مصرمقالات ورأى

أدهم حسانين يكتب : من السجن إلى القيادة ، السنوار يحمل الراية

عبر رحلة  الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الممتد لعقود، تلعب الشخصيات القيادية دورًا محوريًا في توجيه مسار الأحداث. حركة المقاومة الإسلامية (حماس) شهدت العديد من التغييرات القيادية على مر السنين،

كل منها يحمل تأثيره الخاص على استراتيجية الحركة ومساراتها.

اختير يحيى السنوار، القائد العسكري البارز في حماس، خلفاً لإسماعيل هنية، وهو قرار يحمل معه تداعيات وتحديات كبيرة على مستقبل الحركة والمقاومة الفلسطينية بشكل عام.

تاريخ حركة حماس

تأسست حركة حماس عام 1987 خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، فأصبحت واحدة من الفصائل الرئيسية في الساحة الفلسطينية بحملها راية تحرير فلسطين

وتمثل حماس مزيجًا من المقاومة المسلحة والسياسية، وتسعى لتحقيق تحرير فلسطين من خلال الكفاح المسلح والعمل السياسي.

قاد الشهيد إسماعيل هنية، الحركة في السنوات الأخيرة منذ اختياره لرئاسة المكتب السياسي لحركة حماس منذ 2017، فلعب دورًا رئيسيًا في توجيه حماس خلال فترة  من التحديات الكبيرة، بما في ذلك الحروب المتكررة مع إسرائيل والحصار المفروض على قطاع غزة اثناء توليه رئاسة الوزراء بعد انتخابات 2006.

يحيى السنوار: القائد العسكري

يعد يحيى السنوار هو أحد مؤسسي الجناح العسكري لحماس، كتائب عز الدين القسام، ولديه تاريخ طويل من العمل في المقاومة الفلسطينية كما هو احد مؤسسي جهاز مجد الامني .

اعتقلته إسرائيل عام 1988 وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة، ولكن أُطلق سراحه في صفقة وفاء الاحرار عام 2011. منذ ذلك الحين، برز كواحد من القادة الأكثر تأثيراً في حماس، خاصة في الجانب العسكري.

التحديات الداخلية لاختيار السنوار

1_التوازن بين الجناحين العسكري والسياسي :

يعكس اختيار السنوار، المعروف بخلفيته العسكرية، تحولًا في توازن القوى داخل حماس. قد يؤدي هذا التحول إلى تحديات في الحفاظ على التوازن بين الجناحين العسكري والسياسي للحركة. بينما يُعرف السنوار بقدراته القيادية في المجال العسكري، فإنه سيحتاج إلى التأقلم مع متطلبات القيادة السياسية والعمل على تعزيز التعاون بين مختلف فصائل الحركة.

 2_التوترات الداخلية :

قد يؤدى التغيير في القيادة إلى بعض التوترات الداخلية  بين الأجنحة المختلفة داخل حماس. ولكن يتمتع السنوار بشعبية كبيرة بين كوادر الحركة، إلا أن عملية انتقال السلطة يمكن أن تثير بعض الخلافات والصراعات الداخلية. سيكون من المهم للسنوار استخدام مهاراته القيادية لإدارة هذه التوترات وتعزيز وحدة الحركة .

التحديات الخارجية

 1_التعامل مع الضغوط الإسرائيلية :

تعتبر إسرائيل السنوار هدفًا رئيسيًا نظرًا لدوره البارز في الجناح العسكري لحماس. ومن المتوقع أن يواجه السنوار ضغوطًا كبيرة من قبل إسرائيل التي قد تحاول اغتياله كما فعلت مع الشهيد اسماعيل هنية.

مما يتعين على حماس تعزيز إجراءاتها الأمنية والاحترازية لحماية قيادتها وضمان استمرارية عملياتها.

 2_العلاقات الإقليمية والدولية :

فيجب على السنوار تعزيز علاقات الحركة على الصعيد الإقليمي والدولي عامة ، وخاصة  مع الدول الداعمة للقضية الفلسطينية. العلاقات مع الدول العربية والإسلامية ستكون حاسمة في هذا السياق، حيث يمكن أن تسهم في تقديم الدعم السياسي والمالي للحركة. بالإضافة إلى ذلك، سيكون من المهم للسنوار العمل على كسب تعاطف المجتمع الدولي وتوضيح مواقف حماس من خلال الدبلوماسية العامة.

ما هى الفرص أمام حماس تحت قيادة السنوار؟

 1_تعزيز الوحدة الوطنية :

يمكن ان يكون اختيار السنوار دافعًا لتوحيد الصف الفلسطيني بمختلف فصائله لمواجهة الاحتلال.

فالسنوار يمتلك سمعة قوية كرجل ميدان وقائد يتمتع بقدرة على التواصل مع القاعدة الشعبية، مما يمكن أن يسهم في تعزيز الوحدة الداخلية وتنسيق الجهود بين الفصائل المختلفة وبالاخص بعد الطوفان التى تجلت فيه صور المشاركة بين كل الفصائل فى دحر الاحتلال

 2_زيادة الدعم الدولي :

ادى اغتيال القادة السابقين لحماس في كثير من الأحيان إلى زيادة التعاطف الدولي مع القضية الفلسطينية. تولي السنوار القيادة يمكن أن يزيد من هذا التعاطف ويؤدي إلى دعم سياسي ومالي أكبر من قبل الدول والمنظمات الدولية المتعاطفة مع القضية الفلسطينية.

