التي جُمعت من المواطنين والمختصين عدم الارتياح السائد تجاه أداء الأحزاب.

حيث تبدأ القصة من قلب القاهرة، حيث يقول محمد سعيد، موظف حكومي: “أشعر أن الأحزاب تتجاهلنا وتركز فقط على المنازعات السياسية.

ولدينا مشاكل يومية مثل البطالة والسكن والمواصلات، لكن لا نرى أي تحرك من الأحزاب لحل هذه القضايا.” ويعرب عن خيبة أمله معززا حديثه بالتأكيد على أن الشباب بحاجة إلى أمل ينعكس على واقعهم.

وبدورها، ترى هالة أحمد، ناشطة سياسية وصحفية، أن الأحزاب عليها مسؤولية كبيرة تجاه جمهورها.

وتقول: “الحياة اليومية للمواطنين يجب أن تكون في قلب السياسات التي يطرحها السياسيون. إذا لم تكن هناك حلول عملية للتحديات التي تواجه المواطنين، فماذا يفعل هؤلاء السياسيون؟”

وتشير العديد من الدراسات الاجتماعية إلى أن فئة الشباب تشعر بالتهميش في السياسات الحالية، مما يجعل تأثير الأحزاب السياسية يبدو ضعيفًا وغير ملحوظ في حياتهم اليومية.

وكما تذهب بعض الآراء إلى أن قادة الأحزاب يغفلون دغدغة مشاعر الجمهور ويتجاهلون أهمية تقديم الحلول البديلة.

وفي جولة ميدانية بين عدد من المواطنين في الأحياء الشعبية في القاهرة والإسكندرية، تم تكرار نفس التساؤلات عن دور الأحزاب.

وتقول سمر الزهيري، ربة منزل،: “الأحزاب لا تعمل على تعزيز مشاعر الأمن الاجتماعي. نحتاج إلى رؤية عمل حقيقي، بدلاً من الخطابات السياسية الفارغة.”

ومع العزوف عن الاشتراك في الحياة الحزبية، أظهرت العديد من الآراء أن بعض المواطنين بدأوا يفضلون التوجه للفاعلين الاجتماعيين والجمعيات الأهلية للحصول على الدعم والمساعدة، بدلاً من الأحزاب السياسية التي يرون أنها تفتقر للإرادة السياسية الحقيقية.

بينما يُشير البعض إلى أن هناك انقسامًا واضحًا بين القيادات الحزبية وبين القاعدة الشعبية.

فالأحزاب، بدلاً من أن تكون صوتًا للمواطنين، أصبحت تتنافس من أجل البقاء في الصورة، حيث تجد صعوبة في التواصل مع احتياجات الناس الحقيقية.

“أين هي تلك القادة الذين سمعنا عنهم؟ نحن بحاجة إلى زعماء سياسيين يخرجون إلى الشارع ويعبرون عن همومنا!” يقول أحد الشباب.

يجادل هؤلاء بأن الأحزاب تحتاج إلى التنسيق مع الجمهور وتحقيق تواصل فعال. ولا يُمكن التغافل عن أن الانتماءات الحزبية عند الشباب وفي الاقتراع أصبحت متهاوية، بسبب شعورهم بعدم الثقة في الأحزاب وعدم شعورهم بأن لهذه الأحزاب تأثير عليه.

وفي تصريحٍ لخبير سياسي، ذكر الأستاذ حسن رمزي، أن هناك ضرورة لتشكيل رؤية واضحة حول كيفية تفاعل الأحزاب مع الجمهور.

وأوضح أنه “في غياب هذه الرؤية، سيكون هناك انعدام كبير للثقة بين المواطنين والأحزاب، ولذا يجب عليهم الانخراط في قضايا المجتمع والحياة اليومية للمواطنين.”

تبقى التساؤلات موجهة للأحزاب: كيف يمكن أن نكون كأحزاب سياسية قادرين على تأمين احتياجات المواطنين؟ وما هي الخطوات التي يجب اتخاذها للبدء في المسؤولية كجهات فاعلة في خدمة الشعب؟

في ختام التقرير، يتعين على الأحزاب المصرية أن تدرك أن قضايا المواطنين اليومية هي ليست مجرد ردود على الاستفسارات، بل هي نداءات صادقة تحتاج إلى تعهد فعلي ودائم.

ومع توجه الشارع المصري نحو استعادة الثقة في الأحزاب، فإن الطريق نحو إعادة بناء تلك الثقة يتطلب الانفتاح والحوار والشراكة الحقيقية مع المجتمع.

يبقى السؤال المطروح: هل ستستجيب الأحزاب هذه المرة، أم ستظل عالقة في الشؤون السياسية دون إدراك لحقيقة احتياجات الناس؟ إن التغيير مطلوب، والجميع يدرك أن الحوار والتفاعل الإيجابي هما المفاتيح الأساسية لتحقيق ذلك.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى