ثقافة وفنون

موظفون بفرع ثقافة سوهاج يستغيثون: فساد ينخر في جسد الثقافة

في محافظة سوهاج، التي تُعد واحدة من عواصم الثقافة في جمهورية مصر العربية، تتزايد المؤشرات على وجود فساد إداري خطير يُهدد الأنشطة الثقافية ويعيق تقدمها.

في أجواء مشحونة بالتوتر والاستياء أستعرض موقع “أخبار الغد” آراء بعض الموظفين والمهتمين بالشأن الثقافي إلى تجاوزات كبيرة تُمارَس في فرع ثقافة سوهاج، مما يسلط الضوء على أزمة خطيرة تلوح في الأفق.

في أجواء مشحونة بالتوتر والاستياء، اجتمع عدد من الموظفين المهتمين بالشأن الثقافي في مكتب فرع ثقافة سوهاج لمناقشة الأزمات المتزايدة التي تعصف بالعمل الثقافي في المحافظة.

وقد أعرب العديد من العاملين عن استيائهم من أداء القيادات الحالية، وعلى رأسها ضياء مكاوي، القائم بأعمال رئيس إقليم وسط الصعيد الثقافي ومدير عام لفرعي ثقافة أسيوط وسوهاج.

وتأتي هذه المشاعر في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها العمل الثقافي، مما يجعل العاملين يستغيثون بالدكتور محمد ناصف، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة.

موظفو فرع ثقافة سوهاج يستغيثون: فساد خطير في إدارة الثقافة

بشأن الفساد الذي يعصف بالأنشطة الثقافية في المحافظة. جاء هذا الاستغاثة بعد أن أكدوا على وجود مشكلات كبيرة في إدارة ضياء مكاوي، القائم بأعمال رئيس إقليم وسط الصعيد الثقافي ومدير عام لفرعي الثقافة في أسيوط وسوهاج.

التقي موقع “أخبار الغد” بعدد من الموظفين والمهتمين بالشأن الثقافي، الذين أبدوا انزعاجهم الشديد مما يحدث في الفرع، معبرين عن خيبة أملهم وحزنهم بسبب تدهور الحياة الثقافية في سوهاج.

مشروعات ثقافية بلا جدوى

عن أبرز المشكلات التي تم طرحها، يقول “أ. ج.”، موظف بخبرة تصل إلى عشرين سنة في مجال الثقافة: “يتم تنفيذ مشروعات ثقافية هيكلية بلا جدوى واضحة، فهي تُصرف عليها الأموال دون تحقيق أية نتائج ملموسة، بل يبدو أن الهدف منها هو استغلال تضخم الميزانية لأغراض شخصية.”

وأضاف بأن هذه الاستثمارات في المشاريع الثقافية لا تدعم المجتمع ولا ترقى لمستوى الطموحات الحقيقية التي تمتلكها الثقافة المصرية، “يجب علينا إعادة هيكلة هذه المشاريع، وعلينا أن نحقق منها فائدة حقيقية.”

صراعات ونزاعات داخلية

الفساد الإداري لم يقتصر على المشاريع فحسب، ولكن أثر أيضًا على العلاقات بين الزملاء، كما يؤكد “ع. ع.”، موظف ثقافي: “اتسعت الفجوة بين الزملاء بسبب فساد العلاقات البينية. كل شخص يحاول إبعاد الآخرين للحصول على المكافآت أو الرضا من الإدارة.”

يرى بأن هذه النزاعات والنقص في الثقة يمنع الجميع من العمل كفريق مُتكامل، مما يُؤثر على فعالية الأنشطة الثقافية وينعكس على النتائج النهائية.

التهديدات اللفظية

أما “م. س.”، موظفة ثقافية في سوهاج، فتؤكد على وجود تهديدات مباشرة تعرض لها عدد من الموظفين. “ضياء مكاوي لا يتردد في تهديد الموظفين بتهديد مستقبلهم الوظيفي إذا لم يلتزموا بتعليماته، حتى وإن كانت مخالفة للقانون.”

تقول: “للأسف هذا يُظهر نوعًا من الاستبداد في السلطة يمكن أن يدمر أي بيئة عمل، خاصة في مجال ثقافي يتطلب التعاون والإبداع.”

الوضع المزري للموظفين

تحدث “س. م.”، أحد العاملين في الفرع، عن وضعهم الحالي، قائلاً: “نحن كموظفين نعمل تحت ضغط دائم، ونشعر دائمًا أننا تحت المراقبة. ولكن الأهم من ذلك أن احتمالية فقدان الوظيفة تبقي شعورًا من اليأس والقلق في قلوبنا.”