 3_تقوية الجبهة الداخلية للمقاومة :

يعرف السنوار بقدرته على تعزيز الروح القتالية والمعنويات داخل صفوف المقاومة. قيادته قد تؤدي إلى زيادة الالتفاف الشعبي حول حماس وتعزيز تماسك الجبهة الداخلية، مما يزيد من قدرة الحركة على مواجهة التحديات الأمنية والعسكرية التي تفرضها إسرائيل.

ما هى التحديات الأمنية التى ستواجها حماس؟

 1_تعزيز الإجراءات الأمنية :

تجعل الاغتيالات السابقة لقادة حماس من الضروري تعزيز الإجراءات الأمنية لحماية السنوار وبقية القيادات. هذا يتطلب موارد وجهودًا كبيرة لضمان عدم تكرار السيناريوهات السابقة. مما يجعل السنوار يعمل على تحسين البنية الأمنية داخل الحركة وتطوير استراتيجيات جديدة لحماية القادة والكوادر الميدانية ، كما سيترتب على ذلك تطوير المؤسسات الأمنية والعسكرية داخل صفوف الحركة وتطوير الدورات الأمنية للافراد .

 2_التنسيق مع الفصائل الأخرى :

سيكون العمل على تعزيز التنسيق مع الفصائل الفلسطينية الأخرى تحديًا مهمًا للسنوار. سيكون عليه العمل على تجاوز الخلافات وتعزيز التعاون بين مختلف الفصائل لضمان وحدة الصف الفلسطيني وتنسيق الجهود لمواجهة التحديات المشتركة. هذا التنسيق يمكن أن يسهم في زيادة فعالية المقاومة وتعزيز القدرة على مواجهة الضغوط الإسرائيلية.

 الدور الإقليمي والدولي

 1_الدور العربي :

قد ترى الدول العربية خاصة تلك التي تدعم القضية الفلسطينية اختيار السنوار فرصة لتعزيز دعمها للمقاومة. يمكن أن تلعب هذه الدول دورًا مهمًا في تقديم الدعم المالي واللوجستي لحماس، مما يعزز من قدرتها على مواصلة النضال. ويمكن للسنوار أن يستفيد من علاقاته الإقليمية لتعزيز الدعم السياسي والمالي لحماس.

 2_الدور الإيراني :

تعتبر إيران من الداعمين الرئيسيين لحماس وفصائل المقاومة الأخرى. قد يدفع اختيار السنوار  إيران لزيادة دعمها للمقاومة من خلال تقديم أسلحة وتدريب لقادتها الجدد، مما يعزز من قدرتهم على مواجهة التحديات المقبلة. على السنوار أن يعمل على تعزيز هذه العلاقات وضمان استمرارية الدعم الإيراني لحماس.

 3_الدور الدولي :

يمكن المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية أن يلعب دورًا في الضغط على إسرائيل لوقف استهداف قادة المقاومة واحترام القانون الدولي رغم معرفتنا الجيدة أن الاحتلال لا يلتزم باى قانون غير قانون الغاب الا ان هذه الضغوط يمكن أن تساهم في تقليل الخسائر في صفوف القيادات الفلسطينية وتعزيز فرص السلام. السنوار يمكن أن يعمل على كسب تعاطف المجتمع الدولي من خلال توضيح مواقف حماس وتقديم رؤية سياسية واضحة.

 الفرص والتحديات أمام المقاومة

 1_الفرص :

تعزيز الوحدة الوطنية:

يمكن أن يكون اختيار السنوار دافعًا لتوحيد الصف الفلسطيني وتعزيز التعاون بين الفصائل المختلفة.

زيادة الدعم الدولي:

 قد يؤدي اختيار السنوار إلى زيادة التعاطف الدولي مع القضية الفلسطينية، مما يترجم إلى دعم سياسي ومالي أكبر.

تقوية الجبهة الداخلية:

يمكن أن يعزز السنوار من تماسك الجبهة الداخلية ويزيد من الروح القتالية والمعنويات داخل صفوف المقاومة.

 2_التحديات :

الضغط العسكري الإسرائيلي:

تواجه حماس ضغوطًا عسكرية متزايدة من قبل إسرائيل التي قد تستهدف السنوار بشكل مباشر.

التحديات الأمنية:

تعزيز الإجراءات الأمنية لحماية القادة والكوادر الميدانية سيكون تحديًا كبيرًا للسنوار والحركة بصفة عامة .

اختيار يحيى السنوار كقائد لحماس بعد الشهيد إسماعيل هنية يحمل معه تحديات وفرص كبيرة للحركة والمقاومة الفلسطينية بشكل عام. بينما يمكن أن يؤدي هذا التغيير إلى تعزيز القدرات العسكرية للحركة وزيادة التماسك الداخلي، فإنه يحمل أيضاً تحديات كبيرة في التعامل مع الضغوط الإسرائيلية والتوترات الداخلية.

يمتلك السنوار الخبرة والقدرة على توجيه حماس خلال هذه المرحلة الحساسة، ولكن نجاحه يتوقف على قدرته في الحفاظ على التوازن بين الجناحين العسكري والسياسي وتعزيز العلاقات الإقليمية والدولية. تاريخ المقاومة الفلسطينية يظهر قدرة الحركات على التكيف والتأقلم والتطوير مع التغييرات القيادية واستمرار النضال، مما يعطي الأمل بأن حماس تحت قيادة السنوار يمكن أن تواصل تحقيق أهدافها رغم التحديات.

في النهاية، مستقبل حماس والمقاومة الفلسطينية يعتمد على قدرة القادة على تجاوز الخلافات الداخلية وتعزيز الوحدة والتنسيق مع الفصائل الأخرى. القيادة القوية والتخطيط الاستراتيجي يمكن أن يساهما في مواجهة التحديات وتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في الحرية والعدالة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى