تونس..رفض طعون الترشح للانتخابات الرئاسية تكريس لديكتاتورية ممتدة
في خطوة عدها البعض مرحلة جديدة من تكريس الاستبداد السياسي طويل الأجل، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، الاثنين، أن المحكمة الإدارية رفضت جميع الطعون المقدمة ضد قرارتها برفض مطالب ترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 6 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وقالت هيئة الانتخابات في بيان عبر فيسبوك، إن “جميع الطعون المُسجلة ضد قرارات الهيئة برفض مطالب الترشـح للانتخابات الرئاسية 2024 (عددها 7)، قد قضي فيها ابتدائيا بالرفض”.
وأوضحت أن “المحكمة الإدارية بما لها من سلطة تحقيق في النزاع الانتخابي أذنت بالتوجه لمكاتب الهيئة لمعاينة واحتساب التزكيات الشعبية المرفوضة، وتحققت من كل استمارة تزكية مرفوضة، ومن صحة الأسباب التي اعتمدتها الهيئة لإسقاطها، وانتهت إلى سلامة عمل الهيئة من هذه الناحية”.
ومن بين 17 ملف ترشح، أعلنت هيئة الانتخابات قبول ملفات 3 مرشحين، هم: الرئيس الحالي قيس سعيد، وأمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي، ورئيس حركة عازمون عياشي زمال. ومن بين المرشحين الذين رفضت مطالبهم عبد اللطيف المكي، ومدير الديوان الرئاسي الأسبق عماد الدايمي، ومنذر الزنايدي الوزير في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
خيبة أمل
وعقب صدور أحكام المحكمة الإدارية ابتدائيا، اليوم الاثنين، بشأن طعون هؤلاء المرشحين في قرارات هيئة الانتخابات، ضجت مواقع التواصل بتعليقات اعتبرت قرار المحكمة صائبا بحجة أنها مبنية على أسس قانونية، فيما عبر آخرون عن استيائهم مما اعتبروه خضوعا من المحكمة لأهواء السلطة الحاكمة.
واعتبر البعض -على شبكات التواصل- أن رفض الطعون من المحكمة في الشكل أو الأصل في الطور الابتدائي مبني على نقائص في ملفات المرشحين سواء على مستوى استيفاء الوثائق المطلوبة أو جمع التزكيات أو وجود إخلالات شكلية في ملف الطعن أو ورود الطعن خارج الآجال القانونية.
بينما عبر آخرون عن خيبة أملهم من قرار المحكمة معتبرين أنه جائر وعاكس لحالة الخوف التي عمت قطاع القضاء من سلطة الرئيس سعيد، مؤكدين أن المحكمة رفضت عديد الطعون شكلا لأتفه الأشياء دون أن تنظر بأصل الطعون التي تعتبر أن هيئة الانتخابات اعتمدت نهجا تضييقيا بشأن الترشحات.
وعلّق أحمد النفاتي مدير حملة المرشح عبد اللطيف المكي على القرار بقوله إن “الحزب قرر استئناف قرار المحكمة الإدارية القاضي برفض الطعن في ترشّح عبد اللطيف المكي ونحن بانتظار تحديد الجلسة”. وشدد النفاتي على أن”الطعن في البطاقة عدد 3 الخاصة بالسوابق العدلية كان في صالح المرشح المكي وقد أنصفته المحكمة الإدارية”.
وأشار إلى أن هناك استهدافا سياسيا واضحا لأجل منع عبد اللطيف المكي من الترشح باعتباره منافسا جديا وأن عدم منحه البطاقة عدد 3 كانت له كلفة كبيرة في التأثير على جمع التزكيات.
دلالات القرار
يرى القيادي بحزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني أن رفض جميع الطعون من قبل المحكمة الإدارية يعكس وضع القضاء التونسي الذي تم ضرب استقلاليته من السلطة الحاكمة بموجب المراسيم التي وضعها الرئيس سعيد والتي منح لنفسه بمقتضاها آلية عزل القضاة بجرة قلم.
وقال إن ضرب استقلالية القضاء شمل القضاء الإداري نتيجة تدخل السلطة التنفيذية في الجهاز القضائي كتنصيص سعيد -في دستوره لسنة 2022- على “أن القضاء وظيفة وليست سلطة” فضلا عن تخويف القضاة بعد عزل العشرات منهم وتوظيفهم في سجن سياسيين وصحفيين.بحسب الجزيزة نت
من جانبه قال المحامي والناشط الحقوقي العياشي الهمامي إنه لا يمكن التسرع في الحكم على مدى استقلالية المحكمة الإدارية إلا بعد صدور الأحكام الاستئنافية النهائية من قبل الجلسة العامة للمحكمة، مضيفا أن “صدور الأحكام الاستئنافية ستعطينا فكرة إن كان مناخ الخوف قد وصل إلى المحكمة الإدارية”.
وأكد أنه لا بد من انتظار الأحكام الاستئنافية النهائية لمعرفة إن كان القضاء الإداري قد تمت السيطرة عليه كالقضاء العدلي من رئيس الدولة، مذكرا أن المحكمة الإدارية كانت قد أصدرت في 2022 حكما إيجابيا يقضي بوقف تنفيذ قرار عزل 49 قاضيا من جملة 57 قاضيا أمر الرئيس سعيد بعزلهم.