هذه الحالة من الخوف والقلق تُثني الكثير من الموظفين عن تقديم أفكار جديدة أو ابتكارات قد تُساعد في تطوير العمل الثقافي. وفقًا للموظفين، فإن الوضع الراهن غير مُبشر، وإن لم يتدخل الدكتور محمد ناصف سريعًا، فإن الأمور قد تزداد سوءًا.

إهدار المال العام في فرع ثقافة سوهاج

أرسل بعض الموظفين في فرع ثقافة سوهاج. شكوى أثارت جدلًا كبيرًا تتعلق بإهدار المال العام من خلال سداد فواتير المياه والكهرباء والتليفونات لقصر ثقافة سوهاج، رغم أن القصر في مرحلة إحلال وتجديد.

وتبين من الشكوى أن الشركة المنفذة لأعمال الإحلال والتجديد هي المسؤولة عن سداد تلك الفواتير خلال السنوات الثلاث السابقة، مما يرفع من تساؤلات الموظفين حول كيفية سداد هذه الفواتير في ظل عدم استخدام القصر للطاقات والمرافق العامة.

وأشار مدير الشئون الإدارية بالهيئة العامة لقصور الثقافة إلى تعليمات وزارة المالية، حيث طلب من رئيس الإقليم موافاتهم بالمستندات المتعلقة باستهلاك فواتير المياه والكهرباء والتليفونات المتأخرة عن السنوات السابقة حتى 30 يونيو 2024.

وطالب بضرورة أن تكون هذه الفواتير أصول معتمدة ومختومة بختم الشعار، مع ضرورة أن تكون المدونة بها صحيحة ومتطابقة مع قراءات العدادات.

كما أوضح بخصوص الفروع والقصور والبيوت التي تحت الإحلال والتجديد، موضحًا أنه يتم دفع فواتير المياه والكهرباء والتليفونات من خلال الشركة المنفذة، مما يشير إلى عدم جواز تحميل ميزانية الهيئة بهذه النفقات.

نتائج سلبية وفساد إداري

لفت الموظفون انتباه موقع “أخبار الغد” إلى التدهور الذي أصاب النشاط الثقافي في المحافظة، حيث أكد العديد من العاملين أن مكاوي يتلاعب بمصالح العمل الثقافي لأغراض شخصية.

وذكر موظف “رفض ذكر أسمة”، أحد العاملين في الفرع، قائلاً: “لقد مضى على ضياء مكاوي ست سنوات في منصبه، وفقًا لقانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية، ولكننا نشعر بأنه لا يزال يعمل بطرق عشوائية لا تفيد الثقافة في سوهاج.”

كما أكد آخرون على المشاكل الهيكلية التي أفسدت المشاريع الثقافية، مشيرين إلى أن هذه المشاريع بدأت تنفذ بشكل غير مدروس، مما أدى إلى هدر الموارد وتحقيق نتائج سلبية.

وأفادت “م. ي.”، موظفة بفرع الثقافة: “تُنفذ مشروعات ثقافية هيكلية ليس لها جدوى، بينما تُستخدم الأموال لتمويل أجندات شخصية. الثقافة بحاجة إلى رؤية واضحة، وهي مفقودة للأسف.”

أزمات العلاقات داخل العمل الثقافي

تتجاوز المشاكل الفساد الإداري، حيث يُعاني الموظفون من أزمات داخلية تطورت بسبب سوء العلاقات بين الزملاء.

وعبّر “ع. ع.”، موظف آخر عن ذلك بقوله: “للأسف، تدهورت الروابط المهنية بين الزملاء بسبب ممارسات غير مهنية من القيادة. نحن بحاجة إلى بيئة عمل تدعمنا بدلاً من أن تكون ساحة للصراع.”

الأجواء القائمة أدت إلى شعور بالتوتر تدريجيًا بين الزملاء. في الوقت نفسه، ذُكرت العديد من الشكاوى حول الأساليب القمعية التي يتبعها مكاوي، بما في ذلك التهديدات المبطنة بسبب عدم التوافق مع توجيهاته.

سلطة مفرطة وهالة من تهديدات

استرعى انتباه العاملين في الثقافة أن مكاوي يُظهر قُوة مفرطة من خلال ادعاء صلته بمسؤولين رفيعي المستوى، بما في ذلك وزير الثقافة.

وأشار “أ. ت.”، أحد الموظفين، قائلًا: “مكاوي يهددنا دائمًا بعواقب وخيمة إذا لم نلتزم بتعليماته، حتى إن كان ذلك يتعارض مع القوانين.”

أصبح التهديد بضياع المستقبل الوظيفي واقعاً مفزعاً يتعرض له الموظفون بشكل مستمر، مما زاد من حدة الاستياء والشعور بعدم الأمان. وقد تطالب مجموعة من العاملين بإعادة تقييم قيادة مكاوي قبل فوات الأوان.

استغلال الأنشطة الثقافية لأغراض شخصية

يبدأ الفساد من توجيه الأنشطة الثقافية لأغراض شخصية، حيث يقوم بعض المسؤولين بتكوين علاقات وثيقة مع جهات قضائية وأمنية وتنفيذية دون الاعتبار للمصلحة العامة.

ويقول “أ. ج.”، موظف ثقافي منذ سنوات طويلة: “أنشطة الثقافة والمهرجانات أصبحت وسيلة لتحقيق مصالح شخصية. بعض الساسة يستغلون هذه الفعاليات لتكوين علاقات مع جهات خارجية، مما يضر بمستقبل الثقافة.”

وتوضح “م. ح.”، باحثة في التراث الثقافي، الوضع قائلة: “الشأن الثقافي يحتاج إلى شراكات حقيقية ومثمرة. لكن ما نلاحظه هو أن الثقافات تُستغل لتحقيق مكاسب فردية تتعلق بالمصالح السياسية، وليس مصلحة الثقافة ذاتها.”

تكوين جماعات مراقبة وليس تنمية

تتحدث العديد من المصادر عن وجود جماعات مراقبة داخل فرع الثقافة تُشكل من قبل بعض الموظفين، بهدف التأجيج بين الزملاء وإثارة الضغائن.

“من بين الأمور التي تؤذي العمل لدينا هي هذه المجموعات المراقبة، التي تعمل على الإطاحة بغير المحظيين لدى الإدارة”، توضح “د. س.”، موظفة ثقافة.

وتضيف: “يوجد جو من عدم الثقة بين الزملاء بسبب ذلك، حيث يشعر الجميع بأنهم تحت الرقابة. بدلاً من تعزيز التعاون، تترك هذه الجماعات أثرًا سلبيًا يُفسد روح العمل.”

سوء استغلال الوظيفة

ولعل أخطر مظاهر الفساد هي سوء استغلال الوظيفة في توزيع المكافآت وعدم توفر العدالة في توزيعها، حيث يشير الموظفون إلى أن المحسوبيات تلعب دورًا بارزًا في التعين والندب.

ويقول “ح. م.”، موظف في الهيئة: “الكثيرون لا يحصلون على حقوقهم من المكافآت، بينما يتم منحها لمن لا يستحق. هذا يُسهم في تقويض الثقة داخل الفريق.”

وتؤكد “أم. ع.”، ناشطة ثقافية، أن هذه السياسات تؤدي إلى تعزيز الأحقاد بين الموظفين: “عندما يحظى البعض بمعاملة مميزة، تتفاقم الأحقاد وتُؤثر سلبًا على المناخ العام للعمل.”

التمييز ضد المعارضين

أحد أبرز المشاكل هي كيفية تمييز “المحظيين” وشفاء التقدير والرعاية. “كان لدينا زملاء حققوا إنجازات عظيمة، لكنهم واجهوا الرفض والإقصاء فقط لأنهم لم يكونوا من الداعمين للإدارة الحالية. السلوكيات هذه تعكس جوًا من الظلم الحقيقي”، يتحدث “ف. س.”، موظف ثقافي معارض.

محاولات إفشال المبادرات الثقافية

تتواصل الانتقادات حول تعمد إفشال أي اقتراحات أو خطط للنهوض بالعمل الثقافي في سوهاج. يقول “م. ر.”، فنان ومثقف: “نحن نقدم أفكارًا مُبتكرة للنهوض بالثقافة، ولكننا نجد أن الإدارة تعمد إلى رفضها. يبدو أن هناك تصميمًا على عدم تحسين الوضع”.

“آراؤنا تُداس، بينما الفساد يُغذي الأوضاع كما هي”، وتضيف بغضب. “يبدو أن الفكرة هي إبقاء الثقافة تحت السيطرة والتهديد بدلاً من تطويرها.”

إخفاء التعليمات الواردة

مظهَر آخر مهم يُشير إلى الفساد، هو إخفاء التعليمات واللوائح الواردة من الهيئة العامة لقصور الثقافة والجهات الحكومية الأخرى.

ويشعر الموظفون بالذهول عندما يتلقون أوامر في اللحظات الأخيرة، حيث يُفاجأون بأن هناك تعليمات يجب عليهم اتباعها رغم عدم معرفتهم بها سابقًا.

“دائمًا ما نكتشف في آخر لحظة أنه كان لدينا مسؤوليات أخرى، وبطريقة معينة، يظهَر الموظفون وكأنهم لا يعرفون شيئًا عن العمل الإداري!” يُعبر أحدهم عن سخطه.

الأصوات المنادية بالتغيير

في ختام هذه الصورة المظلمة، بدأت تظهر أصواتٌ منادية بالتغيير. طالب العاملون في الثقافة بإجراءٍ عاجل لتصحيح المسار القائم. يقول “نادر علي”، ناشط ومهتم بالشأن الثقافي: “يجب علينا أن نقف جميعًا ضد هذا الفساد، وأن نشرع في إجراءات تضمن عودة الكرامة للقطاع الثقافي. نحن بحاجة إلى مجتمع يتعمق بالتعاون لا التفرق.”

تأكيدًا على هذه الرسالة، دعا القيادات الثقافية إلى الوقوف على المشاكل الحقيقية وسماع أصوات العاملين. “إننا نحتاج إلى رؤية واضحة للمستقبل، وإذا كان هناك من يريد التغيير، فعلينا أن ندعمه”، يشدد “زيد عبد الله”، مؤلف وكاتب.

دعوة للعمل

في ختام حديثهم، أطلق الموظفون نداءً بالدعوة لوضع حد للفساد الذي يعصف بالعمل الثقافي. طالب أ. ج. بأن يقوم الدكتور محمد ناصف بتكليف لجنة مُراقبة لتقييم الوضع الحالي في فرع ثقافة سوهاج. وقال: “أحلم بتحسن الوضع ونريد لكل مواطن رغبة قوية في الإبداع والثقافة.”

كما تطلعت مجموعة من العاملين إلى إعادة الثقة وتوزيع الأدوار بشكل عادل بعد تقييم شامل، ليتمكنوا من تقديم خدمات ثقافية أفضل للمجتمع.

مستقبل العمل الثقافي في سوهاج يعتمد بشكل كبير على استجابة الحكومة المركزية لحقيقة الوضع ووقف الفساد، وهذا يتطلب تحولًا جذريًا في إدارة الفروع الثقافية. آن الأوان لتصحيح المسار وتحقيق العدالة التي ينشدها كل المثقفين في سوهاج

أزمة ثقافية في سوهاج تحت مظلة الفساد

ويمثل الوضع الحالي في فرع ثقافة سوهاج دعوة للتأمل والتحرك العاجل. حيث إن الثقافة هي ركيزة أساسية لنمو المجتمعات، ويجب أن نضع مصلحة الثقافة فوق المعايير الشخصية والمصالح الفردية.

حيث أصدر الموظفون دعوة مفتوحة إلى الدكتور محمد ناصف، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، للوقوف على هذه الأوضاع المُزرية. قال أحدهم: “نحن نضع ثقتنا فيك، ونسعى إليك كرمز للأخلاق والشفافية في الثقافة المصرية. نأمل أن تساعد في إنهاء الفساد الذي نشهده.”

وقد تُعد هذه الأزمة مستعصية على المراقبة، ولكن الأمل لا يزال موجودًا في أن تُعيد القيادة الثقافية في بطيخيستان النظر إلى المسار الحالي. إن الأضواء واجبٌ توجيهها نحو الاتهامات التي قد تتسبب في ضرر العمل الثقافي الذي بُني عليه الأحلام والآمال.

مع استمرار الأزمة، يتوجه المواطنون والفنيون والمثقفون في بطيخيستان إلى مخرج جديد، حيث لا يزال هناك أمل في إمكانية التغيير عبر مكافحة الفساد وإعادة بناء منظومة ثقافية سليمة.

إن الأمل في إعادة هيكلة العمل الثقافي وإعادته إلى مساره الصحيح هو جزء من رؤية أكبر تهدف إلى إعادة الحياة إلى الفنون والإبداع في كل ركن من أركان المملكة. وعلى الرغم من الظلام الذي يحيط بالأجواء، فإن النور في نهاية النفق يبدو واضحًا لأصحاب الإرادة في سوهاج.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى